تعتمد المراوغة الذهنية على مجابهة التفكير بالتفكير؛ فتحدث مراوغة ذهنية باطنية عالية المستوى بين طرفي الحق في سبيل أخذ حق أو تركه؛ بهدف إكمال مستحق يتعلل به كلٌ منهما من أجل مصلحة مشتركة؛ كإنجاز مشروع لم يتم استكماله.
تزامن بناء فندق في مرحلته الأخيرة في دولة خليجية مع الأزمة العالمية، فاستشعر العمال بأنهم قد يفقدون وظائفهم بعد الانتهاء من هذا الفندق؛ فبدأ مسلسل مماطلتهم؛ بهدف تأخير تسليم المبنى، فتارةً يتعللون بالأجواء المناخية التي لا تسمح بالعمل، وتارةً بأن وقت صب الإسمنت غير مناسب، وتارةً إضراب، وتارةً طلب زيادة الرواتب؛ وذلك لطلب توقيع عقود عمل طويلة الآجل.
ومن الصدف، أن يعرف مسؤول بالشركة أن تلك المبررات، ليست سوى محاولة منهم لتعطيل العمل، وخوفًا من عدم تجديد عقودهم، ولأن فترة تسليم المشروع قد حانت، فقد طلب المسؤول اجتماعًا سريعًا مع مسؤوليه وأخبرهم بالأمر.
طال الاجتماع لمدة 4 ساعات؛ للبحث عن مخرج لتلك المشكلة، ولكنهم لم يخرجوا بحل مثمر؛ فقرروا عرض الأمر على الرئيس التنفيذي بالشركة.
وعندما عُرض الأمر على الرئيس التنفيذي، ابتسم وقال:” هل أبلغتموهم بأن لدينا 3 مشاريع سيبدأ العمل فيها بعد 8 أشهر؟! أجابوا: لا، فقال: أبلغوهم الآن”.
وبالفعل تم إبلاغهم؛ فما كان منهم إلا أن أنجزوا المتبقي من الفندق خلال سبعة أشهر فقط. إنه تحول غريب ومثمر؛ بسبب نوعية تفكير الرئيس التنفيذي، على الرغم من أنه لا وجود لثلاثة مشاريع كما زعم، ولكن استمر عمل العمال دون توقف.
والشاهد من ذلك، ألا تبالغ في مشاكلك؛ فيصعب عليك حل أسهلها، فتتراكم وتكبر ويصعُب حلها، بل أعطِ للمشكلة وقتًا للتفكير؛ لتحصل على كافة تفاصيلها التي تعينك على حلها، وشارك الآخرين نفس الاهتمامات، عندما لا تجد حلًا مناسبًا، وثق في أن لكل مشكلة حلًا، فالأبواب الكبيرة تُفتح بمفاتيح صغيرة.
اقرأ أيضًا:
لماذا تقدمت دول الخليج العربي في مؤشر السعادة؟