بعد سنوات طويلة من التطور الذي شهدته المجالات التكنولوجية وشبكة المعلومات الدولية «الإنترنت»، حان الوقت لبدء مرحلة جديدة من حياتنا، والتي تكون فيها جميع الأشياء المتواجدة على كوكب الأرض متصلةً ببعضها البعض، ولعل هناك الملايين من التطبيقات التكنولوجية الحديثة التي يمكنها فعل ذلك في مختلف المجالات، كالصحة والتعليم والخدمات والنقل، وربما الطاقة أيضًا، وفي هذا الصدد يقول «جيرمي ريفكن»؛ صاحب كتاب الثورة الصناعية الثالثة: «إن شبكة الإنترنت ستتيح في المستقبل القريب إمكانية تبادل الطاقة، كما تتيح تبادل المعلومات بين المستخدمين من كل أنحاء العالم».
من نافلة القول، إن التطور والانتشار السريع الذي تشهده شبكة الإنترنت أسهم في جعل العالم أشبه بالقرية الصغيرة التي يسهل فيها التنقل بين أركانها بأقل وقتٍ وجهدٍ ممكن، وهو الأمر الذي أدى إلى إمكانية استقطاب الأشياء لإيصالها بشبكة الإنترنت بشكل تلقائي دون الحاجة لأي تدخل بشري، فبلا شك أن التطور المتسارع لتكنولوجيا المعلومات، ساهم بشكل قاطع في نقل الإنسان من عصور الجهل، إلى ما نحن عليه الآن من ابتكارات واختراعات.
منازل ذكية
في ظل التطور الهائل الذي تشهده كل المجالات التكنولوجية وشبكة المعلومات الدولية «الإنترنت»، من منا لا يحلم بالمنازل الذكية التي تكون فيها جميع الآلات قادرةً على توفير احتياجاتنا اليومية وتنفيذ أوامرنا بشكل آلي، كإضاءة الأنوار بالمنزل لمجرد التفكير في الذهاب إليه، واستجابة الأجهزة الحاسوبية لأوامرنا الصوتية لنقرأ جدولنا ورسائلنا في الحال، فهناك بعض الأجهزة الموجودة في الطبيعة بإمكانها مراقبة تغيرات الظروف البيئية وتنبيهنا بكوارثَ وشيكةٍ قد تحدث.
وتُشير كل المعطيات إلى أن التكنولوجيا الحديثة والمتطورة تمكنت من جعل عالمنا أكثر ذكاءً؛ حيث لم تعد مقتصرة على الهواتف الذكية فقط، بل أصبحت تتواجد في كل مكان يُحاط بنا، في حقيقة الأمر فهي أشبه بالمعادلة، حيث تقوم الأجهزة الذكية بتجميع البيانات وتحليلها لتقدمها لنا على شكل معلومات تتعلق بكل الأمور التي تدور حولنا، وتتصل هذه الأجهزة فيما بينها بواسطة إنترنت الأشياء، والذي يسمح بنقل المعلومات بين الأجهزة الذكية، وعرضها على شكل معلومات يمكننا الاستفادة منها.
ماذا يُقدم لنا مجال إنترنت الأشياء؟
يُمكننا وصف إنترنت الأشياء بالتقنية الحديثة التي تربط الأجهزة بمختلف أنواعها وأحجامها بشبكة الإنترنت؛ بحيث يمكنها التواصل وتبادل المعلومات بين بعضها البعض، ويُمكننا هنا الاستدلال بأحد الأمثلة الحية التي نعاصرها وربما شاهدها البعض منا، وهي «الثلاجة الذكية» التى يمكنها أن تتواصل مع مالكيها عبر خاصية الرسائل النصية لتخبرهم إذا كان الحليب قد نفد، أو أوشكت صلاحية بعض العصائر على الانتهاء، فقد يقول البعض إن هذا مثال ساذج، وهو ما يعكس لنا حالة التواصل الفعال بيننا وبين الآلات المحيطة بنا، ليس هذا فحسب، بل تستطيع أيضًا ارتداء ملابسك وتستعد للخروج من منزلك وللحظات أمام المرآة الذكية التي قد تطلعك على حالة الطقس و آخر الأنباء ومعلومات عن حال الطريق، وربما يمتد وقوفك لدقائق إذا قررت قراءة ملخص الأخبار.
إن العامل المطور لتقنيات إنترنت الأشياء، هو قطاع الصناعة الذي يتولى تزويد جميع الآلات بوسائل اتصال لتسهيل عملية تبادل المعلومات بينها وبين البشر، وهو الأمر الذي يُسهم في توفير الوقت والجهد ورفع درجة الوعي، إذن فتطور تقنيات تصنيع الشرائح التي يمكن تضمينها في أي شيء تقريبًا، وزيادة سرعة نقل البيانات بين هذه الأجهزة، أديا إلى تنامى مجال إنترنت الأشياء بسرعة كبيرة وأكثر فعالية.
الانتقال من الحوسبة السحابية إلى حوسبة الحافة
في صدد إنترنت الأشياء، أفاد أحد الخبراء المتخصصين في مجالات التكنولوجيا، بأن العام المنصرم شهد ظهور سوق جديد من الحوسبة، وهي حوسبة الحافة التي بلا شك ستنهي على مراكز الحوسبة السحابية بالصورة التي تشهدها في الوقت الحالي؛ لذا يسعى الكثير من الأشخاص إلى الانتقال من مراكز الحوسبة السحابية الكبرى إلى مراكز حوسبة الحافة.
ويُمكننا هنا الاستعانة بمثال حي وهو الاستغناء عن ظاهرة جمع الصور من كاميرات الشوارع وإرسالها لحاسوب ضخم لمراقبة حوادث السير، وأصبح الأمر أكثر سهولة ويُسرًا؛ حيث تكون كل كاميرا قادرة على رصد الحادث والتعرف إليه وإرسال إشارة حال حدوثه أو إغلاق إشارة المرور المؤدية لمكانه، الأمر الذي سيزيد من كفاءة النتائج ويقلل من تكلفة وجود الحواسيب العملاقة.
اقرأ أيضًا: التكنولوجيا المالية.. تحديات وفرص