بين عشية وضحاها كان العالم بصدد التفكير في الحلول البديلة؛ من أجل البقاء، والعمل على تطوير القطاعات المختلفة، بينما يواجه انتشار فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19″؛ الأمر الذي جعل التسرع نحو التحول إلى إنترنت الأشياء في التصنيع، ودخول العالم العربي في الثورة الصناعية الرابعة، من الضروريات التي تساعد الاقتصاد.
لم تكن الإجراءات التي فرضتها الحكومات العربية لمواجهة جائحة كورونا، والتي أدت إلى إعاقة حركة نصف سكان الأرض، لتترك القطاعات الاقتصادية بدون حزم ومبادرات تساعد في مواجهة الأزمة الحالية.
ظهر التأثير الاقتصادي ملموسًا، خاصة في عدد من القطاعات، مثل الطيران وصناعة السيارات وتجارة التجزئة والنفط والغاز، إضافة إلى قطاع الصناعة الذي بات يعاني من انخفاض الطلب وتعطل سلاسل الإمداد العالمية، ونقص الأيدي العاملة؛ بسبب الإصابات وإجراءات الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي، ما أدى إلى تعليق خطوط إنتاج عديدة.
تسببت الأزمة في تعديل الشركات لقدراتها التصنيعية؛ حتى تتناسب مع المطالب المتغيرة، في الوقت الذي استمرت فيه شركات أخرى في الإنتاج بالمعدل ذاته.
وكانت الثورة الصناعية الرابعة مصدرًا للتطور الذي شهده قطاع التصنيع في الأعوام السابقة، ما جعل خبراء المنتدى الاقتصادي العالمي يصفونها بأنها المحرك المقبل للنمو الاقتصادي.
وتشير الثورة الصناعية الرابعة إلى التداخل المتزايد بين المجالات المادية والرقمية والحيوية، بدعم من التقنيات الحديثة، مثل: الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والبيانات الضخمة، وإنترنت الأشياء، والأتمتة، إلى جانب الطباعة ثلاثية الأبعاد.
وفي ظل الأزمة التي يعاني منها العالم أصبحت الثورة الصناعية الرابعة بمثابة المنقذ للعديد من القطاعات، وشهد العالم ذلك بالفعل، حينما عانى من نقص المستلزمات الطبية، وأجهزة التنفس الصناعي، ما دفع الشركات المتخصصة إلى تسخير كل قدراتها لمواجهة هذا العجز.
من جهتها، تمكنت الطباعة ثلاثية الأبعاد من إثبات نجاحها في مواجهة العجز العالمي؛ حيث ساهمت في الإبقاء على خطوط الإنتاج والحفاظ على الوظائف في عدد كبير من الدول.
كان استخدام شركة “فورد” لصناعة السيارات، قدرات الطباعة ثلاثية الأبعاد الموجودة لديها لإنتاج أجزاء الأدوات الطبية وأقنعة الوجه، شيئًا لافتًا للانتباه، بينما خططت شركة “فولكسفاجن” لاستخدام طابعاتها ثلاثية الأبعاد التي يبلغ عددها 125 في إنتاج أجهزة التنفس الاصطناعي، وغيرها من الأجهزة الطبية.
وعلى الرغم من قلة عدد المصانع التي تعتمد بصورة كبيرة على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة؛ إلا أن الدراسات أشارت إلى أن السبب في بطء الاعتماد على إنترنت الأشياء ليس التكلفة وإنما نقص الوعي.
ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة زيادة في استخدام التقنيات الحديثة، رغم مخاطر الأمن السيبراني للأجهزة المتصلة بشبكة الإنترنت. وبدأت العديد من الدول العربية خطوات نحو أتمتة القطاعات، والاعتماد على الطرق غير التقليدية؛ حرصًا على البقاء.
الإمارات العربية المتحدة
أعلنت دولة الإمارات عن اتخاذ التدابير الوقائية التي تطبقها دول العالم؛ للحد من انتشار وباء فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19″، والتي أكدت أنها على وشك إجراء تغييرات جوهرية على طريقة الأعمال، وطرق التصنيع والتعليم والتشريع.
من جهته، أوضح بدر العلماء؛ رئيس اللجنة التنظيمية للقمة العالمية للصناعة والتصنيع في الإمارات، أن تقنيات الثورة الصناعية الرابعة تملك جوانب إيجابية كثيرة في مثل هذه الأوقات الصعبة، والتي يمكن أن تساعد في استرجاع كثير من النشاطات اليومية وتجاوز التحديات غير المتوقعة.
وأكد أن التكنولوجيا وحلول الاتصال الرقمية تتيح لكثير من الموظفين العمل والتواصل عن بُعد خلال فترة الحجر الصحي، بينما تساهم في توفير أنظمة تعليمية بديلة للطلبة في مختلف أنحاء العالم لمواصلة تعليمهم بأمان.
وشدد على أن تقنيات الثورة الصناعية الرابعة ستساهم في استرجاع النشاطات الاجتماعية والاقتصادية، ما يساعد في تحليل البيانات الضخمة من تتبع مدى وسرعة انتشار الوباء ووضع خرائط تفاعلية توفر معلومات حيوية عنه للحكومات وأنظمة الرعاية الصحية.
وبالنسبة للإمارات؛ فإن تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة ستمكّن الشركات من مواصلة أعمالها؛ حيث تتيح تقنية البلوك تشين توقيع العقود بأمان عبر الشبكات الرقمية، كما يمكن لتقنيات الذكاء الصناعي اتخاذ القرارات المهمة في عمليات التصنيع.
من جهتها، أكدت مؤسسة دبي للمستقبل، ضمن تقرير لها، جاهزية قطاع الاتصالات في الإمارات والعالم العربي، للاعتماد بشكل أكبر على تكنولوجيا الاتصال عبر الإنترنت في قطاعات التعليم والعمل وغيرها من القطاعات الحيوية، بينما أشار التقرير إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تعمل على تكييف وتطوير الأنظمة والتشريعات الحالية، بما في ذلك إدخال أطر ناظمة جديدة لخدمات الحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء.
وكانت الجهات الحكومية وشركات الاتصالات في الإمارات أطلقت عددًا من المبادرات؛ بهدف دعم الأعمال والأفراد منذ المراحل الأولى لبداية انتشار “كوفيد-19” في العالم.
وحافظت الإمارات على المركز الأول في مؤشر نسبة تغطية الهاتف المتحرك للسكان، ومؤشر مستوى المنافسة في قطاع الإنترنت والهاتف، ومؤشر الاشتراكات في النطاق العريض المتنقل.
مصر
بهدف إتاحة تطبيقات متكاملة للشباب والشركات الناشئة في مجالات متعددة؛ افتتح مؤخرًا الدكتور عمرو طلعت؛ وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري، أكاديمية إنترنت الأشياء بمعهد تكنولوجيا المعلومات ITI التي تم إنشاؤها بالشراكة بين المعهد وأكاديمية البحث العلمي.
وتستهدف أكاديمية إنترنت الأشياء الاهتمام بالجامعات الذكية، والصحة، والتعليم، والنقل، والطاقة، والماء، على أن تتضمن معملًا لإنترنت الأشياء بمقر المعهد بالقرية الذكية؛ حيث يتيح 6 تقنيات لاسلكية في مجال إنترنت الأشياء IOT، إضافة إلى مجموعة من تطبيقات إنترنت الأشياء للهواتف المحمولة.
يأتي ذلك في إطار استراتيجية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للمساهمة في تنفيذ رؤية الدولة لبناء الإنسان المصري من خلال إتاحة البرامج التدريبية الخاصة بالتقنيات البازغة وتحديدًا في مجالات الأمن السيبراني وإنترنت الأشياء والبلوك تشين.
وتهتم الوزارة المصرية بإعداد المتدربين في مجالات التكنولوجيا المتقدمة؛ والتي تمثل أهمية كبرى من أجل تحقيق التحول الرقمي. كما تهتم بإعداد الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، وإنشاء أول جامعة متخصصة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بإفريقيا والشرق الأوسط، وكذلك تدشين 6 مجمعات للإبداع التكنولوجي داخل جامعات إقليمية للتدريب ولدعم الابداع وريادة الأعمال.
المملكة العربية السعودية
أكد عبد الله بن عامر السواحة؛ وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، أن الدولة تحرص على دعمها للفِكر الإبداعي والابتكاري؛ لتحفيز الشباب على تحويل أفكارهم إلى أعمال وأنشطة تساهم في جهود التنمية الجارية من خلال رؤية 2030م.
وتسعى وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات إلى تحويل المملكة إلى نافذة لتطبيقات انترنت الأشياء في المنطقة، وبحث أفضل السبل للوصول إلى ذلك من خلال نقل الخبرات العالمية، وتيسير الحصول على التمويل المناسب. وتمتلك المملكة فرصًا كبيرة في تطبيقات إنترنت الأشياء، خصوصًا أن هذا السوق لا يزال في بدايته.
ولفت “السواحة” إلى أن إنترنت الأشياء والثورة التقنية الجديدة ستدخل في مختلف مناحي الحياة من زراعة وصناعة وصحة وتعليم ونقل وغيرها، ما يعني أن حجم الاستثمارات سيكون كبيرًا جدًا.
وتعمل المملكة مع مختلف الجهات المعنية على توفير كل ما من شأنه توفير بيئة آمنة لتقنية إنترنت الأشياء وما يتعلق بها، من خلال تصميم بنية تحتية ملائمة لمنع عمليات الاختراق والعبث في الأجهزة.
وُتعتبر المملكة العربية السعودية أن انترنت الأشياء ستمكن الأشياء من الاستشعار وتجعلها محسوسة بحيث يمكن التحكم فيها عن بُعد عبر بنية تحتية فعلية للشبكة، ومن ثم توفر فرصًا للمزيد من الدمج المباشر للعالم الحقيقي في أنظمة الحاسب الآلي. وينتج عن ذلك في النهاية تحسين الكفاءة، والدقة، والمنفعة الاقتصادية.
الكويت
أكدت دولة الكويت نيتها إطلاق تطبيق إلكتروني جديد يهدف إلى متابعة كل أفراد المجتمع إلكترونيًا، في خطوة جاءت بعد اتخاذ عدد من إجراءات التعامل مع المواطنين العائدين من الخارج في إطار خطة الإجلاء الثانية، ألزمت إثبات المسافر تسجيل بياناته في التطبيق الإلكتروني للوزارة «شلونك» كشرط لتسليمه بطاقة ركوب الطائرة.
ومن المقرر أن تلجأ الكويت إلى اعتماد العديد من التطبيقات، فضلًا عن الاعتماد على التقنيات المتطورة والثورة الصناعية الرابعة؛ من أجل الانتقال إلى حقبة جديدة من نجاح القطاع الصناعي.
اقرأ أيضًا:
معتز السليم لـ “رواد الأعمال”: الأزمات تصنع حلولًا مبتكرة وفرصًا ريادية
الغدير: هاكاثون المنشآت الصغيرة والمتوسطة يقدم الحلول في ظل أزمة كورونا
هاني رجب لـ”رواد الأعمال”: هاكاثون SMEs يصنع الفرص في وقت الأزمات