في زمن كهذا لا شيء أهم من الروتين الصباحي بالنسبة للأشخاص الذين يبغون الالتحاق بركب الناجحين، فكم من يوم وصل المرء إلى نهايته وهو نادم أنه لم ينجز كل ما يتوجب عليه إنجازه؟ هذا الشعور بالندم في حد ذاته مخز ومحبط، وإن كان يشير إلى أنك واع جدًا بأيامك وتريد أن تضع قطار حياتك على السكة الصحيحة.
والحق أن كثيرًا من الكتاب والمؤلفين تطرقوا إلى فكرة الروتين الصباحي وأشبعوها بحثًا ودراسة، ولعل كتاب My Morning Routine واحد من أنفس هذه الكتب قاطبة؛ إذ عمد مؤلفاه Benjamin Spall and Michael Xander لا إلى بسط أفكارهم ونظرياتهم فحسب، وإنما عضدا ذلك أيضًا بإجراء مقابلات مع أشخاص ناجحين، سواءً كانوا كتابًا أو رياضيين أو مدراء تنفيذيين؛ من أجل معرفة ماهية الروتين الصباحي الخاص بهم.
اقرأ أيضًا: كيف تعمل بانسجام مع الشخصيات المهيمنة؟
البداية من المساء
وإذا كنا نتحدث عن الروتين الصباحي فلا مندوحة عن التطرق إلى الأمسيات؛ فالصباح عالق في ذيل المساء وإن لم تنه يومك بشكل جيد فلن تحصل على صباح جيد.
يعني هذا الطرح أن اليوم، المنظّم جيدًا، هو ذاك الذي يبدأ من المساء؛ فما الاستيقاظ مبكرًا وممارسة الرياضة والتأمل قليلًا إلا بعض تبعات الطريقة التي تعاملت بها مع مسائك السابق.
وترجع أهمية المساء بالنسبة إلى الروتين الصباحي من كونه يمنحك الفرصة لترتيب أمورك التي ستنهض بها في الغد، وكذلك إعادة ترتيب مصفوفة أولوياتك، ناهيك عن تحضير ما سترتديه في الغد، وإعداد ماكينة القهوة وما إلى ذلك.
ولا تظن أن مثل هذه الأمور تافهة أو لا أهمية لها فالواقع خلاف ذلك؛ إذ من المعروف أن ساعات الصباح الأولى _وهي عماد الروتين الصباحي_ هي أنفس ساعات اليوم، والتي يمكنك أن تصنع فيها أضعاف أضعاف ما تصنعه خلال بقية ساعات اليوم؛ لذا فمن المهم أن نفرّغ أنفسنا لها، وألا نشغلها بما يمكن النهوض بها في وقت آخر.
ولهذا ينصح المختصون بإعداد كل شيء (ماكينة القهوة، ملابس الغد، مهام اليوم الموالي.. إلخ) خلال المساء، ولهذا أيضًا كان الروتين الصباحي الجيد والفعال إحدى نتائج المساء المُعد جيدًا أيضًا.
اقرأ أيضًا: كيف يمكنك تحسين مهارات التنمية الشخصية؟
نسبية الروتين الصباحي
الروتين الصباحي أو حتى أي روتين آخر تضعه لحياتك هو مسألة نسبية محضة؛ وذلك على وجهين: فما يناسبك أنت قد لا يناسب غيرك، وليس معنى أننا نتحدث عن الروتين الصباحي للناجحين أنهم جميعًا يفعلون نفس الشيء، وإنما لكل واحد منهم طريقته الخاصة في فعل الأشياء.
والروتين الصباحي نسبي أيضًا منظورًا إليه من زاوية مراحل حياتك؛ فمع كل مرحلة من مراحل حياتك ترى أن روتينك فيه يتغير شئت هذا أم أبيته. الروتين ليس نظرية متحجرة لا تقبل التجديد والتطوير وإنما كل ما هنالك أنه لا ينبغي لك أن تخرج بروتينك الخاص عن المسار الصحيح الذي وضعته لنفسك فحسب.
ويشير مؤلفا كتاب My Morning Routine إلى مسألة نسبية الروتين الصباحي بالقول:
«إذا كنت تكافح من أجل الاستيقاظ في الصباح فهناك حلان مضمونان لتحسين احتمالاتك بشكل كبير: إنجاب طفل، أو اقتناء كلب».
فهذا أمران، وإن كان هناك سواهما كثير، يشيران إلى أن الأحداث الطارئة على حياتك تجبرك على تغيير الروتين الخاص بك.
اقرأ أيضًا: كيف تكون مدونًا ناجحًا؟
ساعات الصباح الأولى
ما الذي تفعله في ساعات صباحك الأولى؟ ومتى تستيقظ بالضبط؟ لعل أسئلة كهذه لم تشغل بالك قط لكن يجمل بك إعادة التفكير فيها؛ فأنت لا أحد سواك من يقرر كيف يكون يومه خلال هذه السويعات الأُوَل من الصباح.
يقول مؤلفا كتاب My Morning Routine:
«تحدد الاختيارات التي نتخذها خلال الساعة الأولى أو نحو ذلك من صباحنا ما إذا كان لدينا إنتاجية وراحة البال لبقية اليوم أو ما إذا كان سيضربنا فوق رؤوسنا».
إذا بدأت يومك بتصفح وسائل التواصل الاجتماعي أو مراجعة البريد الإلكتروني الخاص بك أو مشاهدة التلفاز والانشغال به فاعلم أن يومك قد خرج عن مساره الصحيح، وأنك لن تعدو أن تكون كعامة الناس يعدو في أيامه دون أن يصل أو يصنع شيئًا ذا بال.
أما إن بدأت يومك مبكرًا _وأغلب الناجحين يستيقظون في السادسة صباحًا وبعضهم يستيقظ في الرابعة والخامسة صباحًا_ ومارست بعض تمارين اليقظة الذاتية أو اليوجا أو بعض الرياضة، وكنت محددًا مهامك من قبل فلا شك أن يومك سيكون مثمرًا.
ولا مناص عن صنع الروتين الصباحي الخاص بك، بل من المهم أن يكون لديك روتين وإيقاع خاص لحياتك:
«بدون روتين أنت مثل سفينة بدون دفة، تنحرف يمنة ويسرة، لكنك لا تبحر أبدًا في المسار الذي حددته».
اقرأ أيضًا: “التحسين الذاتي”.. خطوات أساسية لتطبيقه
مقترحات لصباح جيد
وإذا كنا قد أسهبنا في الحديث عن الروتين الصباحي ومشتملاته، فسيجمل «رواد الأعمال» بعض المقترحات التي يجب أن ينطوي عليها صباحك، إنها مجرد اقتراحات للحصول على صباح جيد، والأمر نسبي من جهة ومتروك لك من جهة أخرى. ومن تلك الاقتراحات ما يلي:
-
لا بريد إلكتروني في الصباح
عندما تنخرط في مراجعة البريد الإلكتروني الخاص بك بالصباح الباكر فهذا معناه أنك سوف تستغرق وقتًا قد يطول من صباحك في هذه العملية؛ ناهيك عن أنك ستنصرف عن انشغالاتك إلى انشغالات شخص آخر.
يقول مؤلفا كتاب My Morning Routine:
«في اللحظة التي تفتح فيها بريدك الإلكتروني تدخل في وضع رد الفعل، وتبدأ في العمل على أجندة شخص آخر بدلًا من أجندة خاصة بك».
وما قلناه على البريد الإلكتروني يسري أيضًا على التلفاز والهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي.
-
ممارسة الرياضة
تمنحك ممارسة الرياضة في الصباح الباكر القوة البدنية والنفسية وتصفي ذهنك؛ حتى تكون قادرًا على التعامل مع يومك بشكل ناجح وفعال.
«عندما تعرق جراء ممارسة الرياضة في الصباح الباكر فأنت تعلم أنه بغض النظر عن أي شيء آخر يحدث (أو لا يحدث) خلال يومك، فأنت تمارس تمريناتك».
-
الموسيقى الهادئة
الهدف من الروتين الصباحي ومن هذه المقترحات بالتحديد أن تكون أكثر تركيزًا خلال الساعات الأولى من يومك، ولعل السماع إلى الموسيقى الهادئة من ضمن هذه الأمور التي تساعدك في ذلك.
-
التأمل
لن يستغرق التأمل خلال الروتين الصباحي الخاص سوى بعض دقائق _وبإمكانك تمديد الوقت كما شئت بطبيعة الحال_ لكن انعكاسات ذلك على يومك وحياتك بالغة وكثيرة.
والغاية من هذه الممارسة أن تضع الأمور بذهنك في النصاب الصحيح، وأن تكون قادرًا على التعامل مع ذاتك وأفكارك على نحو قويم.
اقرأ أيضًا:
يوم الصداقة.. المهنية أمام العلاقات الإنسانية لرواد الأعمال
10 أسباب تدفعك للانضمام إلى شركة ناشئة في عام 2021
الحاجة إلى تطوير الذات في عالم العمل المتغير