يجد المدير المرن نفسه فريسة تنازع شديد؛ فهو مطالب، من جهة، بأن يكون مرنًا وديمقراطيًا ومنفتحًا على كل الآراء والتصورات الأخرى، وفي نفس الوقت، عليه، من جهة أخرى، أن يكون حازمًا، وأن يضمن، وفق مقاييس ومعايير واضحة ومحددة، أن مرونته تلك تؤتي أكلها، وأنه يمكن أن يصل، من خلالها إلى ما ينشده.
وعلى الرغم من هذه التحديات إلا أن المرونة مطلب أساسي لا مفر منه، خاصة في بيئات اجتماعية واقتصادية لا تتسم بشيء أكثر من اتصافها بالتغير السريع والجذري.
اقرأ أيضًا: الإدارة الصحيحة ونجاح الشركات
القيادة المرنة والتكيف
القادة المرنون هم أولئك الذين يمكنهم تعديل أسلوبهم أو نهجهم في القيادة استجابة لظروف غير متوقعة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهؤلاء القادة التكيف مع التغييرات فور حدوثها؛ حيث يمكنهم مراجعة خططهم؛ لدمج الابتكارات الجديدة، والتغلب على التحديات القائمة، مع الاستمرار في تحقيق أهدافهم.
سوى أن الأمر ليس مقتصرًا على احتضان الجديد أو التكيف معه، وإنما يمكن لهذا المدير المرن أو ذاك تنفيذ سلوكيات جديدة في المواقف القديمة القائمة، أي أن يدخل تعديلات على الكيفية التي كان يتم بها العمل سابقًا؛ ما يعطي الفرصة للتعبير عن الإبداع في العمل، وإيجاد طرق جديدة لحل المشكلات.
وعلى كل حال، فالمرونة هي الرغبة في تجربة سلوكيات جديدة، بغض النظر عما إذا كان المرء يفكر حاليًا في التغيير أم لا، فهي أسلوب حياة، وأمر أساسي لدى هؤلاء القادة المرنين.
اقرأ أيضًا: كيف تكون قائد فريق ناجحًا؟
المرونة وحدها لا تكفي!
يتوجب علينا في هذا الإطار أن نشير إلى أن التكيف مع الأحداث الجديدة والمستجدات والأحداث الطارئة أو الانفتاح على كل ما هو جديد ومختلف.. إلخ ليس كافيًا لصناعة مدير مرن؛ فجوهر القيادة المرنة لا ينحصر عند احتضان الجديد.
وإنما المدير المرن يخطو دائمًا خطوة أخرى إلى الأمام؛ حيث يحاول دائمًا مساءلة تصوراته، وتقييم طرائق تعاطيه مع الأمور المختلفة، أي أنه بعدما قرر الاستجابة للتحديات الجديدة واحتضانها يحاول قياس مدى مساهمة ذلك في تحقيق أهداف الشركة وتلبية طموحاتها.
وهكذا لا يكون القادة المرنون سابقين بخطوة فحسب، وإنما هم عمليون إلى أبعد حد؛ فالكلام الكبير لا يعني شيئًا طالما لم ينعكس على شكل نتائج، كما أن التكيف مع الجديد ليس كافيًا لميلاد قيادة مرنة.
اقرأ أيضًا: 7 خطوات تضمن بناء استراتيجية فاعلة للعلاقات العامة الرقمية
التوجه الدائم صوب البدائل
هناك ملمح أساسي في القيادة المرنة لا يمكن إغفاله أو التغاضي عنه وهو أن القادة المرنين لا يثقون كثيرًا في الخطط الحالية، ولا في طرق أداء العمل خلال الوقت الراهن؛ ليس لأنهم يشكون في خططهم أو لأنهم لم يبذلوا قصارى جهدهم في التخطيط، وإنما لأنهم يسعون دائمًا صوب الأفضل.
هذا السعي المحموم صوب الأفضل يقودهم دائمًا إلى التفكير في شتى البدائل الممكنة؛ فربما يكون إحدى هذه الخطط أكثر فعالية ونجاعة، وهذا التفكير الدائم في البديل والسعي للتجريب أملًا في الوصول إلى الأفضل هو ما يجعل من المدراء مرنين كذلك.
فالمدير المرن، على سبيل المثال، مستمع جيد؛ ذلك لأنه يحاول البحث عن فكرة جديدة، عن تصور آخر مختلف قد يدفع بالشركة إلى الأمام، وربما يعثر عليه من خلال إنصاته لأحد موظفيه.
وعلاوة على ذلك، فالمدراء المرنون شجعان؛ فلديهم دائمًا الجسارة التي تُخولهم تجريب كل فكرة تبدو راجحة ومنطقية، فالخوف لا يؤدي إلى شيء، ولن نخسر شيئًا لو جربنا طريقة جديدة. وهكذا يكون المدير المرن هو المطلب الأساسي في بيئات العمل الحالية التي لا تكف عن التبدل والتغير، وعلى الرغم مما يواجهه من تحديات وعقبات، إلا أن النتائج التي يمكن، من خلال المرونة، الوصول إليها، تهون مشقة الطريق.
اقرأ أيضًا:
مفهوم الإدارة والتطبيقات العملية
التخطيط الاستراتيجي للشركات الصغيرة والمتوسطة