التزامًا بالمسؤولية الاجتماعية تجاه الكوكب برمته، تُعتبر الطاقة المتجددة في المملكة العربية السعودية من أهم المقومات التي تدعم رؤيتها في الحفاظ على سلامة المواطن أولًا، وتبني التطورات التي تدعم الاستدامة البيئية.
لكن في البداية: ما هي الطاقة المتجددة؟ وما فائدتها بالنسبة للعالم؛ خاصة في ظل الاحتباس الحراري الذي يهدد حياة ملايين الكائنات الحية.
إن الطاقة المتجددة هي الطاقة المستمدة من الموارد الطبيعية للبيئة والتي لا تنفد، ويتم إنتاجها من الرياح، الشمس، والمياه، إضافة إلى تلك الطاقة الناتجة عن المد والجزر، أو الطاقة الحرارية الأرضية.
وهي تُعد طاقة صديقة للبيئة بعكس الطاقة التقليدية التي تعتمد على الوقود والبترول؛ والتي تلحق الأذى بالبيئة، وتسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض، وتساهم في تعزيز الاحتباس الحراري؛ ما ينتج عنه ذوبان الجليد في القطبين، أو الحرائق العالمية للغابات، وبالطبع سيقع تأثيرها السلبي على الإنسان.
مساعي أرامكو
تقود المملكة مساعي تطوير قطاع الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط؛ بفضل احتلالها مرتبة عالية من حيث إمكانات طاقة الرياح والطاقة الشمسية؛ حيث يمكنها تشغيل محطات للطاقة الشمسية بقدرة إنتاجية تصل إلى 41 جيجا وات بحلول عام 2032.
من جهتها، ترعى شركة أرامكو السعودية ثاني أكبر احتياطي مؤكد من النفط الخام في العالم، وهي ثاني أكبر منتج يومي للنفط بأنحاء الدول. ومع استمرار الشركة في استخراج النفط الخام من حقول المملكة الضخمة والثرية؛ فهي تعد أكبر منتج في العالم للنفط الخام والمكثفات.
وفي إطار هذا التدفق الهائل من النفط الخام هناك ثمة طلب مدروس لكفاءة الطاقة المبتكرة؛ إذ إن الحد من استخدام الطاقة يقلل من البصمة البيئية للشركة ويطوّر العمل.
وتُعد شركة أرامكو السعودية المنتج الأقل تكلفة للنفط في العالم، علمًا بأن المملكة تتمتع بمقومات قوية في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ نظرًا لموقعها الاستراتيجي في نطاق الحزام الشمسي العالمي.
تراقب أرامكو -عن كثب- أصولها الخاصة بالطاقة المتجددة في المملكة من مركز ذكي للمراقبة والتشخيص في المقر الرئيس بالظهران يسمى “آي باور”؛ حيث صُنعت فيه النسخ الرقمية المزدوجة لأنظمة الطاقة بالجمع بين التصميم والبيانات التاريخية.
وتحلل التوائم الرقمية لأصول الطاقة المتجددة في المملكة البيانات الفورية؛ من أجل توقع الأداء من حيث الكفاءة والموثوقية.
وتدعم الطاقة الخضراء مشاريع أرامكو غير التقليدية، المتمثلة في:
• وعد الشمال: تعمل المدينة الصناعية شمال شرق طريف على الحدود الشمالية للمملكة؛ من خلال إمدادها بالغاز الطبيعي من أرامكو السعودية.
• الجافورة؛ وهو حقل غاز غير تقليدي يقع بين الغوار، أكبر حقل نفط في العالم، والخليج العربي.
• جنوب الغوار؛ وهو حقل غاز غير تقليدي يقع جنوب وغرب حقل نفط الغوار الضخم.
الطاقة المتجددة في المملكة
عملت المملكة، مؤخرًا، على الاهتمام بهذا المجال بصورة أكبر؛ حيث أبرمت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية مذكرتي تفاهم، الأولى مع الشركة السعودية للكهرباء وشركة تقنية للطاقة؛ لإنشاء أول محطة طاقة الشمسية مستقلة بسعة 50 ميجا وات في مدينة الأفلاج؛ ما يوفر مصادر طاقة بديلة وآمنة تكفل توفير الوقود، وبالتالي الارتقاء بالاقتصاد وبناء مستقبل مستدام فيه؛ عن طريق الاستفادة من العلوم والأبحاث والصناعات التي لها علاقة بالطاقة في خفض تكلفة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، وهو ما ينعكس إيجابيًا على زيادة المحتوى المحلي، توفير فرص وظيفية، وتوطين مجال التقنية.
أما الثانية فكانت مع الشركة السعودية للكهرباء لإنشاء مركز مشترك للأبحاث والتطوير في قطاع التوزيع التابع للشركة.
وفي إطار حرص القيادة الرشيدة على تنفيذ رؤية 2030 وتعزيز قوة قطاع الطاقة المتجددة في المملكة؛ فمن المتوقع أن يرتفع مستوى الاستهلاك المحلي للطاقة ثلاثة أضعاف، وبالتالي تستهدف إضافة (9.5) جيجا وات من الطاقة المتجددة إلى الإنتاج المحلّي بحلول عام 2023م كمرحلة أولى، وتسعى لتوطين نسبة كبيرة من سلسلة قيمة الطاقة المتجددة في الاقتصاد، على أن تشمل تلك السلسلة خطوات البحث والتطوير والتصنيع وغيرها.
وكانت المملكة أطلقت برنامج الملك سلمان للطاقة المتجددة، والذي أعلن عنه خلال منتدى الاستثمار في الطاقة المتجددة عام 2017، علمًا بأنه يتضمن 30 مشروعًا لإنتاج 10 جيجا وات من الطاقة المتجددة.
وفي عام 2016 أسست مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة، تحت رعاية وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية؛ بهدف تحقيق أهداف البرنامج الوطني للطاقة المتجددة في المملكة تماشيًا مع رؤية 2030.
وتشجع المملكة مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون الذي يهدف إلى استعادة توازن دورة كربون الكوكب؛ وذلك من خلال تشجيع كل الخيارات الممكنة للحد من آثار المناخ كجزء من مواجهة التغير المناخي، ليؤكد هذا التوجه أهمية الطاقة المتجددة في المملكة كجزء مهم من تحول الطاقة.
ومن أجل الاستفادة من الطاقة المتجددة في المملكة تعكف على بدء مشاريع عملاقة لإنتاج الطاقة الشمسية الكهروضوئية؛ حيث أصدر مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة في وزارة الطاقة، مؤخرًا، طلبات التأهيل التي تتكون من 4 مشاريع لإنتاج الطاقة الشمسية الكهروضوئية بسعة إجمالية تصل إلى 1200 ميجاوات.
وأخيرًا، يتحتم التأكيد أن الاستفادة من الشمس كمورد خاص بالطاقة المتجددة في المملكة يعتبر أحد المشاريع التي تحظى بأهمية حكومية واسعة، كما يُعد البرنامج الوطني للطاقة المتجددة برنامجًا طويل المدى متعدد الأوجه، ومصممًا لتحقيق التوازن في مزيج الطاقة الكهربائية والوفاء بمساهمات المملكة الطوعية والمقررة وطنيًا؛ لتجنب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى.
اقرأ أيضًا:
الرياض خامس أذكى مدينة بين عواصم مجموعة العشرين
أهمية القطاع الزراعي وقت الأزمات
المملكة ضمن أنجح دول العالم في تسخير التقنية لمواجهة “كورونا”