نشأته في أسرة تمتهن العمل الحر، غرس فيه حب ريادة الأعمال كطريق للتميز والنجاح، فبدأ مبكرًا ـــ من جامعة تبوك حيث يدرس الهندسة المدنية ــ في تأسيس أولى شركاته الصغيرة، ثم فور تخرجه بمرتبة الشرف عام 2013؛ أسس مجموعة “عبدالرحمن البوق للتجارة والمقاولات” التي أودعها خبرات جاوزت العشر سنوات في مجال العمل الحر؛ ما كتب لها النجاح والتميز..
إنه المهندس عبدالرحمن البوق؛ مؤسس ورئيس المجموعة وعضو لجنة شباب الأعمال بتبوك، والذي أجرينا معه هذا الحوار للوقوف على تجربته الريادية المتميزة …
ــ كيف كانت بدايتك مع ريادة الأعمال؟
كانت البداية- بتوفيق الله- مدروسة ومُخطط لها جيدًا ، فوجودي في أسرة ريادية، جعلني أحلم منذ الصغر بأن أكون رجل أعمال ناجحًا كوالدي، فحددت المسار الذي أريد العمل به، والذي أشعر بأن التعب فيه راحة، وأن أَشَقّ أيامه أمتعها. ومع بداية التحاقي بكلية الهندسة، افتتحت مؤسسة للمقاولات وبدأت أطبق فيها ما أتعلمه، وشيئًا فشيئًا كبرت المشاريع وكبر معها الحلم والتحديات.
ــ ما العلاقة بين دراستك وريادة الأعمال؟
أرى أنَّ الهندسة أساس كل شئ، ومنها الإبداع والابتكار، فعلوم الهندسة تضيف إلى المنتجات والخدمات قِيَمًا نفعية اقتصادية واجتماعية، تتيح استخدامها بأشكال جديدة، مضيفة لها مزيدًا من القيمة، كما أنها تصقل الشخصية، وتبني طريقة التفكير بالتخطيط والتحليل والتجربة، وتحفز ابتكار الحلول والتركيز. وفي اعتقادي أنها أكسبتني كثيرًا من المهارات التي أحتاجها في ريادة الأعمال.
فكرة المجموعة
ــ كيف جاءت فكرة المجموعة ؟ وهل تعكس ميولًا لديك؟
تعكس العمارة والإنشاءات والشوارع والإنارة والحدائق والشواطئ حضارات الشعوب والأمم وثقافاتهم، ومدى تطورهم ونهضتهم الحضارية، فقد كنت شغوفًا بتاريخ تلك الحضارات والأمم التي خلفت لنا جمالًا وإبداعًا وربما إعجازًا، كما أبهرني ما يحدث من تطور حضاري ومدني في بعض مدن العالم.
ومن هنا، جاءت فكرة العمل وتأسيس المجموعة؛ لأسهم في نهضة وطني حضاريًا وعمرانيًا، بنقل ما يناسبنا من تقنيات وابتكارات وتقديم حلول رائدة والعمل عليها.
ــ ما التحديات التي واجهتكم في تنفيذ المشروع؟
نقص الموارد، وعدم الخبرة، وكسب ثقة العملاء من أهم التحديات التي واجهتنا.
ــ وكيف تغلبت عليها؟
بالإقدام، ومواصلة العمل، والتعلم، والتدريب، والصبر، والالتزام بالعمل الجاد، كسبنا ثقة عملائنا واستطعنا التغلب على التحديات التي واجهتنا.
ــ ما النجاح الذي تحقق حتى الآن؟ وهل راضون عما تحقق من نجاحات؟
قدرتنا على التقدم والتطور والإنجاز وبلوغ الأهداف المرجوة بكفاءة وفعالية وفق مواردنا؛ تعد أهم نجاحاتنا التي تكبر مع طموحنا، وراضون عما حققنا من إنجازات ومشاريع، وما زلنا نتطلع للمزيد.
مشروعات ناجحة
ــ ما أهم المشروعات التي نفذتها المجموعة ؟
نفذنا ـــ بعون الله وتوفيقه ـــ العديد من المشروعات الناجحة، التي لاقت رضا الجميع؛ مثل مشاريع إنشاء الملاعب والحدائق النموذجية بتبوك، ومشاريع تأهيل وتطوير مدارس تبوك وإنشاء ملاعبها، ومشاريع تحسين وتجميل المدن وتشجير المواقع، ومشاريع إنارة الأحياء والطرقات بتقنية LED والطاقة الشمسية، علاوة على مشاريع صيانة وتشغيل الإنارة بالعديد من مناطق المملكة، ومشروع إنشاء مرسى خليج مدينة ضباء، ومشاريع توريد وتركيب الحاويات المخفية.
منافسة شرسة
ــ المنافسة في قطاع الاستثمار العقاري بالمملكة شرسة بين شركات ذات خبرات وسمعة عالية، فكيف تغلبت على ذلك؟
السوق السعودي ضخم، ويتسع للجميع، وبفضل من الله استطعنا المنافسة بجودة منتجاتنا، وما نقدمه من منتجات نوعية وحصرية، وابتعادنا عن المنافسة على الأعمال التقليدية.
ــ ما أهم المزايا التي تقدمها الشركة؟
نهتم بأن يكون كل ما نقدمه من أعمال ومنتجات مستدامًا، موفرًا، وصديقًا للبيئة.
ــ كسب رضا العملاء صعب للغاية ويحتاج مجهودات كبيرة؟ كيف نجحتم في هذا؟
بالصدق، والأمانة، وتحمل المسؤولية اتجاههم، وألا نعد بأكثر مما نستطيع الوفاء به كسبنا رضا عملائنا.
احتياجات السوق
ــ التسويق أحد التحديات الكبرى، فكيف تغلبتم عليها؟
بفضل من الله وُفِقنا بفريق عمل شاب وطموح، يدرس احتياجات السوق ومواكبة كل جديد في مجال أعمالنا، فريق مبتكر ومبدع للوصول إلى عملائنا واكتساب ثقتهم.
ــ ما أهمية مشاركتكم في المسؤولية الاجتماعية، ورعايتكم مؤتمرات ومعارض كبرى مثل “المهندسون السعوديون” ؟
يقع على عاتقنا تثقيف ورفع وعي المجتمع، وما نلمسه من أثر إيجابي بارتفاع الوعي والمعرفة المجتمعية، من خلال إقامة المؤتمرات، والمعارض، ووسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت منبرًا مهمًا لكل صور المسؤولية الاجتماعية والتوعية. يهدف منتدى “المقاولون والمهندسون السعوديون” إلى
توعية المجتمع، وتعريفهم بالإجراءات الصحيحة لتصميم وتخطيط وتنفيذ مسكن آمن مُوفِر ومستدام ، يلبي الحاجة دون هدر المساحات والموارد، وبأعلى معايير الجودة والسلامة.
كذلك، يقدم المنتدى الاستشارات، ومراجعة العقود والمواصفات للجميع مجانًا استشعارًا بمسؤوليتنا لخدمة المجتمع وأبناء الوطن.
ــ ماذا عن طموحاتك المستقبلية؟
لن يتوقف طموحي عند حد معين، في وطن طموحه عنان السماء يرحب بالحالمين غير التقليدين.
ــ من مثلك الأعلى في عالم الأعمال؟
والدي حفظه الله من أكثر الشخصيات تأثيرًا علي، كما أن العديد من رجال الأعمال المكافحين في العالم الذين لا يمكنني حصرهم، ولكن أقتفي أثرهم وأهتم بقصص نجاحاتهم وما حققوه بكفاحهم، وأعدها مصدر إلهام وخريطة طريق لكل من تَمَكّن منه اليأس، وتسلل إليه الإحباط، وفقد العزيمة والإصرار.
مسؤوليتنا الاجتماعية
ــ ما أهمية عملك التطوعي بالمجلس التنفيذي لمجلس شباب الأعمال بتبوك؟ وما الذي تقدمه لشباب رواد الأعمال؟
ينطلق عملنا التطوعي من استشعارنا بمسؤوليتنا الاجتماعية، وأهمية ريادة الأعمال وأثرها الكبير على الجانب الاقتصادي والاجتماعي بالمملكة، وأهمية تثقيف الشباب بثقافة ريادة الأعمال، وصقل مواهبهم وتسخير قدراتهم ومساعدتهم على إيجاد شغفهم؛ وذلك بالإرشاد والتوجيه، وتقديم الدورات التدريبية، وورش العمل، والمعارض، وتزويدهم بالخبرات والثقافات اللازمة للعمل الحر، وأسس إقامة المشاريع وإدارتها، وتشجيعهم على المبادرة والابتكار، والسعي لتذليل العقبات والصعوبات؛ لتمكينهم وتفعيل مشاركتهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة.
ــ كيف ترى حركة ريادة الأعمال في المملكة؟
أصبحت ثقافة ريادة الأعمال اليوم رائجة ومتداولة في أوساط المجتمع، مع اتجاه الكثير من القطاعات الحكومية والخاصة بالمملكة لدعم رواد الأعمال، وتثقيفهم، وتدريبهم، وتقديم والحلول التمويلية وعقد الشراكات معهم، ولعل أبرزها ملتقى “بيبان” الذي نظمته هيئة المنشآت المتوسطة والصغيرة، والذي يمكننا أن نرى من خلاله اهتمام المجتمع، ومستوى ثقافة ريادة الأعمال والشغف والتطلعات لديه؛ مايسهم في زيادة الناتج المحلي والتنمية.
عقبات نفسية
ـــ وما التحديات التي تواجه رواد الأعمال؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟
يختلف عالم الأحلام والطموح لما قد يواجه رائد الأعمال على أرض الواقع من تحديات، مسببًا له أهم العقبات النفسية، والتي إن تغلب عليها بإرادة النجاح فسوف يتغلب على جميع التحديات الخارجية من تعقيدات الإجراءات الحكومية والتمويل ومعدلات النمو والمنافسة على الكفاءات والقدرات.
ـ يعتمد قطاع العقارات وما يتبعه من أنشطة على العمالة الوافدة، في ظل إحجام الشباب السعودي عن الوظائف الحرفية والمهنية.. فكيف ترى هذه المشكلة؟ وإلى أي مدى تغيرت؟
السعوديون هم من شيدوا القلاع والحصون والبيوت الطينية والحجرية، والعديد من الطرازات المعمارية التراثية، لكن مع الطفرات الاقتصادية والتطورات التي مرت بها المملكة، توجهوا للعمل في القطاعات الأخرى. ومع ذلك، تغيرت نظرة المجتمع والفرد نحو الأعمال المهنية والحرفية، فنجد الشباب السعودي اليوم في كافة المهن والقطاعات في تزايد كبير.
والآن، تشهد أعمال التنمية والتطوير والنهضة العمرانية والصناعية بالمملكة نهضة ضخمة جدًا؛ ما يدفعنا للاحتياج إلى العمالة الوافدة وفق الأنظمة والاشتراطات الصحية، وما يحقق تطلعاتنا.
مستقبل الاستثمار العقاري
ـــ في ظل رؤية 2030، كيف ترى مستقبل الاستثمار العقاري في المملكة؟
في ظل ما تطلقه حكومة المملكة من مبادرات استثمارية تحقق رؤيتها، وتستقطب الاستثمارات العالمية، والدور الذي يقوم به صندوق الاستثمارات العامة من طرح العديد من المشاريع الحالمة والنموذجية كمشروعي “نيوم” و”البحر الأحمر” ستكون هناك إسهامات إيجابية وتبشير بنمو كبير في قطاع المقاولات والاستثمار العقاري بالمملكة.
ــ وماذا عن رؤية مجموعة “عبدالرحمن البوق” ودورها في العمل وفق رؤية 2030؟
نسعى لأن تكون مجموعتنا إحدى الشركات الرائدة في مجال عملها على المستوى المحلي والعالمي، وأن نسهم اقتصاديًا واجتماعيًا وبيئيًا في تحقيق رؤية وطننا الحبيب.
ـ هل هناك ما ينقصكم لدفع العمل للأمام أكثر؟
بفضل من الله، ثم بجهود قيادتنا الحكيمة: خادم الحرمين الشريفين؛ الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، لا ينقصنا سوى الإيمان بقدراتنا، واستغلال مواردنا، ومقدراتنا البشرية والجغرافية والطبيعية بالشكل الأمثل.
ــ ما نصيحتك للشباب؟
بالاستعانة بالله عز وجل، وإخلاص النية له، ثم بالعلم والإقدام، والعمل بجد واجتهاد، والصبر تتحقق أحلامك. ولا يكفيك أن تكون في المكان المناسب والوقت المناسب، بل يجب أن تكون أيضًا الشخص المناسب، فإن خسرت فقد اكتسبت الخبرة، لكن لا تخسر الإرادة والعزيمة، بل ركز على الفرص وخالط الناجحين.
أجرى الحوار: حسين الناظر