الكاتب الحقيقي هو الذي يثير حالة من الجدل حول عمله ومنتجه الفكري، هو الذي ينير درب السؤال، جورج أورويل ؛ الذي تحل ذكرى ميلاده يوم 25 يونيو، واحد من هؤلاء الكتاب بلا شك.
كان جورج أورويل واحدًا ممن حملوا لواء قضايا العدالة الاجتماعية والدفاع عن حقوق الإنسان؛ لذلك سنحاول في «رواد الأعمال» الإشارة إلى أبرز أعمال جورج أورويل لعلها تكون فاتحة وبابًا لإعادة اكتشافه والتعرف عليه من جديد.
فمن المعروف أن النصوص، العظيمة على وجه الخصوص، هي التي تتخطى محيطها الجغرافي وحاجزها الزمني؛ لما تنطوي عليه من كثافة رمزية، وعمق رمزي، وقضايا عالمية، وكل هذه تجتمع في أعمال “أورويل”.
اقرأ أيضًا: “هدى شعراوي”.. رائدة تمكين المرأة
«متشردًا في باريس ولندن»
هذا هو أول عمل محكم ومكتمل الأركان من الناحية الفنية، والذي أصدره عام 1933م، وقل أن ينتبه إليه أحد؛ حيث كُتب في مرحلة مبكرة؛ إذ نشر هذا الكتاب تحت اسمه الحقيقي إريك آرثر بلير.
وعلى الرغم من حداثة سن الكاتب إلا أنه مكّننا من توقع ما سيدافع عنه من رؤى وما سيتبناه من قضايا. يحكي الكتاب حكاية أورويل ذاته حين كان مشردًا بين باريس ولندن، لا هدف له سوى الحصول على ما يسد رمقه.
واضطر إلى العمل في الكثير من المهن، والتي من بينها «غاسل أطباق» في مطعم، وهي المهنة التي يسميها هو ذاته «عبودية العصر الحديث». كما تحدث عن عوالم الفقراء والمتسولين ومن لا مستقبل لهم، وهم أولئك الذين سيتبنى قضاياهم والدفاع عنهم.
اقرأ أيضًا: 10 معلومات عن ألويس آلزهايمر
«مزرعة الحيوان»
تلك هي أشهر رواياته على الإطلاق، وإنما تكمن عظمة هذه الرواية ليس في تنديدها بالظلم؛ وإنما في الكيفية التي قيل بها ذلك، في جموح خيال الكاتب، وفي الرمزية المفرطة التي اُستخدمت فيها.
وتمكن المؤلف، في هذه الرواية، من إتقان «فن ألا يقول المرء إلا ما يريد قوله» كما كان يقول الشاعر الفرنسي «فرانسيس بونج».
تروي الرواية قصة اثنين من الخنازير قررا القيام بثورة بدافع من أفكار خنزير ميت، يرحل البشر المقيمون في هذه المزرعة، وهل ثمة مكان لبشر في عالم يحكمه الخنازير؟! ثم تنادي الخنازير بالعدالة وإرساء نظام قائم على الإنصاف الاجتماعي، سوى أن ما فُعل غير ما قيل.
وأنشأ خنزير وشريكه نظامًا استبداديًا يحمل شعار «جميع الحيوانات متساوية، ولكن بعض الحيوانات أكثر مساواة من غيرها».
وكما ترى فرغم الرمزية المفرطة في هذه الرواية، إلا أن المعنى المقصود واضح تمامًا، لكنه متروك، على الرغم من ذلك، لحس القارئ التأويلي وذائقته.
اقرأ أيضًا: رواد الفن التشكيلي في العالم.. الشهرة والتقييم
رواية «1984»
تقوم الرواية على التنديد باستبداد «الأخ الأكبر» وفرض رؤيته على العالم والوجود والأشياء، فالرواية تمتاز بعمقها الدلالي، وكثافتها الرمزية، وبعديها السياسي والاجتماعي في الوقت ذاته، وليس من الغريب أن يأتي فلاسفة وعلماء اجتماع ليتناولوا هذه القضية ذاتها.
ومن أبرز هؤلاء، من دون شك، ميشيل فوكو؛ صاحب الكتاب الشهير «المراقبة والمعاقبة»، والذي يحاول من خلاله استقصاء فكرة المراقبة في المجتمع الحديث، وفي مؤسساته المختلفة.
ومن بعده جاء عالم الاجتماع زيجمونت باومان؛ صاحب مشروع السيولة، والذي وضع كتابًا كاملًا أسماه «المراقبة السائلة»، وهناك غيرهما بطبيعة الحال.
اقرأ أيضًا:
أمل دنقل.. «ومتى القلب في الخفقان اطمأن؟!»
بعد رحيله.. أهم أعمال كارلوس زافون المترجمة للغة العربية
«تشارلز ديكنز».. الوظيفة الاجتماعية للأدب