لعل تسريح الموظفين هو الحدث الأبرز خلال الفترة الأخيرة؛ إذ سرحت شركات كبرى في وادي السيليكون، مثل جوجل، مايكروسوفت، أمازون، ميتا، تويتر، سيسكو، سناب.. وغيرها أكثر من 100 ألف موظف في الأشهر القليلة الماضية، ويعتقد الكثيرون أن المزيد من عمليات التسريح لم يأت بعد.
كانت شركة ميتا أول شركة كبيرة للتكنولوجيا تعلن عن تسريح عدد كبير من الوظفين، وذلك في نوفمبر 2022، وجاءت هذه الخطوة مدفوعة بالمخاوف من الركود الاقتصادي وتبعات جائحة كورونا.
في عامي 2020 و2021 ارتفع معدل الطلب على منتجات الشركة في النظام العالمي الجديد والذي بدأ في الاتجاه أكثر نحو العمل عن بعد، ومن ثم تصاعد الطلب على الموظفين مع تنافس الشركات على ضم أفضل المواهب وأكثرها تألقًا.
ولكن عندما خفت حدة الوباء، وارتفعت حدة الأزمة الاقتصادية، واجهت الشركات مشكلة جديدة وهي العمالة الزائدة، ووسط تباطؤ الاقتصاد والركود المحتمل ظلت الشركات مثقلة برواتب كبرى، وفي الوقت نفسه مارس بعض المستثمرين ضغوطًا لتقليص النفقات من أجل حماية هوامش الربح، ذاك هو الخيط الناظم لفهم أسباب عمليات تسريح الموظفين المشتعلة في العالم الآن.
اقرأ أيضًا: مصطلحات مهمة عن الوظائف.. أدوات الفهم والنجاح
أسباب تسريح الموظفين
نوضح في «رواد الأعمال» الأسباب التي تدفع كبرى الشركات في العالم إلى تسريح موظفيها، وذلك على النحو التالي..
-
الإفراط في التوظيف
تسببت جائحة كورونا في توظيف شركات التكنولوجيا للمزيد من الأشخاص؛ حيث تطورت احتياجات المنتج بين عشية وضحاها في العالم الذي كان تحت وطأة الإغلاق والعمل عن بعد.
على سبيل المثال: أثناء الوباء أجرت جوجل تغييرات سريعة على نظامها الأساسي “جوجل ميت” لاستيعاب المزيد من المشاركين، كما تم إجراء تغييرات مماثلة بواسطة شركة ميتا على منتج مؤتمرات الفيديو الخاص بـ “واتساب”.
تتطلب هذه التغييرات السريعة قوى عاملة محنكة بما في ذلك: مديرو المنتجات والمطورون ومصممو “تجربة المستخدم” UI / UX وما إلى ذلك، ومن ثم استمرت الشركات في توظيف المزيد من الأشخاص.
منذ ذلك الحين نضجت المنتجات ولم تعد التغييرات الحادة مطلوبة في الوقت الحالي، وبالتالي تحاول الشركات تقليل عدد موظفيها للتكيف مع الأوقات الحالية.
اقرأ أيضًا: متى تستحق زيادة في الراتب؟
-
خفض التكلفة وتبعات التباطؤ الاقتصادي
لطالما وجهت شركات وداي السيكلون نفسها نحو الابتكارات عالية الأداء والشركات الناشئة ذات فرص النمو الهائل، وحتى خلال فترات الانكماش الاقتصادي الكبرى (مثل الركود العظيم أو جائحة كوفيد)، ظلت الصناعة مرنة بشكل غير عادي.
ولكن عندما يهدد الركود المحتمل هوامش ربحها فإن هذا يعني أن على هذه الشركات التوجه إلى خفض التكاليف، صحيح أنها تبتكر طرقًا من أجل بيع المزيد من المنتجات أو رفع الأسعار غير أن مسارات خفض التكلفة قد تتضمن تسريح الموظفين كذلك.
-
الاستثمارات الجديدة الملكفة
العديد من المبادرات الاستثمارية الجديدة من قبل عمالقة التكنولوجيا في وادي السيليكون غير مربحة. فقسم الروبوتات في أمازون، الواقع الافتراضي في مايكروسوفت وقسم Metaverse AltspaceVR، منافس Meta’s Substack المسمى Bulletin، هذه كلها قطاعات تتطلب الكثير من الاستثمارات ولكنها استنزفت الكثير من المال. وكان ذلك أيضًا سببًا لمحاولة الشركات خفض التكاليف، ومن ثم لجأت إلى تسريح الموظفين.
يشرح راي داليو؛ المستثمر المخضرم ورئيس قسم المعلومات في شركة Bridgewater Associateds، هذا الأمر قائلًا: «ما يحدث هو أن عددًا من هذه الشركات لها تدفقات نقدية سلبية. هذا يعني أنه لم تكن لديها أرباح تدعم التكاليف المرتفعة، وفي كثير من الحالات لم تكن لديها أرباح من الأساس؛ لذلك اعتمدت على اقتراض الأموال لسد الفجوة أو زيادة رأس المال الاستثماري أو أموال الأسهم الخاصة».
كل هذه العوامل تؤدي في النهاية إلى تسريح الموظفين ليس لأنهم الحلقة الأضعف، وإنما لأن عملية خفض التكلفة أحد المسارات الأساسية التي تنتهجها الشركات الكبرى من أجل مواكبة حالة الانكماش الاقتصادي المحتملة.
اقرأ أيضًا:
قبول الاستقالة.. كيف تتعامل باحترافية؟
الاستثمار في المواهب.. الفرص والتحديات
تطوير قدرات الموظف.. كيف يُمكن للشركات تحقيق ذلك؟
إدارة الموارد البشرية الخضراء.. تهيئة الموظفين بيئيًا