يحمل برنامج الجينوم السعودي رسالتين، على الأقل، الأولى: وضع المملكة للإنسان وصحته على رأس أولوياتها، أما الرسالة الأخرى فتلك التي مفادها بأن حكومة خادم الحرمين الشريفين تفكر بشكل استراتيجي واستباقي في آن واحد؛ فعندما نعمل على الصعيد الجيني والوراثي فنحن بهذا نضع حدًا للأمراض المتوطنة والوراثية، ونحاول الحيلولة بينها وبين الاستمرار في إصابة أشخاص جدد.
إذًا انطلاقًا من أهمية صحة الإنسان التي تشكل أحد أبرز العوامل المساعدة له لتحقيق ذاته، وخدمة تطلعات أمته ومجتمعه، أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين جل رعايتها واهتمامها بالقطاع الصحي في المملكة العربية السعودية، بوصفه أحد القطاعات الحيوية الداعمة لصحة وسلامة أبناء هذا الوطن المعطاء.
ومن أوجه تلك الرعاية الصحية: إطلاق برنامج الجينوم السعودي الذي تنفذه مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية “كاكست”؛ بهدف الحد والوقاية من الأمراض الوراثية والجينية، ووضع حجر الأساس لتطوير الطب الشخصي، الأمر الذي يشكل أحد القفزات الطبية العملاقة الهادفة للتوصل للجينات المسؤولة عن الأمراض الوراثية التي تظهر في المملكة.
اقرأ أيضًا: إنجازات المملكة في 2020.. نجاحات لا تعرف حدودًا
برنامج الجينوم السعودي ورؤية 2030
ويُعد برنامج الجينوم السعودي، الذي دشن مختبره المركزي سمو ولي العهد عام 2018 م، أحد أهم المشروعات الوطنية الرائدة والأكبر على مستوى منطقة الشرق الأوسط ككل.
ويُعتبر برنامج الجينوم السعودي، أيضًا، أحد المشروعات الوطنية الرائدة لتحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030 في الحد من الأمراض الوراثية؛ عن طريق فك الشفرة الوراثية للمواطنين السعوديين، وإنشاء قاعدة بيانات لتوثيق أول خارطة وراثية للمجتمع السعودي، بما يسهم في تطوير الطب الشخصي، الذي يعمل على توظيف التقنيات الجينية والجزيئية الجديدة ضمن مفهوم الطب الشخصي لأغراض تشخيص الأمراض وتقييمها وعلاجها، وبناء قدرات أكثر اتساعًا في مجال علم الجينوم.
وهو الأمر الذي سيمكّن المملكة من اكتساب مكانة عالمية رائدة في مجال الأبحاث الوراثية والجينية للأمراض والطب الشخصي.
ويمكِّن مشروع الجينوم السعودي المواطنين من اتخاذ القرارات السليمة المتعلقة بصحتهم؛ لمنع انتقال الأمراض الوراثية إلى الأجيال الجديدة.
اقرأ أيضًا: مواجهة كورونا في المملكة.. من «كلنا مسؤول» إلى «نعود بحذر»
أهداف البرنامج
وتتمثل أهداف برنامج الجينوم السعودي فيما يلي:
- بناء قاعدة بيانات وراثية وجينية للمجتمع السعودي.
- الحد والوقاية من الأمراض الوراثية في المملكة العربية السعودية.
- تمكين العلماء والباحثين من الاستفادة من المعلومات الوراثية.
- اكتشاف المتغيرات الوراثية والجينية واستغلالها؛ لتطوير أدوات التشخيص والوقاية للحد من الأمراض الوراثية والجينية وتعزيز الصحة العامة.
- تأسيس بنية تحتية متقدمة في مجال الجينوم والمعلوماتية الحيوية.
- تحسين استخدام الأدوية للمرضى بناء على معلوماتهم الوراثية والجينية.
- استخدام تقنيات ترميز الجينوم من الجيل القادم لجمع وتحليل 100 ألف عينة.
- تأهيل وتدريب وتطوير الكوادر الوطنية في مجال الجينوم.
اقرأ أيضًا: العمل عن بعد في السعودية.. رؤى ثاقبة ونجاحات لافتة
الجينوم البشري وصحة المجتمع
وفقًا للموسوعة البريطانية فإن الجينوم البشري هو كامل المادة الوراثية المكونة من حوالي ثلاثة مليارات زوج قاعدي من الحمض الريبي النووي منزوع الأكسجين أو الـ DNA، الذي يضم المجموعة الكاملة للصبغيات البشرية.
ويتضمن الجينوم البشري جميع المناطق المرمّزة في الـ DNA، التي ترمّز جميع الجينات لدى الإنسان، والتي يتراوح عددها بين 20.000 و25.000 جين موجود في نواة الخلية ومرتبة في هيئة 23 زوجًا من الصبغيات، بالإضافة إلى المناطق غير المرمّزة. وتم إنجاز تسلسل الـ DNA لكامل الجينوم البشري في عام 2003.
وبعيدًا عن هذا الطرح المفرط في جانبه الطبي يمكن القول إن مخرجات برنامج الجينوم السعودي ستكون ذات أثر واضح في صحة أفراد المجتمع بطريقة مباشرة؛ إذ يمكن للمعلومات الوراثية الخاصة بالمجتمع السعودي أن تُستخدم في عمليات الكشف والتشخيص عن الأمراض الوراثية والوقاية منها، وتحسين طرق العلاج، والكشف المبكر أو قبل الإصابة ببعض الأمراض المزمنة مثل: سرطان القولون والثدي وأمراض القلب والأمراض العصبية، بالإضافة إلى الطب الشخصي؛ تحقيقًا لرؤية المملكة 2030 في توطين وتطوير التقنية في القطاعات ذات الإنفاق المحلي الكبير.
وأسهم برنامج الجينوم السعودي بالفعل بدور بارز في مجال مواجهة الأمراض المعدية؛ من خلال دراسة وتحديد العوامل الجينية المسببه لتباين أعراض الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) بين السعوديين.
علاوة على ذلك فإن التقدم الذي تم إحرازه في مجال المعلوماتية الحيوية وتقنيات الهندسة الوراثية والجيل الجديد للتسلسل الجينومي (NGS) فتح الباب واسعًا لفهم تباين الاستجابة الدوائية بين الأشخاص، كما مهّد الطريق للانتقال إلى مرحلة الطب الشخصي والطب الموجَّه، الذي يتيح معالجة كل حالة بذاتها؛ من خلال معرفة التركيب الجيني الخاص بكل مجتمع وكل فرد.
ويعمل برنامج الجينوم السعودي على تعزيز التعاون مع المختبرات الوطنية التي يتم من خلالها جمع العينات من مختلف مناطق المملكة، ومن ثم تحليلها؛ بهدف التعرف على المتغيرات الجينية المسببة للأمراض الوراثية في المملكة العربية السعودية. وتقدير احتمالية ظهور وتكرار الأمراض الوراثية للفرد والأسرة وتحسين طرق العلاج؛ عن طريق الكشف عن التركيبة الوراثية للشخص، وإعطاء المريض الدواء المناسب.
اقرأ أيضًا:
“مجمع ريادة الأعمال رقمي” يطلق المسرعة الرقمية الأولى بالمملكة لدعم المشاريع الناشئة
أبرز إنجازات برنامج التحول الوطني.. طموحات تعانق عنان السماء
إنجازات الموانئ السعودية 2020.. ربط إلكتروني وخطوط ملاحية