كان من توفيق الله لأبناء شبه الجزيرة العربية أن حباها الله بالملك عبد العزيز آل سعود (1293 – 1373هـ / 1876 – 1953م)، الذي جمع الناس فيها على كلمة سواء، بعد فرقة وتمزق، بحكمة واتزان وسوية، فقامت المملكة العربية السعودية سنة 1351هـ / 1932م على أساسٍ من الشريعة الإسلامية، كما ينص على ذلك نظام الحكم بها، الذي يُقِرُّ بأن الكتاب والسنة هما الموجهان لكل أنظمة المملكة، وجعلت شعارها الخفاق (لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله) رمزًا للقائد والدولة.
واختار قادتُها لقب (خادم الحرمين الشريفين) شعارًا لهم لاقتراب نفوسهم من طاعة ربهم، وجعلوا رمز الدولة (سيفين يحميان نخلة)، فكان في (السيفين) معنى الحماية لا الإرهاب، وفي (النخلة المحمية بالسيفين) معنى الأصالة والخير والنماء.
هذه هي المملكة العربية السعودية التي حملت كل مقومات القيادة منذ عهدها الأول، وتُشكل محورًا للنظام الإقليمي العربي، فهي ذات ثقل ديني واقتصادي واستراتيجي مهم جدًا؛ لأن فيها قبلة المسلمين ومركزهم الديني، وهي من أكبر دول العالم المصدرة للنفط، كما تستمد أهميتها الاستراتيجية من وقوعها على الجزء الأكبر من البحر الأحمر، وتحكّمها في سير الملاحة فيه، وهذه الأمور جعلتها تحتل مركزًا قياديًا بين دول العالم.
وللمملكة دورها القيادي في الداخل؛ فمنذ لحظة إنشائها اقترن اسمها بتحقيق الأمن لسائر المجتمع؛ ما جعلها تسيطر قياديًا على ربوع وطننا الغالي، وتسكن القلوبُ إلى هذه القيادة الرشيدة، وتزهو صورة قيادتها داخليًا من خلال المحاربة الجادة للفساد بكل أشكاله، وتحقيق الشفافية حفاظًا على الحقوق العامة والمال العام، وتتمثل قوتها القيادية في الداخل بالمراجعة الحقيقية لتكاليف كبار موظفي المملكة والمسؤولين في مختلف القطاعات بلا استثناء، واتخاذ ما يلزم من عقوبات إذا استدعى الأمر ذلك؛ ما أدى إلى أن يكون مركز القوة في العدل والإنصاف والنظام لا في الأفراد والأشخاص.
ولم تهمل المملكة كذلك دورها القيادي في الخارج، فتمحورت رؤية المملكة العربية السعودية حول الدور الفاعل والنشط في المنطقة العربية، وبذلت جهدًا كبيرًا صوب حل الأزمات العربية التي نشأت في فلسطين واليمن وسوريا ولبنان وغيرها، ومجابهة الفوضى في هذه البلاد بالمعونة المادية والمعنوية، ومكافحة حكم الميلشيات في المنطقة العربية، مع تبني مبدأ المحاولة الاستباقية، الأمر الذي ما جعلها في محل القيادة المباشرة للإقليم العربي، وممسكة بزمام المبادرة.
ومن مبادئ وثوابت المملكة الخارجية أنها ترتكز على حُسن الجوار شعارًا، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى موقفًا، والقيام بدورها في تعزيز العلاقات مع دول الخليج العربي ضمن فاعليات (مجلس التعاون لدول الخليج العربية)، ودعم العلاقات العربية ضمن فاعليات (جامعة الدول العربية)، ودعم العلاقات الإسلامية ضمن فاعليات (رابطة العالم الإسلامي)، بما يخدم المصالح المشتركة لهذه الدول ويُدَافع عن قضاياها العادلة، وإقامة علاقات تعاون فعالة ونافعة.
ويكمن دور المملكة القيادي في مجال الاقتصاد؛ حيث إن الدولة صاحبة الاقتصاد القوي يكون لها دور قيادي داخل النظام الدولي، كما تصنع استقرارًا وتنمية داخلية منتظمة، فنجد العامل الاقتصادي قد أكسب المملكة قدرًا كبيرًا من الممارسة الفعالة على المستويين الإقليمي والدولي؛ إذ جعلها بمنأى عن التبعية لأي من الدول العظمى، ومن ثَمَّ استقلالية في اتخاذ القرار، والمحافظة على مصالحها والتأثير في صناع القرار بالنظام الدولي.
وأرادت المملكة في ظل قيادتها الرشيدة زيادة فاعلية هذا المعنى داخليًا وخارجيًا؛ من خلال انطلاق رؤية 2030 المستقبلية التي تحققَ أهدافها في المدة المحددة لها، وتطمح إلى زيادة حيوية المجتمع وازدهار اقتصاده.
وقد جاءت هذه الرؤية لتُرسّخ في نفوس المجتمع أن مكانة المملكة لا تقتصر على قوة النفط الاقتصادية، بل بإمكانها أن تنفتح على كل مقومات الاقتصاد الإنتاجية العالمية؛ ما يفتح فرص عمل لقطاعات المجتمع المختلفة.
وتبذل المملكة جهودًا جبارة في مكافحة الإرهاب، فمنذ أن خرجَ الإرهابُ على العالم تنبَه قادةُ المملكة إلى خطر هذا الكيان الذي لا ينتمي إلى حضارة، ولا ينتسب إلى دين، ولا يحفظ ولاءً لأحد، بل هو شبكة إجرامية صنعتها عقول شريرة مملوءة بالحقد على الإنسانية، ومشحونة بالرغبة العمياء في القتل والتدمير، وعندما رأت المملكة العربية السعودية ما يشكله الإرهاب من إشاعة للرعب وتقويض للأمن وإضعاف لكيان الدولة، وما تمثله هذه الأمور من بعدٍ عن منهج الإسلام وهديه، قامت بتجربةٍ رائدة ناجحة في مكافحة هذا الكيان قبل أن يستفحل أمره، فتعاونت الأجهزة الأمنية مع المؤسسات الدينية والتربوية والنفسية والاجتماعية والمدنية للقضاء عليه في مهده، فكانت تجربة قيادية ملهمة للشعوب الأخرى.
ومع تنامي ظاهرة الإرهاب سعت المملكة العربية السعودية إلى إنشاء أجهزة أمنية مؤهلة ومدربة على أعلى المستويات، مزودة بتقنيات حديثه لمكافحة هذا الكيان الشرير.
وختامًا أردد نشيدنا الوطني الذي كتبه الشاعر الوطني الكبير الأستاذ إبراهيم خفاجي (1345 – 1439هـ / 1926- 2017م)، الذي يقول فيه:
مَوْطِنِي.. عِشْتَ فَخْرَ الْمسلِمِين
عَاشَ الْمَلِكْ.. لِلْعَلَمْ وَالْوَطَنْ.
اقرأ أيضًا:
- في اليوم الوطني: الأمير محمد بن سلمان.. نظرية قيادية جديدة
- اليوم الوطني.. وطن فخر واعتزاز
- اليوم الوطني.. رؤية قائد ووطن طمـوح
- المرأة السعودية في اليوم الوطني
- في اليوم الوطني.. تمهيد الطريق نحو غد مشرق بوضع أسس راسخة للمستقبل