تأتي كل حضارة بفنها وتاريخها ومنظومتها الفكرية والعقائدية، وأعقب مجيء الإسلام، ببضع عقود، ظهور ما بات يعرف بـ «الفن الإسلامي» وهو مصطلح واسع من حيث الفترة الزمنية التي يغطيها أو البقعة الجغرافية التي يوجد بها هؤلاء الفنانون المسلمون.
ويشمل الفن الإسلامي كل الإنتاج الفني منذ الهجرة النبوية وحتى القرن التاسع عشر، هذا من الناحية الزمنية. أما جغرافيًا فهو يعبر عن فنون تلك المنطقة التي تمتد من إسبانيا إلى بعض الأجزاء من الهند.
اقرأ أيضًا: في اليوم الوطني 90.. العيدان تنظم معرضًا للمبدعات السعوديات
تعددية المسميات ووحدة المضمون
أُطلقت على الفن الإسلامي مسميات كثيرة، فمنهم من سمّاه “الفن المغربي”، وهي تسمية تصلح فقط لفـن شمال إفريقيا وفنون الحضارة الإسلامية في الأندلس، وأطلق عليه آخرون “الفن العربي”، وكذلك الفن المحمدي، وهي كلها، كما هو ظاهر، تسميات تتناول جانبًا واحدًا فقط من هذه الفن.
ولذلك كانت تسمية الفن الإسلامي الأكثر دلالة على ذلك الفن الذي انتشر في جميع الدول الإسلامية، على اختلاف مصادرها، كالفن العربي والفن الفارسي والفن التركي والفن الهندي.
وعلى رغم من تميز هذا الفن بوحدة أسلوبية ومضمونية واضحة، إلا أنه لا يمكن إنكار أن هناك فروقًا ظلّت مميزة لبعض نتاجات هذا بحسب الأقاليم والعصور، وبحسب التقاليد التاريخية لكل أمة من الأمم التي دخلت الإسلام.
اقرأ أيضًا: فاطمة النمر لـ “رواد الأعمال”: نقدّر دعم المملكة للفن ونفتخر بانتمائنا لهذا الوطن
فنون إسلامية
هناك العديد من أنواع الفنون الإسلامية نذكر منها ما يلي:
-
الخزف
تُعدّ الزخرفة الخزفية أبرز أنواع الفن الإسلامي، وتأتي التحف الخزفية الإِسلامية في مقدمة تحف هذا الفن، وهي عبارة عن طين مشوي بأشكال مصبوبة، أو مكونة مغطاة بدهان براق أزرق وأخضر، أو بدهان ذي بريق معدني بإضافة بعض الأملاح إليه.
وكان الخزّافون المسلمون هم أول من اخترع البريق المعدني في زخرفة الخزف، ويعتقد أن ابتكاره تم في العراق، ولكنه نضج وأصبح لونه ذهبيًا منذ القرن الثالث الهجري، ومن المراكز التي اشتهرت بصنع الخزف: قاشان، والرقة في سوريا، والفسطاط في مصر، ومالقة في الأندلس، وسامراء والموصل والرصافة في العراق.
-
النسيج والسجاد
ارتبط النسيج بحاجة الناس العامة إليه، فكثرت مصانعه والعاملون فيه تلبية لتلك الحاجات، حتى برز كنوع من أنواع الفن الإسلامي، واختص بعناية الفنانين والنسّاجين.
وأنشأت بعض الدول المسلمة دُورًا خاصة تشرف عليها الدولة، مهمتها إنتاج الملابس لبيت الخلافة، وأُطلق على هذه الدور اسم دور الطراز، وخصص ابن خلدون في مقدمته فصلًا تحت هذا العنوان بينَّ فيه مهمة هذه الدار وقُرب المسؤول عنها من الخليفة، كما بينَّ أن وجودها ارتبط بعهود الرفاهية.
واشتهرت بعض المدن بإنتاج أنواع معينة من المنتوجات، فعُرفت دمشق بصناعة النسيج الحريري السميك المعروف بالدامسكو أو الدمقس، واشتهرت بغداد والموصل بنسيج حريري ناعم عُرف بالموصلين، وتعددت مدن صناعة النسيج بمصر، وفيها كانت تُصنع كسوة الكعبة وتُطرز.
أما صناعة السجاد فانتشرت في أماكن متعددة من العالم الإِسلامي، مثل: تركيا، وسوريا، ومصر، وتعتبر إيران بلدًا لا يجارى في هذه الصناعة، التي وصلت إلى ذروتها في القرن العاشر الهجري؛ حيث أنتجت أنماطًا لا تضاهيها أنماط أخرى في جمالها وسحرها، وكانت أصفهان، وتبريز، وشيراز، وقاشان، وهمدان، أهم المدن في إنتاج هذه الصناعة.
-
الزجاج
تُعد صناعة الزجاج أحد أنواع الفن الإسلامي، وهي صناعة قديمة في سوريا ومصر، وهناك قطع ترجع في تاريخها إلى القرن الثالث الهجري، وبلغت صناعة الزجاج قمتها في مصر وسوريا خلال القرن السادس الهجري، وكان من مراكز النشاط فيها حلب ودمشق والفسطاط والإِسكندرية.
اقرأ أيضًا:
الترفيه في المملكة بين جذب الاستثمارات وتحسين جودة الحياة
فن القط العسيري.. ألوان تقليدية تصل للعالمية
مريم الشملاوي: الفن السعودي يشهد دعمًا غير مسبوق وعلى أعلى مستوى