لا يقود إلى تحفيز المسؤولية الاجتماعية إلا سوء فهمها في المقام الأول؛ بمعنى أن عدم إدراك أهمية هذا الدور الاجتماعي الذي تلعبه الشركات هو ما يؤدي بنا إلى الحديث عن بديهيات أو أمور أمست من البديهيات.
ما نقصده بقولنا تحفيز المسؤولية الاجتماعية هو محاولات إقناع الشركات بلعب دور اجتماعي، أو بقول آخر إنها محاولة لبيان أهمية المسؤولية الاجتماعية بالنسبة للشركات نفسها؛ إذ إن المسؤولية الاجتماعية ذات نفع متعد؛ أي أنها تخص المجتمع، والأفراد، والشركات على حد سواء. وليس هذا مجال بسط كل أهمية على حدة.
اقرأ أيضًا: تحديات المسؤولية البيئية للشركات
كيفية تحفيز المسؤولية الاجتماعية
والسؤال الآن: هب أننا نريد دفع وإقناع شركة ما للعب دور اجتماعي ما فماذا عسانا أن نفعل؟ ذلك ما يحاول «رواد الأعمال» بيانه من خلال إيضاح كيفية تحفيز المسؤولية الاجتماعية، وذلك على النحو التالي..
-
جذب الموظفين والعملاء
أول سبيل من سبل تحفيز المسؤولية الاجتماعية لدى الشركات أن نبين لها أن هذه الأدوار والممارسات الاجتماعية تساعدها (أي الشركات) في جذب الموظفين الأكفاء والعملاء على حد سواء؛ حيث يقطع تبني سياسات المسؤولية الاجتماعية شوطًا طويلًا نحو جذب العملاء والاحتفاظ بهم، وهو أمر ضروري لنجاح الشركة على المدى الطويل.
علاوة على ذلك سيدفع العديد من الأفراد بكل سرور علاوات على البضائع، مع العلم بأن جزءًا من الأرباح سيتم توجيهه نحو الممارسات الاجتماعية.
أما فيما يتعلق بجذب العملاء _كآلية من آليات تحفيز المسؤولية الاجتماعية لدى الشركات_ فلنا أن نعلم أن إيلون ماسك؛ الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا، على سبيل المثال، قد نجح في جذب المستهلكين المهتمين بالبيئة؛ من خلال خطه من السيارات المتطورة التي تعمل بالطاقة الكهربائية ومنتجات السيارات الخضراء.
اقرأ أيضًا: أمور يغفل عنها رائد الأعمال بشأن المسؤولية الاجتماعية
-
نظرية موارد الركود
بحثت ورقة بحثية جديدة نُشرت في Journal of Marketing في الدوافع الكامنة وراء تنفيذ الشركات لبرامج المسؤولية الاجتماعية للشركات؛ أي أنها لم تفكر في تحفيز المسؤولية الاجتماعية فحسب وإنما حاولت فهم الأسباب التي تدفع الشركات إلى هذا النوع من الممارسات.
وقد فحص البحث 4500 شركة على مدى 19 عامًا وقارن تنفيذ برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات بحالات عدم المسؤولية الاجتماعية.
وحدد مؤلفو الدراسة “تشارلز كانج وفرانك جيرمان وراجديب غريوال” بعض الأسباب الدافعة إلى تأسيس برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات.
ومن ضمن هذه الأسباب ما يسمى “نظرية موارد الركود”، والتي تفترض أنه عندما تعمل الشركة بشكل جيد فإن لديها الكثير من الأموال الإضافية لاستخدمها في مجالات شتى؛ لذلك سوف تستخدم الشركات بعضًا من هذه الأموال لإنشاء برامج مخصصة للصالح الاجتماعي. ووفقًا لهذه النظرية تبدأ الشركات مثل هذه البرامج أو تنهيها متى شاءت، اعتمادًا بشكل أساسي على ما إذا كانت في أوقات الرخاء أم لا.
وعلى الرغم من كون هذه النظرية لا تبحث في كيفية تحفيز المسؤولية الاجتماعية ولكنها تجدي نفعًا في هذا الصدد، فطالما أنها تقول إن الشركات التي تلعب أدوارًا اجتماعية يتوفر لديها المال لاستعماله في العديد من المجالات فهذا معناه أن هذه الشركات ذاتها لديها فائض من الربح، وهذا سبب كافٍ لتحفيز المسؤولية الاجتماعية لدى الشركات.
اقرأ أيضًا: المسؤولية الاجتماعية الداخلية.. ترتيب البيت من الداخل أولًا
-
مكاسب متنوعة
تشير نظرية أخرى إلى أن الشركات تنظر إلى برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات بأنها ممارسة إدارية جيدة؛ لأن الشركات التي تركز على الصالح الاجتماعي يمكنها جني ثمار مالية متعددة مثل: زيادة المبيعات، أو زيادة ولاء العملاء، أو القدرة على جذب المزيد من الموظفين ذوي الجودة العالية.
ولا أظن أن ثمة شيء آخر يعمل على تحفيز المسؤولية الاجتماعية لدى الشركات من هذه المكاسب؛ فهي مكاسب مالية في المقام الأول، أو تؤدي إلى مكاسب مالية بطريق غير مباشر.
اقرأ أيضًا: لماذا يجب على رواد الأعمال تبني “الرأسمالية الواعية”؟
-
التأمين والتكفير عن الذنوب
وإذا اتفقنا على أن الشركات معرضة للوقوع في الأخطاء _بغض النظر عن ماهية هذه الأخطاء _ فإنها بحاجة إلى آلية تصلح من خلالها أخطاءها أو تكفر بها عن ذنوبها في حق المجتمع.
والمسؤولية الاجتماعي واحدة من هذه الآليات؛ حيث تشارك الشركات في المسؤولية الاجتماعية للشركات للمساعدة في تعويض الأشياء السيئة التي تتحمل مسؤوليتها (أشياء مثل الانسكابات النفطية؛ إذ من المحتمل أن يكون المبلغ الذي تدفعه الشركة للتعويض أقل من الخسائر المالية الفعلية لكوارثها).
وعلاوة على أن ما فات يعمل على تحفيز المسؤولية الاجتماعية بشكل أساسي فثمة وجهة نظر أخرى؛ حيث تضع الشركات برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات للمساعدة في تخفيف أي ضرر لعلامتها التجارية قد يحدث من السلوك السيئ في المستقبل.
فالفكرة هنا أن تعمل الشركات على بناء سمعة جيدة الآن؛ حتى لا ينشق العملاء والمساهمون لاحقًا عندما تقوم الشركة بعمل سيئ.
اقرأ أيضًا:
سواحل الجزيرة الإعلامية ترعى حفل رواد العمل الاجتماعي
الأمير فهد بن نواف: مبادرة رواد العمل الاجتماعي تظهر دور المسؤولية الاجتماعية للشركات
الجوهرة العطيشان: العمل الاجتماعي يعدّ رافدًا أساسيًا من روافد التنمية الوطنية
3 كتب عن المسؤولية الاجتماعية.. دليلك لممارسة جادة
7 استراتيجيات لإعداد خطة المسؤولية الاجتماعية للشركات خلال جائحة كورونا