تجاوزت بعض الشركات أرضية النقاش حول أهمية الممارسات الاجتماعية، وجدوى ذلك أو مردوده على العمل ناهيك عن مدى أهميته للمجتمع ككل، وراحت تفكر في كيفية تنمية المسؤولية الاجتماعية لديها؛ إذ لا يكفي أن تتبنى بعض الممارسات أو الاستراتيجيات التطوعية أو الخيرية، وإنما أن يجب أن تكون هذه الممارسات مستدامة.
بطبيعة الحال هناك فارق جوهري كبير بين تنمية المسؤولية الاجتماعية واستدامتها، لكن الخيط الناظم لها هو الالتزام المستمر بممارسات اجتماعية ولعب أدوار إيجابية في المجتمع، وضمان كون هذه الممارسات ذات نفع متعد، تفيد الشركة والمؤسسة على حد سواء.
اقرأ أيضًا: تفعيل المسؤولية الاجتماعية.. أول الغيث قطرة
لكن، وبالإضافة إلى ما فات، من الواجب الإشارة إلى أن هناك علاقة طردية تلازمية بين تنمية المسؤولية الاجتماعية لدى شركة ما ونجاحها في أداء الدور المنوط بها، ومن المعلوم أن هذا الدور دائمًا ذو بعدين: بعد اقتصادي؛ إذ تسعى الشركة إلى تحقيق أكبر هامش ربح. وبعد اجتماعي؛ حيث يتعين على الشركة أن تضمن أن عملها ليس مضرًا للمجتمع فحسب، وإنما ينطوي على الكثير من المنافع له.
اقرأ أيضًا: أهمية المبادرات التطوعية.. كيف تستفيد الشركات؟
طرق تنمية المسؤولية الاجتماعية
وإذا كانت تنمية المسؤولية الاجتماعية على هذا القدر من الأهمية، فمن الواجب على «رواد الأعمال» أن يشير إلى بعض الطرق التي تعين على ذلك..
-
فهم نموذج العمل
إن أول خطوة على طريق تنمية المسؤولية الاجتماعية الطويل أن تعود إلى الخلف قليلًا، أعني أن تتأمل نموذج العمل الخاص بك، لا لكي تفهمه وحسب، وإنما لكي تعيد هندسته بما يتوافق مع رؤاك وأهدافك وتصوراتك الاجتماعية التي تود النهوض بها.
وبمعنى آخر: عليك الرجوع إلى نموذج العمل الخاص بك إما لتتأكد من التزام الشركة به، هذا إذا كان مفيدًا من الناحية الاجتماعية، ويمكن للمجتمع أن يحقق من خلاله مكاسب، أو لتعيد صياغته لكي يتناغم من الأهداف الاجتماعية التي آلت الشركة على نفسها النهوض بها.
وعلى ذلك، فإن تنمية المسؤولية الاجتماعية ثورة حقيقية فيما يخص أداء الشركة، ومحاولة وضع الأمور في نصابها الصحيح، بل محاكمتها إن لزم الأمر.
اقرأ أيضًا: تطبيق المسؤولية الاجتماعية.. خطوات عملية
-
ثقافة التعاون
العمل الاجتماعي عسير جدًا، يقتضي منا الحق قول ذلك، ويتطلب جهودًا جبارة، وناهيك عن أن تنمية المسؤولية الاجتماعية عملية متعددة المسارات متنوعة الطرق، ومن ثم فمن المؤكد أنك بمفردك لن تتمكن من إنجاز شيء، أو بالأحرى لن تتمكن من الوصول إلى الأهداف التي تريدها.
ومن ثم فمن المهم أن تلجأ إلى التعاون مع الآخرين _بالأحرى مع كل من يمكنه أن يعينك ولو بأقل قدر_ وأن تفيدهم وتستفيد منهم، طالما أن هدفك النهائي هو خدمة المجتمع، وتحقيق الربح من خلال ذلك.
لكن من المهم أن تدرك أن هذا التعاون ذو مسارين: أحدهما تعاون داخلي، أي بين أعضاء الشركة وبعضهم، وكلما كان التعاون وثيقًا كان الأعضاء شغوفين وتمكنوا من تحقيق الإنجازات.
أما المسار الثاني فهو تعاون خارجي؛ حيث يتوجب عليك التواصل مع كل العاملين في الحقل الاجتماعي، وأن توثق علاقاتك بهم.
اقرأ أيضًا: تطبيق صحتي.. تيسير الحصول على لقاح كورونا
-
البحث عن الفرص
الهدف من تنمية المسؤولية الاجتماعية هو إحداث فرق حقيقي وإيجابي في المجتمع المحيط، وفي ذات الوقت تحقق نوعًا من الربح، لكن تحقيق هذا الهدف الثنائي ليس من السهولة بمكان، ومن ثم يلزمك، فضلًا عن التعاون الذي سبق لنا الحديث عنه، البحث الدائم عن الفرص، سواء كانت الفرص التي تمكنك من خدمة المجتمع قبل غيرك من العاملين في هذا المجال.
والأسبقية هنا مهمة؛ فكلما كنت أكثر خدمة للمجتمع كانت سمعة مؤسستك أقوى، وبالتالي كانت فرصك في الربح أكثر.
أما المنحى الآخر فهو البحث عن الفرص التي تمكنك من تحقيق الربح. العمل في المجال الاجتماعي إيجابي بل أخلاقي في بعض الأحيان، لكن يجب أن يكون مربحًا كذلك؛ كيما نضمن تنمية المسؤولية الاجتماعية، وبقاء الشركات في أداء دورها الاجتماعي المنوط بها.
اقرأ أيضًا:
المسؤولية الاجتماعية في بيئة العمل
المسؤولية الاجتماعية والمجتمع.. أي دور في القرن الـ 21؟
المسؤولية الاجتماعية للشركات.. تطوع أم إلزام؟