من أهم فضائل جائحة كورونا كونها تلفت أنظارنا إلى ما نملك بالفعل، وتحفزنا على التفكير في كيفية استغلاله على النحو الأمثل، ومن هنا يأتي الحديث عن السياحة الداخلية في المملكة خلال جائحة كورونا.
والحق أن المملكة لا تعدم في ذلك فضلًا؛ إذ تتميز السياحة السعودية بتعدد وثراء لا مثيل لهما؛ فبخلاف السياحة الدينية هناك أيضًا السياحية التاريخية والثقافية، ناهيك عن الجوانب الطبيعية، وطبيعة تضاريس المملكة ومناخاتها المتعددة، التي جعلتها وجهة سياحية جاذبة للسياح من شتى بقاع الأرض، ويمكنها أيضًا أن تجعل السياحة الداخلية في المملكة أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني.
ومما يميز السياحة السعودية كونها _نظرًا لتعدد كنوز المملكة الحضارية والثقافية والتاريخية_ تلبي طموحات الجميع؛ إذ سيجد كل سائح في السعودية ما يبحث عنه.
لذلك؛ لم يكن مستغربًا أن تأتي المملكة كأولى الوجهات العربية تفضيلًا من قِبل السياح المسلمين، والرابعة عالميًا ضمن قائمة الوجهات العشر الأولى الأكثر زيارة من السياح المسلمين، من بين 130 بلدًا بحسب تقرير المؤشر العالمي للسياحة الإسلامية لسنة 2019م.
اقرأ أيضًا: جازان.. سحر الطبيعة البحرية
اقتصاديات السياحة
يسهم قطاع السياحة السعودي في تطور الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تجاوزت 7.2% عام 2011، وتجاوزت نسبة توظيف السعوديين فيه 26% من مجموع العاملين في القطاع السياحي، والذين يشغلون 670 ألف وظيفة مباشرة، كما أسهم هذا التوظيف بما نسبته 9.1% من إجمالي القوى العاملة بالمملكة في القطاع الخاص.
وأشارت منظمة السياحة العالمية إلى أن حصة المملكة العربية السعودية من عدد الرحلات السياحية إلى منطقة الشرق الأوسط بلغت 32%.
وكشف تقرير عُرض في المنتدى الاقتصادي العالمي عن أن السعودية حصدت 76 مليار دولار من السياحة في عام 2013، أنفق منها السياح الأجانب 48 مليارًا، فيما أنفق السياح المحليون 28 مليارًا.
وأبرمت هيئة السياحة السعودية عقود شراكة مع 90 شركة سياحة، والعديد من الفنادق ومنظمي الرحلات السياحية وشركات إدارة الوجهات؛ لتطوير 100 عرض وحزمة سياحية عبر نقاط أسعار متعددة للعائلات والمجموعات والمسافرين الفرديين، وشملت العروض ضمانات أكثر أمانًا وإجراءات احترازية للسياح للوقاية من فيروس كورونا.
اقرأ أيضًا: مطار العلا.. نجمة جديدة في سماء الطيران السعودي
التراث العالمي
لدى المملكة العربية السعودية 5 مواقع مسجلة في قائمة التراث العالمي، هي: موقع مدائن صالح وحي الطريف بالدرعية التاريخية وجدة التاريخية ومواقع الرسوم الصخرية في موقعي جبة والشويمس بمنطقة حائل، واحة الأحساء السعودية.
ويُعد تسجيل هذه المواقع السعودية ضمن قائمة التراث العالمي أحد إنجازات الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والتي تسعى، من خلال تسجيلها المواقع الأثرية والتراثية في قائمة التراث العالمي، إلى الحفاظ على الثراء التاريخي والأثري والتراثي المتنوّع في السعودية، وإبرازه للعالم، وتأهيل هذه المواقع وفقًا لمعايير المنظمات العالمية المتخصصة.
السياحة الداخلية في المملكة
ويرصد «رواد الأعمال» أهم معالم السياحة الداخلية في المملكة، وذلك على النحو التالي..
-
مدائن صالح
لا يمكن الحديث عن السياحة الداخلية في المملكة من دون ذكر مدائن صالح التي تُعتبر من أبرز المعالم السياحية في محافظة العلا التابعة للمدينة المنورة؛ فهي تقع في منتصف الطريق تقريبًا بين البتراء ومكَّة، وهي من أهم حواضر الأنباط بعد عاصمتهم “البتراء”.
المدائن من أكثر المواقع السياحية الغامضة في شبه الجزيرة العربية؛ وتطل على المناظر الطبيعيَّة الصحراوية.
تضم آثار مدائن صالح 153 واجهة صخرية منحوتة، إضافة إلى الآثار الإسلامية، والتي تتمثل في عدد من القلاع وبقايا خط سكة حديد الحجاز والتي تمتد لمسافة 13 كم وكذلك المحطة والقاطرات.
وتم تسجيل مدائن صالح ضمن قائمة مواقع التراث العالمي في عام 2008؛ حيث كانت أول موقع يتم تسجيله في السعودية. وبذلك تكون مدائن صالح أحد أبرز معالم السياحة الداخلية في المملكة.
-
قرية رجال ألمع
هي أحد أبرز معالم السياحة الداخلية في المملكة، وكانت تربط بين القادمين من اليمن وبلاد الشام مرورًا بمكة المكرمة والمدينة المنورة، وهو ما جعلها مركزًا تجاريًا مهمًا في المنطقة. ويصل تاريخها إلى أكثر من 90 عامًا.
وتتكون القرية من نحو 60 قصرًا شُيّدت من الحجارة الطبيعية والطين والأخشاب. وتقع قرية رجال ألمع في محافظة رجال ألمع الواقعة بمنطقة عسير جنوب غرب السعودية، وتبعد عن مدينة أبها حوالي 52 كم باتجاه الغرب.
ومن الناحية التاريخية تتبع قرية رجال ألمع إقليم الجنوب العربي، وتقع في نطاقه الحضاري؛ إذ نشأت في عصر ما قبل التاريخ كمحطة للطرق التجارية البرية والساحلية للسبئيين، وكذلك الرومان والحضارات العربية القديمة الأخرى.
-
قرية ذي عين
هي واحدة من أهم معالم السياحة الداخلية في المملكة، وهي عبارة عن قرية أثرية تقع في تهامة غرب المملكة العربية السعودية، وتبعد 20 كيلو مترًا تقريبًا عن محافظة المخواة و24 كيلو مترًا عن الباحة، ونشأت في القرن العاشر الهجري وعمرها يزيد على 400 سنة.
وهي بُنيت على قمة جبل، كما تضم 312 منزلًا ومسجدًا شُيدت من الحجارة المصقولة. وتُعد قرية ذي عين من أهم القرى التراثية في منطقة الباحة؛ إذ تتميز بتراثها العمراني الفريد، وبتكوينها البيئي، وإطلالتها الخلابة في محيط زراعي، كما تتميز بوجود مصدر مائي دائم وبتحصينها الدفاعي؛ حيث تحيط بها المرتفعات الجبلية من ثلاث جهات.
يُذكر أن “مواسم السعودية” هي إحدى مبادرات الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والتي تهدف إلى تسليط الضوء على المكونات التاريخية والحضارية، والتنوع الثقافي والفني في المملكة؛ سعيًا لتعزيز السياحة الداخلية في المملكة وترجمة الجهود الهادفة إلى تنويع الاقتصاد الوطني؛ من خلال التركيز على قطاع السياحة، وتحقيقًا لما أكدته رؤية المملكة 2030م، وتناغمًا مع جهود تحسين جودة الحياة ورفع مستوى المعيشة، وزيادة مستوى الإنفاق الداخلي على الفعاليات السياحية والثقافية والترفيهية النوعية، والإسهام في توليد الفرص الوظيفية والاستثمارية لرواد الأعمال، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
اقرأ أيضًا:
مشروع أمالا واعتماد التقنيات في مجالات الدرونز والذكاء الاصطناعي
باستثمارات تتجاوز 11 مليار ريال.. شركة السودة للتطوير خطوة رائدة لتنشيط السياحة
19 برنامجًا تدريبيًا لتنمية مهارات الكوادر البشرية بالقطاع السياحي