من حكمة المولى عز وجل، عدم وجود مواصفات محددة لإنسان كامل وقوي الشخصية، بل يتمتع كل شخص بمجموعة خصائص، تختلف عن غيره، فبالرغم من تقدم البشرية بحضاراتها وعلومها، لكن تظل داخل الإنسان رغبة دفينة في أن يكون قوي الشخصية، فإذا كنت تريد- كرائد أعمال- أن تكون قوي الشخصية؛ فتمتع بهذه المقومات التسعة.
يعتقد كثيرون مفهومًا خاطئًا عن الشخصية القوية، بأنها من تسيطر على الآخرين بأفعالهِا وأقوالهِا؛ ما يعني اعتقادهم أن رائد الأعمال الذي يُطيعه موظفوه يتمتع بشخصيةٍ قويةٍ في نظرهم!
يُعرِّف علماء النفس، الشخصية القوية بأنها من يتسم يتمتع صاحبها بمهارات عالية فكريّا ونفسيًا وجسديًا، يُوظّفها في تحقيق ما يَطمح إليهِ من نجاح، فيَصنع التّغيير الذي يُميّزه عن غيره؛ أي لا توجد علاقة بين المنصب والسلطة والمال، وقوة الشخصية.
مهارات التواصل
هناك إرشادات تعزز من قوة شخصيتك؛ مثل: إجادة مهارات التواصل اللفظي والجسدي؛ إذ توصل العالم ألبرت مهربيان- في دراساته- إلى أن مجموع أثر رسالة التواصل، يُقسَّم إلى 7% كلمات، و38% نبرة صوت، و55% لغة جسد غير شفهية؛ أي إنَّ لغة الجسد تشكل وحدها 55% من نسبة التواصل بين البشر؛ لذلك يجب المحافظة على لغة جسد إيجابية أثناء التواصل.
كذلك، يجب أن يتمتع حديثك باللطف، وأن تكون كلماتك لطيفة ومهذبة؛ لإضفاء مزيد من الاحترام، والتقدير، والسرور على العلاقة بينك وبين من تتواصل معهم، ويفضل الإيجاز والاختصار والوضوح؛ بمعنى ألا يكون هناك فرصة لوجود سوء تفاهم؛ ما يتطلّب التأكد من كل كلمة تُستخدم في التواصل، سواء الكتابيّ، أو الشفهيّ.
مقومات الشخصية القويّة
يتميّز صاحب الشخصية القويّة بصفات ومقومات، تجعله ناجحًا؛ منها:
الثقة بالنفس: مع إدراك أنَّ هناك خيطًا رفيعًا بينها وبين الغرور، فالثقة بالنفس تدل على قوة الشخصية، بينما الغرور يدل على ضعفها والنقص الموجود فيها.
ولزيادة الثقة بالنفس، اعتن بمظهرك الخارجي والداخلي، ونظافتك، والاختيار الجيد للملابس، فالملابس الأنيقة تشعرك بأنك ناجح، وأنك راضٍ عن نفسك، وأنك مستعد لمواجهة العالم، واحرص على جمالك الداخلي بجمال الأخلاق، والعقل، والروح، والطباع، والثقافة.
التفكير بإيجابية: فكر بإيجابية عندما تمارس الرياضة تستطيع استبدال أفكارك السلبية بأخرى إيجابية؛ ما يعني تمتعك بقوة الشخصية، والأهم أن تتصرف أيضًا بإيجابية، فالأفعال هي حقًا ما تغير ثقتك بنفسك، فأنت نتاج أفعالك، فتغيُّر أفعالك، يعني تغيٌّر كليًا.
ركز على الأمور الإيجابيّة، وتجنب السلبيّة، سواء بالنسبة للأشخاص أو الأشياء؛ فابتعد عن كُلّ أمرٍ سلبيّ؛ لأنّه يمتص طاقتك الإيجابية، ويؤثر عليك مستقبلًا، فمصاحبة الإيجابيين الناجحين، تُضيف لك نجاحًا، وتزيد من مُحصّلة خبراتك وتجاربك، بينما من يصاحب التُعساء والذين يُعانون من الصعاب في حياتهم، تتقمّصهم الأحزان.
الاهتمامِ بالوقت: يتسم صاحب الشخصية القوية باستِغلال الوقت، والاستفادة منه قدر المستطاع؛ لتحقيق الهدف المطلوب الذي يسعى إليه، فكثيرٌ من النابغين والعظماء يُرجعون الفضل- بعد الله تعالى- في نجاحهم وإنجازاتهم، إلى استغلالهم الجيد للوقت.
المحافظة على المبادئ: إذا كنت لا تعرف المبادئ التي لا يمكنك العيش بدونها، فأنت في مشكلة حقًا؛ لأنك لن تستطيع تحديد وجهتك في الحياة، فلابد لكل شخص أن يحدد لنفسه مجموعة مبادئ وقي، يحيا وفقًا لها. قد يكون لديك مبادئ خاصة، لكنك لا تعرفها؛ لذا عليك معرفتها جيدًا لتسير على ضوئها عمليًا، وليس نظريًا فقط.
هدوء الحديث: يظهرك الحديث الهادئ بمظهر الشخص الواثق من نفسه، فتجد حديث أصحاب السلطة دائمًا متزنًا وهادئًا، بعكس غير الواثق في نفسه الذي تراه يتكلم سريعًا.
الصدق في الحديث: هو الذي يعطي الحياة معنى القوة؛ لأنه ذو سلطان على النفوس؛ حتى لمن ﻻ يتسمون به، فتجد الكاذب أو الظالم يحترم- في أعماق نفسه- من يرفع كلمة الحق والصدق؛ وهنا يكمن السر في عجز الطغاة على مر الزمان عن إسكات كلمة الحق التي جاء بها الأنبياء والمرسلون.
واعلم أنَّ هناك فارقًا كبيرًا بين الصراحة والوقاحة، فالصراحة تعني حديثًا صادقًا أكثر موضوعية وواقعية، وأن يكون مجمل كلامك منحصرًا ضمن المنطق؛ لأن العقول ترفض كل ما يخرج عن المنطق والموضوعية، والذي بدوره يعكس صورة سلبية عن شخصيتك.
المرونة: إنًّ الشخصية القوية ﻻ تعني العناد والتمسك بالرأي، بل تعني استيعاب الآخر، وفهم وجهات النظر المختلفة، والتأثير فيها بشكل إيجابي فقط. كن مرنًا حتى لا تكسرك الظروف، فكلما كانت المرونة في شيء، صَعُب كسره.
الإرادة القوية: كن ذا إرادةٍ قويّةٍ، وإصرارٍ على النجاح، ومَقدرةٍ على مُجابهة الإخفاقات.
التحكم في الغضب عند الأزمات: يَتحكّم قوي الشخصية في غَضبه، ولا يُصدر أحكامًا مُتسرّعةً؛ فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ».
اقرأ أيضًا: