ليست المسؤولية الاجتماعية بعيدة عن المجالات الاقتصادية، وتحقيق الأرباح، وإنما، وعلى حد قول بيتر دراكر؛ هي أحد عوامل نجاح الشركات؛ فالشركة لم توجد لتحقيق الأرباح، فحسب، بل إن هذا ليس هدفها الأساسي، وطالما هي تعمل في مجتمعٍ ما فعليها أن تمد له يدها.
وعلاوة على ذلك، فإن الشركة عندما تتبنى قواعد ومبادئ المسؤولية الاجتماعية فإنها تحقق لنفسها جملة مكاسب اقتصادية، لكن كيف يمكن تحويل المسؤولية الاجتماعية للشركات إلى استراتيجية أعمال؟ هذا ما سنحاول إماطة اللثام عنه في هذا المقال.
ما وراء الاقتصاد:
إن الطريق السهل والمباشر لتحقيق الربح، لم يعد مجديًا في الوقت الراهن، خاصة أن هذه الطريقة في السعي وراء مراكمة الأرباح، ولنأخذ في الاعتبار هنا أن المستهلك، في هذه الآونة، أمسى أذكى بكثير عما كان عليه في السابق، وبالتالي فإن إقناع هذا العميل أو ذاك وجذبه لاقتناء منتجاتك لم يعد بالأمر السهل.
ولذلك؛ لابد من اتباع طرق غير تقليدية يمكن من خلالها تحسين الصورة الذهنية للشركة (ولنتذكر أن هذا مكسب اقتصادي كبير رغم أنه يدخل ضمن طائفة الأهداف ما وراء الاقتصادية)، ورفع أسمهما لدى الجمهور المستهدف.
وهنا، تأتي المبادئ والأطر العامة للمسؤولية كطوق نجاة، واستراتيجية أعمال مُثلى لتحقيق الكثير من الأهداف والمبادئ ما وراء الاقتصادية، والتي من بينها أهداف اقتصادية وأخرى اجتماعية، وغيرها كثير.
ومن ثم، فإن استخدام هذه الطريقة، أي تحويل أنشطة الشركة الاجتماعية إلى استراتيجية أعمال تنطوي على إمكانيات اقتصادية جمة، وبالتالي، فإن الأجدى الآن التخلي عن وجهة النظر التقليدية التي ترى أن الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية للشركات ليس إلا عمل لإرضاء المجتمع على حساب مصالح الشركة، والمساهمين فيها؛ فقد تبين أن الصواب هو العكس تمامًا.
المسؤولية الاجتماعية كقيمة مضافة:
يذهب كثير من الباحثين في حقلي الاقتصاد والعلوم الاجتماعية إلى أن استخدام “المسؤولية الاجتماعية” كمنهج اقتصادي، أو بالأحرى كاستراتيجية أعمال قد ينطوي، في حال تم استخدامها الاستخدام الأمثل، على فرص جديدة، بل قد يكون ميزة تنافسية في حد ذاته.
ليس هذا فحسب، بل إن الأنشطة الاجتماعية التي تقوم أو تلتزم بها المؤسسة قد يكون بمثابة قيمة مضافة لهذه الشركة أو تلك؛ فالعملاء يذهبون لاقتناء منتجات الشركة التي يرونها تؤدي خدمات لمجتمعهم المحيط.
مبادئ دمج المسؤولية الاجتماعية:
السؤال الأهم هنا هو: كيف يتم دمج المسؤولية الاجتماعية في استراتيجية الشركة؟ إذ بدون عملية الدمج هذه لن يكون في استطاعة الشركة تحقيق المنافع الاقتصادية وغير الاقتصادية من جراء الالتزام ببعض الأنشطة والخدمات الاجتماعية وأدائها للمجتمع.
وعلى كل حال، فالمبادئ التالية ستساعد الشركات في عملية دمج المسؤولية الاجتماعية:
1- خلق فرص عمل، بل خلق فرص اقتصادية جديدة.
2- تطوير أسواق جديدة، ويكون ذلك من خلال إنتاج سلع جديدة تحافظ على الكفاءة البيئية، وتحافظ على الموارد الطبيعية، وهو ما يعني استهداف شرائح جديدة.
3- استخدام مواد الإنتاج في عملية التدوير، وهو مكسب اقتصادي في حد ذاته.
4- تطوير جودة حياة العمل، بمعنى المساهمة في خلق جو من الرفاهية في العمل.
5- إشراك العملاء ودمجهم في استراتيجيات الشركة الاجتماعية.
تساعد هذه المبادئ أو الاستراتيجيات في تحقيق منافع من وجهين؛ فهي من جهة منافع اجتماعية، ومن جهة أخرى منافع اقتصادية للشركة، وهو الأمر الذي يعني أنه من خلال توطيد العلاقة بين الاقتصاد والمجتمع يمكن تحقيق منافع للمجتمع وللمؤسسات الاقتصادية والتجارية في الوقت ذاته.
اقرأ أيضًا:
التنمية المستدامة.. نموذج صناعي بديل!