يبدو الحفاظ على التركيز في العمل مهمة شاقة، خاصة في ظل الإلهاء المستمر من قِبل زملاء العمل، والتدفق الغزير للمعلومات، ورسائل البريد الإلكتروني، فضلًا عن حالة الصخب والضجيج التي قد تحدث بين فينة وأخرى. وبالنظر إلى كل هذه المعرقلات يبدو إنجاز ما عليك فعله خلال ثماني ساعات فقط أمرًا مستحيلًا.
سوى أن المسألة ليست كذلك؛ إذ يمكنك الحفاظ على التركيز في العمل بالفعل اعتمادًا على بعض الممارسات الصحيحة، وبناء العادات الجديدة التي تمكنك من المضي قدمًا وعدم الانزلاق في وهدة الإلهاء ومن ثم الوقوع في فخ الإهمال والتقصير في العمل.
نحن ندرك أن مسألة الحفاظ على التركيز في العمل جد عسيرة، وأن المرء لن يصل إلى مرحلة الانغماس التام في عمله بين عشية أو ضحاها، وإنما يستلزم الأمر نوعًا من الدربة والمهارة، ومحاولة منه للمساهمة في حل هذا الإشكال يقترح «رواد الأعمال» النصائح والممارسات التالية:
اقرأ أيضًا: 20 طريقة تجنبك التشتت الذهني أثناء العمل من المنزل
نظّم مكتبك
الأشياء أشباه أصحابها، وكل ما يخصك هو انعكاس لشخصيتك، وكلما بدا المكان الذي تعمل فيه مرتبًا كان عقلك أكثر تنظيمًا، ومؤلف كتاب «فن الحياة البسيطة» شونميو ماسونو يؤكد أن بقاء الأمور مرتبة في الداخل يساعد في بقاء قلبك وعقلك مرتبين ومنظمين. وهو يشدد على الاهتمام بالتفاصيل البسيطة مثل وضع القلم على الورقة بشكل منظم، والاهتمام بالطريقة التي تضع بها حذاءك وهكذا، وحجته في ذلك جعل عقلك منظمًا.
لا يستغرق الحفاظ على مكان عملك نظيفًا ومنظمًا سوى القليل من الوقت، ولكن يمكن أن يكون له تأثير كبير في الحفاظ على تركيزك كما هو ورفع إنتاجيتك إلى مستوى أعلى.
وتذكر دائمًا ما يقوله الأنثروبولوجي Brian Solis:
«لم نفقد قدرتنا على التركيز على الإطلاق؛ نحن فقط بحاجة لاستعادتها».
اقرأ أيضًا: مفاتيح الإبداع في العمل.. نصائح لتحقيق أهدافك
خطط مسبقًا
ليس من الصواب أن تبدأ يوم عملك دون تحديد ماذا تريد القيام به فيه (طبعًا يمكنك التخطيط لمهامك الشخصية أيضًا مثل قراءة كتاب أو مشاهدة فيلم أو زيارة أحد الأصدقاء)، وإنما يجب أن تعرف في نهاية هذا اليوم ما الذي تبغي إنجازه غدًا.
لهذه الطريقة العديد من المزايا؛ فهي أولًا تساعدك في ادخار وقتك وتسمح لك بالدخول إلى العمل مباشرة، ثانيًا تسهل عليك معرفة الطريق الذي عليك أن تسلكه، وأخيرًا: من شأن هذه الطريقة أن تتيح لك الوقت الكافي للتفكير في الطريقة المثلى لإنجاز مهامك.
لكن كن ذكيًا ولا تنخرط في العمل طوال الثماني ساعات؛ لن يؤدي بك ذلك إلى تحقيق ما تريده؛ فأثناء عملنا تنخفض يقظتنا؛ ما يزيد من إغراء المشتتات؛ ولذلك عليك العمل بشكل متواصل لفترات متواصلة ولتكن 90 دقيقة مثلًا ثم خذ استراحة بعدها، كيما تتيح لعقلك استعادة نشاطه من جديد.
تجرأ على قول «لا»
العالم مليء بالإلهاء والإغراء، وجميعنا نعلم أن الحفاظ على التركيز في العمل ليس بالأمر السهل وهناك الكثير من الإغراءات التي تحاول صدنا عن إنجاز مهامنا، لكن ما السبيل إلى مواجهة ذلك؟ الجواب هو أن تجسر على قول «لا» لكل ما يحول بينك وبين أداء مهامك على الوجه الأمثل.
فمثلًا عليك قطع علاقتك بهاتفك المحمول، وكل وسائل التواصل الاجتماعي، فضلًا عن ثرثرة زملاء العمل، قد يتطلب الأمر أن تكون حاسمًا لكن لا مانع في ذلك طالما أن النتيجة المرجوة هي الشعور بمتعة الإنجاز.
وأتذكر أن وارن بافيت قال ذات يوم إن الأشخاص الناجحين يقولون «لا» أكثر بكثير مما يقولون «نعم»؛ والدافع لهذا الرفض هو كون هؤلاء الأشخاص لديهم أهدافهم وخططهم التي يريدون الوفاء بها، ومن ثم فهم يرفضون كل ما عداها أو بالأحرى كل ما يصرفهم عنها.
اقرأ أيضًا: طرق تجنب التشتت في العمل
حدد مواعيد نهائية
من المرجح أن المرء لا يعمل إلا إذا وُضع أمام تحدٍ ما _هذه مسألة متشعبة بعض الشيء لكن هذا مجال بسط القول فيها_ كما أنه إذا لم يشعر بأن هناك «ضغطًا» يمارس عليه فسوف يماطل في أداء المهام الملقاة على عاتقه. ما الحل إذًا؟
وضع المواعيد النهائية والنضال من أجل الوفاء بها هو الخلاص النهائي من هذه المعضلة، ومن المهم أيضًا ألا نحدد وقتًا طويلًا جدًا لمهمة يمكن إنجازها بشكل أسرع من ذلك بكثير، بل علينا، ومع كل مهمة، أن نضع أنفسنا أمام تحدٍ جديد، فإذا كانت المهمة (ولتكن كتابة مقال كهذا) تستغرق ساعة واحدة على سبيل المثال، فمن المهم في المرة القادمة _وعملًا بقانون باركنسون الشهير_ أن أركز على إنجازها في 45 دقيقة فقط، فقانون باركنسون يقول إن الوقت يتمدد، وهو قادر على استيعاب المهمة التي نضعها فيه.
ضع حدًا للضوضاء
من المستحيل أن يعمل الجميع في صمت تام، من الطبيعي أن يحتاج الناس لمناقشة بعض الأمور المهمة مع بعضهم البعض. لكن كل هذه الثرثرة يمكن أن تصبح متعبة بسرعة كبيرة، ومن المؤسف أنه ليست هناك طريقة واحدة للتعامل مع شيء كهذا، فإذا كان البعض يحاول الحفاظ على التركيز في العمل من خلال الاستماع إلى الموسيقى، فقد يرى البعض الآخر أن هذه الموسيقى نفسها إلهاء.
والحل أن تعزل نفسك _أثناء الـ 90 دقيقة التي قررت فيها الانخراط بالعمل كليًا_ عن العالم، وأن تستغرق في مهامك، وربما يكون مفيدًا أن تعمل في مكان منفرد، لكن إذا لم يكن ذلك متوفرًا فمن المحتم أن تجد الوسيلة المناسبة التي تمكنك من عدم التأثر بالضجيج في مكان العمل.
اقرأ أيضًا:
استغلال الوقت وإدارة الانتباه.. كيف تُروض البيئة من حولك؟
اقتصاد الانتباه.. الوقت كصيد ثمين!