قال أسامة العمري؛ خبير التسويق وتطوير الأعمال، المدير التنفيذي لشركة “جليمر للتسويق والتدريب” في كندا، إن أهم سمات أزمة كورونا أنها فرضت مجموعة من التغيرات في الأنماط السلوكية والاقتصادية والاجتماعية، مثل: عدم الخروج من المنزل، انتهاء الاجتماعات والمناسبات والتجمعات، انخفاض الإقبال على المطاعم وأماكن الترفيه.
وأضاف “العمري”؛ في حديثه الحصري لـ «رواد الأعمال»، أما على المستوى الاقتصادي فتبرز هذه التغيرات في التوجه إلى الدفع الشبكي، والتعامل عبر بطاقات الفيزا، فضلًا عن أن أغلب التعاملات صارت إلكترونية “أون لاين”، وازدهار التعاملات السحابية، لافتًا إلى أن التغيرات على المستوى السلوكي تمثّلت في ميل الإنسان إلى الاستقلالية، وتلبية احتياجاته بنفسه: مثل الحلاقة، تصليح الأجهزة الكهربائية، أعمال السباكة.. إلخ، ناهيك عن الإفراط في الوقاية الصحية، والتباعد الاجتماعي.
شركات تستثمر في كورونا
ورأى خبير التسويق وتطوير الأعمال أن كل هذه السمات تدفعنا إلى استخدام استراتيجيات تسويقية تتماشى معها، فبعض الشركات قد يناسبها استراتيجية المنتجات، وهي تلك التي تعتمد على إعادة توظيف المنتج وفق حاجة المجتمع، أو استحداث منتج جديد يتناسب مع حاجيات المجتمع في الوقت الراهن، قائلًا “ومن أمثلة ذلك: شركة نايكي التي عقدت شراكة مع جامعة أريغون للعلوم والصحة؛ لإنتاج معدات وقائية وماسكات للوجه، وشركة أديداس، والعديد من شركات اللياقة الأخرى التي أطلقت تطبيقاتها الإلكترونية؛ لاستثمار المرحلة الحالية في التمارين المنزلية”.
اقرأ أيضًا: كورونا والعاملون عن بعد.. طرق التغلب على العقبات
وأشار إلى أن شركة برومو بوت للروبوتات استغلت أزمة كورونا الحالية، فأطلقت أحد الروبوتات الخاصة بها في تايمز سكوير بلندن، وحديقة براينت بارك بنيويورك، ليتولى الروبوت استجواب الأشخاص؛ لمعرفة ما إذا كان لديهم أعراض فيروس كورونا، ثم يوزع عليهم أقنعة الوجه، ولاقى هذا الموقف اهتمام الشركات والمستشفيات والمطاعم التي وجدت فيه حلًا للعديد من مشاكلها الراهنة، وانهالت الطلبات على الشركة؛ نظرًا للحاجة إلى الروبوتات في مجالات المطاعم والخدمات الطبية وغيرها.
وقال «العمري»: ولم تتوان شركة “Airpura” في توظيف الأزمة لصالحها؛ حيث أعلنت، في أحد مؤتمراتها، عن أنها استحدثت منتجًا جديدًا، وهو أجهزة تنقية الهواء، والتي تتميز بأنها تستطيع “إزالة فيروس كورونا من الهواء تمامًا”.
وبيّن المدير التنفيذي لشركة جليمر للتسويق والتدريب بكندا أن هناك بعض الشركات العربية تجاوبت مع الأزمة بشكل مختلف؛ فأعلنت شركة عرب سيكيوريتى جروب ASG للحلول والأنظمة الأمنية المصرية، على سبيل المثال، عن تطوير حلول متكاملة من الكاميرات الحرارية، بالتعاون مع شركتى “داهوا” و”يونى فيو”، ترصد حاملى الفيروس، ودرجة حرارة المارة على مسافة 3 أمتار بطريقة لا تلامسية. وتعاقدت مع بعض الحكومات العربية؛ لتوريد تلك الكاميرات، واستخدامها في التجمعات، ومحطات القطارات.. إلخ.
اقرأ أيضًا: المملكة في مواجهة كورونا.. “الإنسان أولًا”
زيادة الطلب على خدمات النقل الذكي
وأفاد بأن شركة تراكسل لطلب خدمة نقل البضائع أون لاين على المحمول أعلنت عن أن هناك زيادة في الطلب على خدمات النقل الذكى من شركات الأغذية والأدوية، منذ منتصف فبراير الماضى، بنسبة بلغت 300%، خاصة على السيارات المجهزة بمبردات، وسيارات النقل؛ ما دفعها للعمل على توسعة أسطولها الخاص.
وقال «العمري» إن بعض شركات الأغذية استغلت الأزمة بشكل جديد؛ فأطلقت بعض المقاهي حملة على شبكات التواصل الاجتماعي عن قهوة ذات مذاق خاص، وأطلقوا عليها اسم “قهوة الحظر”، كما سوقت بعض المطاعم وجباتها ليس كالمعتاد هذه المرة، ولكن كمكونات تطبخها في المنزل لتحصل على الوجبة اللذيذة بصنع يديك.
واستطرد: كانت الحظوة في تلك الأزمة لشركات المنظفات العالمية والمحلية، التي ابتكرت منتجات تطهير بأسعار منافسة؛ لتعويض النقص في المعروض، كما ظهر في الصورة شركات حكومية تتولى ذلك الأمر، وبعض المختبرات الطبية في كليات العلوم وأقسام الكيمياء تنازع القطاع الخاص حصته السوقية.
اقرأ أيضًا: الإمداد التسويقي.. مهمة مزدوجة ومزايا كبرى
استراتيجية المكان
وتابع أسامة العمري: إن استراتيجية المكان هي من بين الاستراتيجيات التسويقية للتعامل مع الأزمات، وهي تلك الاستراتيجية التي تعتمد على تنويع مصادر التوزيع، وأصبح المنفذ الأكثر جاذبية وفعالية في الأزمة هو المنفذ الإلكتروني، فمن استطاع من المنظمات مواكبة تلك المتغيرات وسعّ حصته السوقية.
وأضاف أن شركة أمازون رغم استثمارها في عام2017 في متاجر البقالة هول فودز بقيمة 13.7 مليار دولار إلا إنها أعلنت تخفيض عدد ساعات الدوام لتلك المتاجر لست ساعات فقط في مقابل زيادة ساعات التسويق على متجرها الإلكتروني؛ حيث بلغت نسبة طلب مواد البقالة والتغذية في الولايات المتحدة الأمريكية ما يقرب 210% في شهري مارس وأبريل مقارنة بـ 2019.
اقرأ أيضًا: الالتزام تجاه العملاء.. فرصة لالتقاط الأنفاس
وأوضح أن شركة “Migros” التركية وفّرت 1200 وظيفة جديدة لعمليات التسوق الافتراضية، و1000 وظيفة جديدة في متاجرها؛ ليبلغ عدد الوظائف الجديدة التي وفرتها الشركة خلال 10 أيام 2200 وظيفة، كما أعلنت عن أنها بصدد توفير 1000 وظيفة أخرى في غضون 10 أيام.
وذكر أنه، وعلى نفس الصعيد، وسعت شركات التوصيل في السعودية، مثل: مرسول، نعناع، وجاهز وصلني تاكسي، سوق.. إلخ، نطاق عملياتها من الطعام إلى كل ما تحتاجه الأسرة، وسار على نفس النهج تطبيق “يلا فرن” في الأردن، وساعد ذلك في زيادة الحصة السوقية والأرباح لتلك الشركات لترسم سيطرتها على السوق في فرصة ذهبية قد لا تتكرر.
اقرأ أيضًا:
مستقبل العمل عن بعد وأثره في أداء الموظفين
“أبو القمبز”: أزمة “كورونا” قادتنا للتحول الإلكتروني غصبًا عنا
معتز الدخيل: دعم القطاع الخاص يضمن استدامة المنشآت الصغيرة والمتوسطة