لم تعد الأدوار الاجتماعية للشركات محصورة في بعض الأنشطة والمبادرات الخيرية، وإنما تطور الأمر كثيرًا بفعل التغيرات المتلاحقة التي ما فتأت تحدث يومًا تلو الآخر؛ لذلك فإن محاولة بحث قضية المسؤولية الاجتماعية تجاه المصابات بسرطان الثدي ليست مفاجئة.
وذلك لأنه من الممكن النظر إلى المسؤولية الاجتماعية، من زاوية ما، باعتبارها سياسة إطفاء الحرائق، هذا لا ينفي أنها تعمل على منع نشوب الحرائق من الأساس، فمع التوسع العولمي، وظهور الشركات متعددة الجنسيات، والسوق الحر ازدادت المشكلات وتوسعت أيضًا الجهود الرامية إلى حل تلك المشكلات.
اقرأ أيضًا: جو رايلي.. إنسانية رائدة أعمال تدعم مريضات السرطان
التوعية المسؤولة
ولعل الإحصائيات والأرقام وحدها هي التي تحتم إيجاد نوع من المسؤولية الاجتماعية تجاه المصابات بسرطان الثدي، فوفقًا للمركز الكندي لإحصاءات سرطان الثدي، على سبيل المثال، يتم تشخيص 72 امرأة كندية _في المتوسط_ بسرطان الثدي كل يوم، فيما تموت 14 امرأة كندية بالمرض ذاته يوميًا.
نحن أمام دولة من العالم الأول ومع ذلك نسب الإصابة مرتفعة بل مخيفة، فما بالك ببلدان العالم النامي.
إننا ندرك أن القضية أعقد من أن تتولاها جهة بمفردها، فلا الجهود الحكومية وحدها كافية، ولا المبادرات الاجتماعية كافية، ومن ثم لا بد من إحداث نوع من تضافر هذه الجهود مجتمعة كي نمنع الكارثة أو نُحجّم أثرها على الأقل.
وربما يكون أول جهد يقع على كاهل الشركات في سياق قيامها بواجبات المسؤولية الاجتماعية تجاه المصابات بسرطان الثدي هو التوعية، وتعليم النساء كيفية مواجهة المرض، والعمل على اكتشافه المبكر، والحد من أثره.
ووفقًا لبرنامج NCCP التابع لمنظمة الصحة العالمية: إن رفع مستوى الوعي العام حول مشكلة سرطان الثدي وآليات التحكم فيه والدعوة لسياسات وبرامج مناسبة هي استراتيجيات رئيسية للسيطرة على هذا المرض.
اقرأ أيضًا: المنافسة العادلة بين الشركات.. فلسفة الربح الجماعي
العولمة ونمط الحياة
لسنا هنا في معرض محاكمة العولمة ولا الحديث عن سلبيات الشركات متعددة الجنسيات، ولكن بوسعنا القول إن الكثير من مظاهر «الحياة العولمية» _إن جاز هذا التعبير _ ذات آثار صحية ضارة، وإن كانت بعض هذه الشركات تسببت، وإن من دون قصد طبعًا وبشكل غير مباشر، في إصابة الناس ببعض الأمراض، فإن عليها أن تصلح ما أفسدته.
ولعل قيام الشركات الكبرى ذات القدم الراسخ والمصداقية القوية في الأسواق بالتسويق لتغيير نمط الحياة يُعد خطوة مهمة على طريق محاربة سرطان الثدي، فوفقًا للصندوق العالمي لأبحاث السرطان فإن بعض عوامل نمط الحياة تتسبب في الإصابة بسرطان الثدي.
غير أن هذه العولمة ذاتها _وهذا أمر إيجابي لا بد من الإشارة إليه_ أجبرت الشركات متعددة الجنسيات على الانخراط في حملات يمكن تكرارها عبر الحدود الجغرافية والاجتماعية والسياسية.
وبات من الواجب على هذه الشركات، مثلًا، التأكد من أنها لا تقدم منتجًا أو خدمة في سوق ما قد يتسبب في إحداث ضرر بسوق آخر؛ أي أن العولمة تقود الشركات نحو نوع من التجانس، والنظر إلى الأسواق المختلفة ككتلة واحدة، والحرص على منع حدوث الأضرار الصحية على الأقل.
المملكة والمسؤولية الاجتماعية تجاه المصابات
من جهتها، لم تترك المملكة مجالًا يخدم مواطنيها ويسهم في تحسين جودة حياتهم إلا وطرقته، ولم تقتصر في ذلك على الجهود الاقتصادية والاجتماعية _وهي كثيرة_ ولكنها تخطت ذلك لتصل إلى مبادرات أخرى تشمل شتى مناحي الحياة تقريبًا، ولعل حملة مواجهة سرطان الثدي التي انطلقت العام الماضي تحت شعار «لا تنتظري الأعراض، افحصي الآن» خير مثال على ذلك.
وتأتي هذه الحملة تزامنًا مع فعاليات الشهر العالمي للتوعية بسرطان الثدي «الشهر الوردي»، التي تقام في شهر أكتوبر من كل عام، وتماشيًا مع مبادرات منظومة الصحة في البرنامج الوطني للتحول ورؤية المملكة 2030.
وكان مجلس الضمان الصحي التعاوني أكد، في وقت سابق، أنّ شركات التأمين الصحي ملزمة بتغطية تكاليف علاج الأورام الحميدة والسرطان، لا سيما سرطان الثدي، وبحد المنفعة القصوى.
من جانبه، أوضح ياسر المعارك؛ المتحدث باسم المجلس، أنّ حد المنفعة الأقصى لعلاج سرطان الثدي يبلغ 500 ألف ريال (133 ألف دولار) خلال مدة الوثيقة، ويشمل ذلك جميع مصاريف الكشف الطبي والتشخيص والعلاج والأدوية وعمليات الترميم.
وما زالت جهود المملكة لـ مواجهة سرطان الثدي وغيره من الأمراض مستمرة، ولا تزال المملكة معطاءة، وتضع المواطن السعودي وأمنه وصحته وسلامته فوق كل اعتبار.
اقرأ أيضًا:
ضمان العدالة بين الموظفين.. الطريق لبيئة عمل صحية
اليوم الوطني ودعم المرأة السعودية في المحافل الدولية
قواعد نجاح المسؤولية الاجتماعية للشركات