هناك الكثير من المفاهيم والمصطلحات التي كثر استخدامها في حقبة الرأسمالية العليا، وثقافة السوق الحر، والتي كانت بمثابة رد فعل على هذه التطورات الاقتصادية المتلاحقة، ومن أبرز هذه المصطلحات الفرنشايز وريادة الأعمال وغيرها من المفاهيم الأخرى.
لكن هل يمكن القول إن هناك علاقة فعلية بين هذين المفهومين؟ وإن كان ثمة علاقة فما هي حلقة الوصل بينهما؟ هذا ما سنجتهد في بيانه عبر الأسطر التالية.
الفرنشايز.. تداول الفكرة والإبداع:
تقوم الفكرة الأساسية في الفرنشايز (الامتياز التجاري) على فكرة أساسية هي التداول؛ تداول الفكرة، وطريقة تطبيقها، وتقديم المساعدة الفنية والعملية التي تضمن استمرار الناجح.
لكن لا يقدم مانح الفرنشايز “Franchisor” مجرد فكرة، عامة أو مجردة، بل إنه يقدم لممنوح الفرانشايز “Franchisee” المشروع وهو قائم بالفعل، ولا يكتفي بهذا فقط، بل هو يقدم المساعدات الفنية، والخبرات الداعمة، التي تضمن لكل من الطرفين ضمان بقاء المشروع، واستمرار تحقيق الربح.
لكن ثمة سؤال أساسي هنا يجب أن يُثار: ما الذي سيجنيه مانح الفرنشايز من هذه العملية طالما هو يقدم امتيازه التجاري ومشروعه الناجح بالفعل لشخص آخر هو ممنوح الفرنشايز؟
هذا السؤال، وذاك الاشتباك واللبس لن يتم حله إلا بتعريف الفرنشايز ذاته.
ما هو الفرنشايز؟
يمكن القول، اختصارًا، إن عقد الامتياز التجاري هو عبارة عن عقد بين طرفين مستقلين قانونيًا واقتصاديًا، يقوم بمقتضاه أحد طرفيه، والذي يطلق عليه مانح الفرنشايز “Franchisor” بمنح الطرف الآخر؛ ممنوح الفرانشايز “Franchisee”، الموافقة على استخدام حق أو أكثر من حقوق الملكية الفكرية والصناعية (الاسم التجاري، العلامة التجارية، براءة الاختراع، أو النماذج الصناعية) أو المعرفة الفنية لإنتاج السلعة أو توزيع منتجاته أو خدماته تحت العلامة التجارية التي ينتجها أو يستخدمها مانح الفرنشايز ووفقًا لتعليماته وتحت إشرافه، حصريًا في منطقة جغرافية محددة ولفترة زمنية محددة، مع التزامه بتقديم المساعدة الفنية، وذلك في مقابل مادي أو الحصول على مزايا أو مصالح اقتصادية.
إذن، الفائدة هنا تكون من نصيب الطرفين (المانح والممنوح)، وكلاهما يحصل على مكاسب، تختلف عن مكاسب الآخر، فمانح الفرنشايز سيضمن، عبر عملية منح امتيازه التجاري، التوسع، وذيوع الفكرة، وتاليًا تعظيم الربح، فضلاً عن تخفيض النفقات؛ فالممنوح هو الذي سيتولى كل شيء في مشروع الفرنشايز، كأن يفتتح فرعًا لماكدونالدز مثلاً في منطقة جغرافية جديدة.
أما ممنوح الفرنشايز، فإنه يحصل على الفكرة (الإبداع وقد أمسى واقعًا)، وسيضمن الحصول على كل الخبرات والمساعدات الفنية، كما أن النجاح مضمون في هذا النوع من الممارسات التجارية إلى حد كبير؛ فالتجربة التي يقوم بها ليست في طور التطوير بل في طور النضج.
الأفكار تُدر دخلاً:
لعل الملمح الأساسي في فكرة الامتياز التجاري وعقود الفرنشايز هو أنها تعزيز وتكريس لثقافة التداول، لكنه ليس تداولاً لأموال خام، ولا لأفكار صماء، بل تداول للإبداع، وطرق التطبيق، وأساليب الممارسة الفعالة.
إن الأفكار، خاصة في عصر ما بعد الألفيات، هي السلاح الأقوى، وهو الوسيلة المثلى ليس لجني الأرباح فحسب، بل لامتلاك ناصية المستقبل، وتطويعه، والدفع به في المسار الذي نريد.
الفرنشايز وريادة الأعمال:
الطريق إلى ريادة الأعمال مفروش بالامتيازات التجارية، هل يمكن التجاسر على تبني قول كهذا؟ يمكن بالطبع اعتبار هذه المقولة كحقيقة، طالما فهمنا أن حلقة الوصل بين الفرنشايز وريادة الأعمال هو الإبداع؛ أي الإبداع في الفكرة ذاتها، فكرة المشروع الذي يُجرى منح حقه امتيازه التجاري.
كل مشروع امتياز تجاري هو فكرة رائدة في الأساس، أي منطوية على إبداع ما، وإلا لما جاز أن يُطلق عليها وصف الريادة.
فمشروع الفرنشايز لم يكن يستحق منح حقوق امتيازه ما لم يكن ناجحًا، أو إذا كانت فكرته تقليدية، فليس من المنطقي أن تمنح حقوق الفرنشايز لمشروع فاشل أو ذي فكرة تقليدية.
اقرأ أيضًا:
لماذا تفشل بعض مشاريع الفرنشايز؟