انطلق، مؤخرًا، معرض أكاديمية الفنون المجتمعية «عالم مشاعل» للمشروعات، والذي ضم تنوعًا فنيًا مذهلًا من مشاريع ودراسات ومبادرات قدمتها الطالبات الخريجات كمشاريع تخرج.
معرض عالم مشاعل
وأتاح المعرض للخريجات الفرصة لعرض وتسويق مشاريعهن وابتكاراتهن الذكية والرقمية بأفكار متطورة تُحاكي الحاضر والمستقبل وتحافظ على هوية الماضي؛ حيث تواكب تصاميمهن ما تشهده المملكة العربية السعودية من نقلة عملاقة، ونهضة، وتطور وازدهار؛ من خلال رؤية 2030.
واستطاعت المهندسة مشاعل العيدان؛ الرئيس التنفيذي والمشرف العام على معرض «عالم مشاعل»، أن تُحول المكان إلى واحة أعمال ريادية وصناعة الأفكار الهندسية الممزوجة بالفن المعماري، ظهرت ملامحها في المشاريع الرقمية على الطراز المعماري الحديث والذي يحمل رؤية تطويرية تليق لكل زمان ومكان.
وقالت “العيدان”: أنا فخورة اليوم ببناتنا الطالبات السعوديات بنات بلدي المشاركات بمبادراتهن ومشاريعهن المستقبلية (حلم الغد).
وتابعت: أصبح لدينا اليوم الكفاءات البشرية والطاقات والمهارات وعليكم يا رجال الأعمال المساهمة بإمكانياتكم المادية ودعمكم اللوجيستي أيضًا؛ لتحقيق أحلام بنات الوطن، فهن بحاجة لوقفتكم ووقفة الجميع حتى نرى تلك المخرجات الهندسية على أرض الواقع؛ لتلحق المرأة بالركب في مجال الهندسة والتصميم.
واستطردت: أشكر حضوركم وحضور الجميع ومساندتكم، فهي تُعتبر نقطة الانطلاق، ورغبتكم في تحقيق الاستثمار للعقول والذكاء والابتكار وصناعة الرواد في الهندسة المعمارية والتصميم الداخلي.
إشادات الخبراء
من جهته، عبّر المهندس حمد إبراهيم اللحيدان؛ عضو مجلس إدارة “الجمعية السعودية لعلوم العمران”، عن إعجابه بالمشروعات المشاركة بقوله “إن هذا الجيل اليوم أُتيحت له من الفرص والإمكانات ما لم يُتح للأجيال السابقة؛ حيث تعاملنا مع المعرفة والمعلومات بشكل شاق فيما مضى من السنين، لكن اليوم أصبحت المعلومات والمعرفة متاحة بكامل محتواها في الشبكة ولم يعد هناك مشقة وصعوبة في الحصول عليها، وبتوفر تلك الإمكانيات التقنية الرقمية يستطع المهندس أو المعماري أن يصمم باَحترافية وهو في أي مكان، وينتج في مكان آخر.”
وأشاد “اللحيدان” بفكرة معرض “عالم مشاعل”، الذي منح الطالبات المهندسات فرصة عرض أعمالهن وتصاميمهن الوطنية، كما اقترح استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة مفيدة؛ لنشر وتسويق أعمالهن.
وعن رؤية الأعمال على الواقع، يقول إنه حينما يرى المصمم تصميمه على أرض الواقع يشعر بالنجاح الفعلي، فالتصميم الهندسي والمعماري ليس مجرد رسم فني، بل هو فن وظيفي يفتخر المصمم بتنفيذه فعليًا.
وأهاب بمكاتب الخبرة ودورها في احتواء وتوجيه تلك الدراسات النظرية والتصاميم الهندسية المستقبلية الرقمية، مؤكدًا أن جمال التصميم يتطلب خيالًا واسعًا، فإذا منحناهم كل الوسائل الرقمية أنتجوا في كل المجالات، خاصة مجال التصميم، والذي يتطلب أن يكون الشخص ذا إحساس فني عالٍ.
وتابع: “إن المهندس اليوم أو المعماري يستطيع أن يجوب العالم وهو في مكتبه؛ من خلال مطالعته وتصفحه لمئات من النماذج الرقمية، في عالم الفضاء الواسع من الشبكة العنكبوتية”.
وأضاف: أصبح من المفترض أن مناهج التعليم وطرق التدريب تتماشى مع الجيل الرقمي؛ حتى يستفيد منها؛ لأنها تمنح الطلبة طاقة كبيرة من الإبداع، ولاحظتُ في المعرض أن هناك استخدامًا من بعض الطالبات الخريجات لبرنامج (3d) ثلاثي الأبعاد، الذي يمكنك من أن ترى وتتعرف على المشروع قبل تنفيذه على أرض الواقع، وهذا يدل على سهولة التصميم، فلا يختلف الواقع الافتراضي في التصميم عن الواقع.
من جانبه، قال مبارك العدوس؛ عضو جمعية الأمير سلطان بن سلمان للإعاقة ورجل الأعمال، خلال جولته في المعرض، “نحن بحاجة لمثل هذه الأفكار والابتكارات، لا سيما أننا كنا كَمهندسين نرسل طلبات التصاميم الهندسية لخارج المملكة العربية السعودية للمكاتب الأجنبية، أما اليوم فتوجد كفاءات سعودية، خاصة مع التطور الذي يحدث وتسارع التقنية والتكنولوجيا، لافتًا إلى أن المرأة السعودية حققت التميز والريادة، إضافة إلى النجاح في سوق العمل بجانب الرجل.
وأشار “العدوس” إلى أن مشروع أطفال السرطان الذي يهدف إلى تحسين بيئة حياتهم، أهم المشاريع المعروضة، مؤكدًا ضرورة التعاون بين كل الجهات؛ بحيث يتم التنسيق وتقديم الدراسة والتصميم بشكل أدق ومختصر من بداية المشروع، ثم نعمل على تطويره، خاصة أن حكومتنا الرشيدة لم تُقصر أبدًا في تقديم الدعم في مختلف الجوانب؛ إذ أولت اهتمامها بهذه الفئة الغالية علينا جميعًا بشكل بارز. ويتبقى دورنا كمسؤولية مجتمعية فعلينا أن نساهم في المشاريع الخيرية.
على جانب آخر، قال الشيخ صالح بترجي؛ رجل أعمال وعضو في العديد من الجمعيات، “أنا مقتنع اقتناعًا تامًا بأن المرأة السعودية أخذت حقها ودورها بالكامل؛ إذ أصبحت مبدعة في سوق العمل وها هي اليوم، كما نشاهدها في هذا المعرض العالمي الرقمي، في تخصص ومجال الهندسة والفن المعماري والتصميم الداخلي، مشيدًا بمجهود المهندسة مشاعل العيدان؛ كسفيرة لفن التصميم الداخلي لتحوله إلى ورشة عمل للخريجات في أجواء تفاعلية، مؤكدًا أن بناتنا يحتجن منا كل الدعم والاحتواء والنصيحة، معبرًا عن إعجابه بالمشروعات والأفكار المعروضة.
ولم يخلُ المعرض من عرض المشاريع الخيرية والإنسانية، ومنها مشروع تحسين بيئة أطفال السرطان، مشروع تحسين البيئة المدرسية للطفولة المبكرة، لا سيما أن وزارة التعليم الآن مهتمة به بشكل كبير، ومن الأفكار المعروضة أيضًا مشروع إعادة تنظيم الأسواق الشعبية والحفاظ على هويتها.
وقال المهندس المعماري مساعد القفاري، الذي حضر المعرض ووثق أعمال الطالبات الخريجات، واجبنا كمعماريين قدامى أن نحضر هذه الفعاليات ونوجه ونقوم ونشجع وندعم كل مبدع.
وأضاف: ففي الجامعات نحضر المناقشات لمشاريع التخرج، وعدد البنات قد يكون أكبر من الشباب، خاصة جامعة الأميرة نورة والأمير سلطان والملك سعود وغيرها، والمصممة “مشاعل” احتوت البنات وقدمت لهم الدعم المتكامل من خلال مكتبها، وهذا واجبنا أن ندعم كل أعمالهن الرائدة.
حديث الخريجات عن مشاريعهن
قالت الطالبة جميلة المالكي “فكرة المشروع تقوم على إنشاء أكاديمية للفنون السينمائية الأولى من نوعها في السعودية، وهي لا تخدم الطلبة والكادر التعليمي فقط وإنما الزوار أيضًا بوجود معرض ومسرح خاص؛ حيث تُركز فكرة الأكاديمية على توفير جميع الاحتياجات الأساسية للطلبة بطريقة فريدة من نوعها وجمالية في تصميمها وتوظيف واستغلال المساحات الداخلية والخارجية لخدمة مستخدميها.
وأضافت: كما يوجه تصميم الأكاديمية إلى استخدام خامات مستدامة لدعم وحماية البيئة؛ لأنه من واجبات المصمم أخذ مثل هذه الأمور بعين الاعتبار تجاه البيئة المحيطة به، لافتة إلى أن العديد من الزوار والمختصينَ أشادوا بالمعرض ومشاريعه التي صُمم غالبيتها وفق الرؤية السعودية ٢٠٣٠، وما تشهده من تحديث وتنوع يسعى لتطوير جانب ثقافي بالمجتمع، فالفنون السينمائية تمس ثقافة المجتمع؛ لأنها تصور وتعرض حقيقة أو تربط الحقيقة بالخيال.
أما اشيخة الربيش؛ الطالبة الخريجة من هندسة داخلية، فقالت: “أنا خريجة هندسة داخلية، قدمت مبادرتي ومشروعي الذي يحاكي البيئة المدرسية الابتدائية ويستهدف الطفولة المبكرة، وتحسين البيئة المدرسية باستخدام التصميم الداخلي الذي يصنع التميز لدى الأطفال ويحفزهم لإنتاج أكبر وقبولهم وحبهم لمدارسهم، ومشروعي يبرز طريقة تحسين البيئة المدرسية التعليمية والتدريبية للطفل”.
وأضافت: بناءً على دراستي وملاحظتي الشخصية اكتشفت بعض المشاكل الكبيرة التي تؤثر في الطفل سلبًا؛ ومنها الدرج، ومن خلال تصميمي للدرج تم حل هذه المشكلة؛ حيث استخدمت مساحة الدرج المدرسي لخدمة الأطفال؛ بحيث خصصت به مواقع للقراءة، ولم يصبح مجرد درج عادي للصعود والنزول، وأنا أحلم في مشروعي بأن تكون بيئة المدرسة كمبنى يمثل ارتباط كل طفل مع منزله وأسرته وإحساسه بالملكية، وأن المدرسة جزء لا يتجزأ من حياته.
أما المهندسة العنود بخيت فتحدثت عن مشاركتها قائلة “حرصت على إعادة هيكلة تصميم الأسواق الشعبية مع محافظتها على كامل هويتها من خلال نموذج “أسواق طيبة”، الُمحافظ على الهوية الشعبية التراثية بكامل مرافقه؛ بما فيها جلسات الترفيه وجلسات للراحة وطرق البيع، وأنشأت أماكن متفرقة في السوق للصلاة ومنطقة أكل مستوحاة من التراث الشعبي والحجازي بتنوع بيئات السعودية التراثية، وكذلك طرق لتسهيل دخول وخروج ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى تصميم يسعى لتنظيم طريقة البيع التقليدي، وحتى الإضاءات في السوق مستوحاة من النمط العسيري والجنوبي.
وأضافت: صنعتُ قطعة إضاءة أُوجه فيها رسالة لاستخدام مواد محلية ومتجددة مصاحبة للبيئة بتصميم معاصر، واستخدمت فيها “سعف النخيل” الذي يعتبر مادة متجددة لا تضر بالنخيل؛ لأنها تعتبر من المواد الأساسية في السعودية قديمًا، موضحة “استخدام سعف النخيل يتراجع تدريجيًا واستخدمنا مواد مستوردة، وازداد اعتمادنا على الأجانب في تصنيع وتوريد الأثاث، ولكن بإمكاننا استخدام مواد محلية والاعتماد على أنفسنا في إخراج قطع أثاث وتصاميم خاصة بوطننا وتخدم كوكبنا؛ بالحد من التلوث البيئي ونفقات الشحن وتحقيق الاستدامة”.
وقالت الخريجة شادن الصبي “هذا أول معرض أشارك فيه ومشروعي يستهدف الفنانين والمصممين؛ حيث صممتُ مقرًا وحاضنة دائمة للفنانين والمصممين والمعماريين السعوديين؛ إذ لا يوجد أي مكان مخصص لعرض مشاريعهم”.
وشاركت المهندسة فلوة سلطان آل ثقفان؛ الطالبة الخريجة، في معرض أكاديمية الفنون المجتمعية «عالم مشاعل»، من خلال مشروع أكاديمية الفنون المجتمعية، والذي يتحدث عن رؤية تصميم أكاديمية وفق رؤية المملكة 2030 في دعم المواهب والابتكار.
وقالت: ” أشكر “عالم مشاعل” الذي فتح لنا أبوابه لعرض وتقديم وتسويق مشاريعنا وابتكاراتنا، ومشروعي يتحدث عن رؤية تصميم أكاديمية لدعم المواهب والابتكارات وإيجاد وسائل الترفيه الهادفة ورفع مستوى السعادة، لافتة إلى أن الحي هو المكان المناسب لمثل هذا المشروع؛ لقربه من السكان ما يزيد من تفاعلهم”.
وتابعت: يتكون المشروع من 4 مراحل مستوحاة من مراحل نمو النبات، المرحلة الأولى تسمى الزراعة (seeding) وهي تتم عند أبواب الأكاديمية عندما يزرع الشخص بذره رغبته في النمو، والمرحلة الثانية (budding) وهي مرحلة اخضرار النبتة، وفي هذه المرحلة ينمي الشخص خصائص لديه مسبقًا، مثل العلم والمعرفة؛ وهذا من خلال المكتبة أو المهارات الاجتماعية، أما المرحلة الثالثة (flowering) فهي مرحلة تنمية الشخص من خلال تعلم مهارة جديدة.
وتابعت: والمرحلة الرابعة والأخيرة (riping) ، وهي مرحلة النضج الكامل، وهذه المرحلة ليست لها وجود في مشروعي؛ لأن ليس لها مكان فعلي، فهي قناعة الشخص بأنه وصل لأقصى معرفته لهذه المهارة الجديدة، وحتى عند إتقان هذه المهارة يمكنه تعلم مهارة جديدة.
وتابعت: كما تم مراعاة التصميم الداخلي للأكاديمية بالألوان الغنية والألوان الناعمة؛ لتعكس جميع أنواع الفنون والأنماط، وتم استخدم كمية من الدوائر لتخفف من وقع الحواف الحادة القاسية للخطة المعمارية في التصميم.
كتب- أحمد الزيلعي