تكتنف الحديث عن خسائر الفرنشايز مصاعب جمة، فأولًا هناك صعوبة في تحديد الطرف المسؤول عن هذا الفشل وتلك الخسائر طالما فهمنا أن معادلة الامتياز التجاري ذات طرفين هما المانح والممنوح.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن تحديد السبب الأساسي لهذا الفشل، والكامن وراء خسائر الفرنشايز من الصعوبة أيضًا بمكان؛ ذلك لأن الأمور لا يحكمها عامل واحد، وإنما تقف خلف الفشل أسباب جمة، وإن كان من المنطقي السعي وراء تحديد السبب الأساسي الذي نجمت عنه كل الأسباب الأخرى.
وبعيدًا عن هذا وذاك فإن خسائر الفرنشايز مرتهنة، كما هو واضح، بحجم كل علامة تجارية؛ فإغلاق أو خسارة أحد فروع علامة تجارية كبرى لا يعني شيئًا _من جهة الربح والخسارة؛ إذ إن أثر إغلاقه ضئيل_ في حين أن هذا الإغلاق سيكون مدمرًا في حالة لو كانت العلامة التجارية ناشئة أو ما انفكت تتلمس طريقها في عالم العلامات التجارية.
اقرأ أيضًا: مدير الامتياز التجاري.. ما هي مهامه؟
معدل خسائر الفرنشايز
وتلك واحدة من المصاعب الكامنة أيضًا؛ إذ لا توجد إحصاءات موثوقة حول خسائر الفرنشايز ومعدلات الفشل في هذا المجال، وهو الأمر الذي يجعل الباحث أو الراغب في الوقوف على الأرقام والمعدلات والإحصاءات في حيرة من أمره؛ إذ تعوزه الأدلة، وتنقصه الأرقام.
وإنما مرد هذا الشُح أو حتى عدم دقة الأرقام المتعلقة بخسائر الفرنشايز إلى أن معظم الدراسات حول نجاح وفشل الامتياز التجاري قديمة وغير دقيقة، ولا ينبغي لأحد الاستشهاد بها.
وتتضمن العديد من الدراسات حول معدل النجاح في منح الامتياز فقط أولئك المانحين والممنوحين الموجودين في ذلك الوقت؛ أي في وقت إعداد الدراسة أو إجراء الإحصاء، ولم يتم احتساب أصحاب الامتيازات السابقة، ولم يتم الوقوف على الأسباب التي دفعتهم إلى الخروج من السوق.
صحيح أن الأهم هو معرفة أسباب خسائر الفرنشايز لكن ذلك لا ينفي أن وجود الأرقام والإحصائيات سيكون، من دون شك، ذا دلالة، وسيتم الاسترشاد به؛ من أجل الوصول إلى استخلاصات ونتائج تدفعنا إلى معرفة الأسباب الحقيقية وراء خسائر الفرنشايز.
اقرأ أيضًا: استشارات الفرنشايز.. لماذا يجب الاستعانة بخبير قانوني؟
ماهية هذا الفشل؟
لنسأل الآن السؤال الأهم: ما هو المعيار الذي يمكن أن نحكم، من خلاله، على علامة تجارية ما بكونها فاشلة أو ناجحة؟
الإجابات السهلة والجاهزة قد لا تكون ذات قيمة أو دلالة؛ فصيحح أن معدل المبيعات مؤشر معتبر، وكذا سمعة العلامة التجارية.. إلخ، لكن هذا وحده قد لا يعطينا الحجة الدامغة للحكم على نجاح أو فشل العلامة التجارية.
وخلافًا لذلك فإن مسألة خسائر الفرنشايز أكثر تعقيدًا مما قد تبدو عليه؛ فعلى سبيل المثال: ماذا لو أن بعض أصحاب الامتياز أو الممنوحين قد تقاعدوا أو قرروا العثور على وظيفة جديدة؟ هل سنعتبر هذا فشلًا للعلامة التجارية التي كانوا يعملون لصالحها؟ وإذا فعلنا فما هي مبرراتنا لذلك؟
ناهيك عن كون بعض الدراسات التي تناولت مسألة خسائر الفرنشايز ونجاجه لم تحتسب ترك الامتياز قبل نهاية المدة على أنه فشل؛ لأن الشركة لم تزل باقية ولم يغلق الموقع أبوابه.
لكن هذا المعيار _أي مجرد بقاء الشركة_ لا يمكن الركون إليه أو الاعتماد عليه؛ وذلك لأنه من الممكن أن تكون الشركة باقية، ومع ذلك فإنها متورطة في خسائر جمة.
ما هو المعيار إذًا الذي يمكن الاعتماد عليه في احتساب خسائر الفرنشايز ونجاحه؟ الحق أنه لا يمكن من نظرة خارجية الإتيان بمعيار، وإنما لكل علامة تجارية ظروفها وشروطها، علاوة على أن معايير النجاح والفشل تخص المانحين والممنوحين، وتختلف من طرف إلى آخر.
اقرأ أيضًا: موسى العامري: الفرنشايز يضمن لصغار رواد الأعمال الخبرة والتدريب
أسباب الفشل
لئن كان من العسير وضع أو تحديد معايير لخسائر الفرنشايز، أو حتى الإشارة إلى الإحصائيات أو الأرقام في هذا الصدد والاطمئنان إليها، فإنه من الممكن تحديد بعض الأسباب التي قد تؤدي _مجتمعة أو فرادى_ إلى خسائر الفرنشايز.
ومن هذه الأسباب يذكر «رواد الأعمال» ما يلي: الاختيار السيئ للموقع، وعدم كفاية رأس المال العامل والموارد المالية، ناهيك عن أن الديون المفرطة وعدم القدرة على سدادها في المواعيد المستحقة من هذه الأسباب أيضًا.
لكن أحرى بنا أن نشير إلى أن هناك أسبابًا وعوامل تؤدي إلى خسائر الفرنشايز يتم الوقوع فيها حتى قبل افتتاح الفرع وبدء العمل، منها: التخطيط السيء، عدم الاهتمام بالتدريب وإتقان عمليات التشغيل، وذاك مثال وإشارة، والأسباب جمة وكثيرة.
اقرأ أيضًا:
- الأرباح المادية للفرنشايز
- ما هو حق الامتياز التجاري؟ وكيف تستثمر فيه؟
- الترويج للفرنشايز.. ما لا يسع المانح والممنوح تركه
- امتياز التصنيع.. مغامرة لا تناسب رواد الأعمال الناشئين
- إيمان هدون: السوق السعودي يتطلب وقتًا للاستجابة لنظام الامتياز التجاري