منذ بداية أزمة وباء كورونا، و القرارات التي يتخذها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لافتة وتنطوي على بُعد إنساني واضح، فكان الملك حريصًا على التخفيف من حدة هذه الأزمات، ومد يد العون للمتضررين، والعمل، بكل ما أُوتي من قوة وجهد، على التوصل إلى حل ناجع لهذه الأزمة، سواءً عبر تمويل الأبحاث العلمية في بعض الجامعات والهيئات البحثية، أو حتى تقديم منحة مالية سخية لمنظمة الصحة العالمية؛ كي تتمكن من العثور على حل يقي البشرية من خطورة هذا الوباء سريع الانتشار. إن وقوف المملكة في مواجهة كورونا أثبت مدى التزامها بالأسس والقيم الإنسانية، وحرص قيادتها الرشيدة على تخطي الأزمة.
وعلى الرغم من أن قرارات الملك تنطوي على الكثير من الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والصحية، إلا أن ثمة بُعد واضح وجلي تمامًا وهو ذاك المتعلق بكون الإنسان _سواء في المملكة أو خارجها_ هو موضع الاهتمام الأول لدى الملك وحكومته الرشيدة.
اقرأ أيضًا: عالم بلا فقراء.. هل يمكن للمسؤولية الاجتماعية أن تؤدي الدور؟
تضافر الجهود ومواجهة الأزمة
وانطلاقًا من الحرص على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين، ولما يتطلبه الوضع الراهن من استمرار اتخاذ الإجراءات الوقائية والاحترازية المُوصى بها من قِبل الجهات الصحية المختصة للحد من انتشار فيروس كورونا الجديد (كوفيد19)، قررت حكومة المملكة تعليق جميع رحلات الطيران الداخلي، باستثناء الرحلات المرتبطة بالحالات الإنسانية والضرورية، وطائرات الإخلاء الطبي والطيران الخاص، وتصدر هيئة الطيران المدني التصاريح اللازمة للرحلات، بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والصحة، مع استمرار اتخاذ التدابير الاحترازية، والإجراءات الوقائية، وفق توصيات وزارة الصحة للحد من انتقال العدوى.
وقررت المملكة، كذلك، تعليق نشاط الحافلات بأشكالها كافة لمدة 14 يومًا، عدا الحافلات العائدة للجهات الحكومية، أو المنشآت الصحية العامة أو الخاصة، والمنشآت التجارية الناقلة لمنسوبيها، أو التي تُستخدم لأغراض صحية أو إنسانية أو أمنية، بموجب خطابات تصدر من وزارة الداخلية أو وزارة الصحة.
وتنسق الهيئة العامة للنقل مع وزارة الداخلية وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات والجهات المعنية الأخرى لحجب تطبيقات نقل الركاب المخالفة بشكل عاجل. وتتولى الجهات الأمنية متابعة إيقاف الحافلات وسيارات الأجرة لحين انتهاء فترة التعليق.
اقرأ أيضًا: المسؤولية الاجتماعية وأزمة كورونا.. تهديدات أم فرص؟
تحمل 60% من رواتب موظفي القطاع الخاص
وإدراكًا من القيادة الرشيدة للمشكلات التي يواجهها القطاع الخاص في هذه الفترة، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أمره الكريم القاضي باستثناء العاملين السعوديين في منشآت القطاع الخاص المتأثرة من التداعيات الحالية جراء انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، من المواد “الثامنة والعاشرة والرابعة عشرة” من نظام التأمين ضد التعطل عن العمل.
ويحق لصاحب العمل، وفقًا لهذا الأمر الملكي، بدلًا من إنهاء عقد العامل السعودي، أن يتقدم للتأمينات الاجتماعية بطلب صرف تعويض شهري للعاملين لديه بنسبة 60% من الأجر المسجل في التأمينات الاجتماعية لمدة ثلاثة أشهر، بحد أقصى تسعة آلاف ريال شهريًا، وبقيمة إجمالية تصل إلى 9 مليارات ريال.
وستكون آلية الدعم بموجب الشروط المنصوص عليها في نظام التأمين ضد التعطل عن العمل (ساند)، للمنشآت المشمولة بالأمر الملكي الكريم؛ حيث تغطي نسبة 100% من السعوديين العاملين في المنشآت التي لديها 5 عاملين سعوديين أو أقل، وتصل حتى 70% من السعوديين العاملين في المنشآت التي يتجاوز عدد العاملين السعوديين فيها 5 عمال، مع إعفاء صاحب العمل من الالتزام بدفع الأجر الشهري للمستفيدين وفق الأمر الملكي، ولا يحق للمنشأة إلزام العامل بالعمل خلال فترة صرف التعويض.
اقرأ أيضًا: سمعة الشركة.. كيف تتجنب المخاطر؟
وتُشير بعض التقديرات إلى أن إجمالي عدد المستفيدين من أمر خادم الحرمين الشريفين يتجاوز مليونًا و200 ألف عامل سعودي؛ حيث تبدأ عملية التقديم لأخذ التعويض خلال شهر أبريل الجاري، كما ستبدأ عملية الصرف اعتبارًا من أول يوم عمل في شهر مايو لتغطية أجر شهر أبريل، وذلك للعاملين السعوديين في جميع منشآت القطاع الخاص التي تعذر عليها دفع أجور العاملين السعوديين لديها بسبب تداعيات أزمة كورونا، كما اشترط الأمر الملكي أن تلتزم المنشآت باستئناف دفع أجور العاملين المستفيدين لديها وفق الأمر الملكي الكريم، فور توقف التعويض.
تقديم العلاج بالمجان
قررت المملكة، بناءً على توجيهات الملك سلمان بن عبد العزيز؛ وفي لفتة إنسانية من قيادتها الرشيدة، تحمل كل نفقات المصابين بفيروس كورونا سواءً من المواطنين والمقيمين، وهو واحد من الأمور التي تبين مدى تميز المملكة في التعامل مع هذه الجائحة.
وأمر خادم الحرمين الشريفين بتوفير علاج كورونا مجانًا لجميع المواطنين والمقيمين حتى لمخالفي الإقامة دون أي تبعات عليهم، فيما يتابع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز؛ ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، سير العمل، ويؤكد أن الإنسان له الأولوية القصوى.
اقرأ أيضًا: كورونا والمسؤولية الاجتماعية للشركات.. مساهمات للخروج من الأزمة
دعم مسارات الأبحاث
وخلال وقوق المملكة في مواجهة كورونا لم تكن بعيدة عن الركب العالمي الذي يحاول التوصل إلى لقاح أو مصل ناجع لوباء كورونا المستجد؛ حيث قررت إطلاق الكثير من المسارات البحثية، ودعم البحوث العلمية والأكاديمية في هذا الصدد.
وأطلقت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية “كاكست” المسار السريع لدعم البحوث العلمية لمواجهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
وقالت “كاكست” إن إطلاق المسار السريع لدعم البحوث العلمية لمكافحة كورونا يأتي بالتعاون مع وزارة الصحة والمجلس الصحي السعودي والمركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها “وقاية”.
وتهدف هذه الخطوة لتعزيز وتكثيف الجهود الوطنية الرامية للحد من انتشار هذا الفيروس، وتوفر الدعم للمؤسسات البحثية بالمملكة؛ لتطوير آليات الكشف والرصد للفيروس المسبب لمرض كورونا المستجد بشكل دقيق وسريع واقتصادي وفق أعلى المعايير البحثية والعلمية.
اقرأ أيضًا: الفرص الاجتماعية للشركات.. كيف تكون الأزمات وسيلة للتربح؟
يأتي برنامج دعم الأبحاث ضمن حزمة برامج البحوث الموجهة، ويهدف إلى دعم منظومة البحث والتطوير بالمملكة لتطوير الاختبارات التشخيصية للفيروس، وتطوير الفحوصات المناعية (المصلية)، إلى جانب دعم البحوث المسحية الوبائية، وأنظمة الذكاء الصناعي والترصد الجيني النشط لفيروس كورونا المستجد؛ حيث ستتيح المدينة استخدام مختبراتها المركزية للباحثين المرشحين لهذا البرنامج متى ما دعت الحاجة.
مبادرة لدعم أبحاث كورونا
وكان من أبرز علامات وقوف المملكة في مواجهة كورونا بكل ما أوتيت من قوة وجهد، والعمل في شتى المجالات، أن أعلنت جامعة جازان، من جهتها هي الأخرى، عن إطلاق مبادرة لدعم أبحاث كورونا والإجراءات الخاصة بها، بدعم من معالي الدكتور مرعي بن حسين القحطاني؛ مدير الجامعة.
وتأتي هذه المبادرة لتشجيع الباحثين من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة على إجراء الدراسات والبحوث التي تسهم في الوقاية من الفيروس، وتهدف إلى رصد وتطوير وسائل سريعة وفعالة للتشخيص والوقاية والعلاج من الفيروس.
اقرأ أيضًا: الاستثمار الأخلاقي.. هل من نمط رأسمالي بديل؟
وتستهدف المبادرة، أيضًا، العمل على تطوير خيارات للعلاجات واللقاحات، ودراسات سريرية عن الفيروس، ودراسة التأثيرات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التي صاحبت جائحة كورونا، إضافة إلى الأحكام الشرعية المتعلقة بالجوائح والأوبئة وتطبيقها على جائحة فيروس كورونا المستجد الحالية، إضافة إلى العديد من الأهداف والمحاور الأخرى التي تشمل المجالات الصحية والتكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
حكومة إلى جانب مواطنيها
وإنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وحرصًا من القيادة على سلامة وصحة المواطنين في الخارج في ظل تفشي جائحة كورونا المستجد، ومتابعة شؤونهم وعائلاتهم ومرافقيهم منذ بداية تفشي الفيروس في بلدان العالم، والتأكد من توفير كل ما من شأنه أن يضمن سلامتهم حتى عودتهم لأرض الوطن سالمين، تم إطلاق خدمة إلكترونية لعودة المواطنين الراغبين في العودة، وسيتم التعامل مع الطلبات المسجلة إلكترونيًا وتحديد مواعيد السفر بحسب الخطة المعتمدة.
وستكون الأولوية للمواطنين السعوديين بالخارج الموجودين في البلدان الأكثر تأثرًا من انتشار فيروس كورونا، وكبار السن، والحوامل، وسيخضع المواطنون حين عودتهم إلى أرض المملكة للعزل الصحي لمدة (14) يومًا.
وتُعد هذه المنصة الإلكترونية هي المسار المعتمد الوحيد لتسجيل الراغبين في العودة، ويمكن الاستفسار عند الضرورة من خلال التواصل على الرقم الموحد (920033334). ولم تزل المملكة في مواجهة كورونا تقدم كل ما يمكنها تقديمه من أجل توفير حياة كريمة للمواطنين، وتمكينهم من تخطي الأزمة بسلام.
اقرأ أيضًا: أزمة العالم الرأسمالي.. لماذا لا تأخذ الشركات خطوة إلى الأمام؟
تمديد “هوية مقيم”
بدأت المديرية العامة للجوازات في تمديد “هوية مقيم” آليًا للوافدين الموجودين داخل أو خارج المملكة العاملين في القطاع الخاص للمهن التجارية والصناعية المنتهية إقاماتهم من تاريخ 23 / 7 / 1441هـ ، الموافق 18 / 3 / 2020م، حتى 9 / 11 / 1441هـ، الموافق 30 / 6 / 2020م، لمدة ثلاثة أشهر إضافية دون مقابل مالي، لتتطابق مع ما نُفذ مسبقًا من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
ويأتي ذلك انطلاقًا من جهود حكومة خادم الحرمين الشريفين المتواصلة في التعامل مع آثار وتبعات الجائحة العالمية (كوفيد – 19)؛ لاتخاذ الإجراءات التي تضمن سلامة المواطنين والمقيمين، ومواجهة الآثار المالية والاقتصادية، وإنفاذًا للتوجيهات الكريمة.
وأوضحت المديرية العامة للجوازات، أن تمديد “هوية مقيم” تم آليًا دون مراجعة مقرات الجوازات، وبلا رسوم؛ حيث ترسل رسائل نصية عبر الجوال لكل المستفيدين، بالتعاون مع مركز المعلومات الوطني ووزارة المالية.
وأوضحت مديرية الجوازات أن العمل جارٍ لتمديد فترة صلاحية استخدام تأشيرات الخروج والعودة التي تنتهي فترة صلاحيتها من تاريخ 1 / 7 / 1441هـ، الموافق 25 / 2 / 2020م، حتى تاريخ 1 / 10 / 1441هـ، الموافق 24 / 5 / 2020م ولمدة ثلاثة أشهر إضافية مجانًا، ويشمل المقيمين من المهن التجارية الموجودين داخل المملكة التي لم تستغل تأشيراتهم خلال مدة تعليق الدخول والخروج من وإلى المملكة عبر المنافذ، وأن التمديد سيتم آليًا من النظام دون مراجعة مقار الجوازات.
وأسهمت الحلول الرقمية التي تطرحها وزارة الداخلية في تسهيل إنجاز الخدمات التي تقدمها الجوازات من خلال بوابة “مقيم”، دون الحاجة لمراجعة مقرات الجوازات، بما يساهم في دعم الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا.
اقرأ أيضًا: المسؤولية الاجتماعية للشركات.. تفادي الأزمة أم صناعتها؟
قرارت حازمة
لكن أداء حكومة المملكة، ممثلة في وزارة الداخلية، أدوارًا اجتماعية، ووضعها الإنسان في بؤرة اهتماماتها، أنها ستتهاون مع المخالفين؛ بل إن الهدف من هذه الإجراءات العقابية، حالما تُتخذ، هو الإنسان ذاته، وحمايته، وسلامة المجتمع ككل.
وفي هذا السياق، تأتي قرارات حظر التجول (الشامل والجزئي)؛ حيث أعلنت المملكة العربية السعودية، مؤخرًا، عن فرض حظر التجوال الكامل في العاصمة الرياض، وعدة مناطق أخرى؛ لمواجهة فيروس كورونا المستجد كوفيد-19.
ومن بين المدن التي يسري فيها قرار حظر التجوال “تبوك والدمام والظهران والهفوف وجدة والطائف والقطيف والخبر”، ويأتي ذلك في الوقت الذي يستمر فيه حظر السفر بين المدن السعودية.
ولا يسمح للسكان بالخروج إلا لشراء الأساسيات فى مناطقهم السكنية بين الساعة السادسة صباحًا والساعة الثالثة ظهرًا.
اقرأ أيضًا: شركة الاتصالات السعودية STC.. تعزيز للرقمنة والتزام بالمسؤولية الاجتماعية
وكانت وزارة الداخلية قررت، في وقت سابق، منع التجول في مدينتي مكة المكرمة، والمدينة المنورة على مدى (24) ساعة يوميًّا، وجاء هذا المنع في إطار الجهود التي تبذلها المملكة في مواجهة جائحة فيروس (كورونا)، وتنفيذًا لتوصيات الجهات الصحية المختصة برفع درجة التدابير الاحترازية، والإجراءات الوقائية .
وأعلن طلال الشلهوب؛ المتحدث باسم وزارة الداخلية، عن أن المخالفين سيتعرضون لغرامات، والسجن في حال التكرار، موضحًا أن رجال الأمن مستعدون لتطبيق منع التجول الذي بدأ سريانه 24 مارس، من 7 مساء حتى 6 صباحًا، ولمدة 21 يومًا.
وأضاف أن منع التجول سيطبق بكل حزم، وستُفرض عقوبات على المخالفين على شكل غرامة 10 آلاف ريال (الريال= 3.75 دولار) في المرة الأولى، تتضاعف عند التكرار، وتصل إلى السجن بما لا يتجاوز 20 يومًا في حال تكرار المخالفة للمرة الثالثة.
اقرأ أيضًا:
الطاقة النظيفة.. المملكة على أعتاب تحول جديد
كورونا والاقتصاد العالمي.. هل يقضي الوباء على الثروة؟
اقتصاد الكوارث.. من أزمة الكمامات إلى معركة ورق المراحيض!