يتشكل الحس الأمني في النفس، عندما يستشعر رجل الأمن- عبر ملاحظة بعض المظاهر الخارجية- وجود خطر محتمل الوقوع؛ ما يقتضي منه رصد الحالة وتهيئة الظروف؛ للتدخل في الوقت المناسب؛ لاحتواء الوضع مبكرًا، أو عندما يستشعر بناء على مظاهر موضوعية انعكست في وجدانه الداخلي بشيء من الريبة، استشف منها وجود خطر وشيك؛ فيتخذ موقفًا أمنيًا مناسبًا لدرء الخطر.
هذا الحس الأمني، مفيد أيضًا في مجال الضبط الإداري، وكذلك في الضبط القضائي، فتوفره في المؤسسات والشركات والهيئات، عامل أساس لمكافحة الجريمة داخلها؛ عبر تحقيق وظيفتي الضبط الوقائي، والضبط الجنائي.
ومن خلال الضبط الإداري (الوقائي)، تسعى الإدارة إلى مكافحة الجريمة والتعامل مع أسباب وقوعها قبل حدوثها؛ بهدف حماية النظام العام بالمؤسسة، بينما يقصد بالضبط الجنائي محاربة الجريمة؛ بمعنى التعامل معها من منطلق ضبط مرتكبها ومعاقبته.
يتفق الحس الأمني مع الفراسة في الاستدلال من الظواهر على الأشياء الخفية، واكتسابهما بالاستعداد الشخصي والخبرة وتفحص الأمور التي تتعلق بعمل رجل الشرطة وفقاً لقوة حواسه، وذكائه، ودرجة انتباهه، وقوة تركيزه، وسرعة استجابته لرد الفعل.
وللحس الأمني، عناصر خارجية موضوعية عقلانية، وأخرى داخلية وجدانية، ولكل منهما أساليب للتأكد من حقيقة الوضع الأمني.
تتمثل العناصر الداخلية في إثارة الشعور الوجداني تجاه أمر ما ينطوي على خطر نسبة احتمال حدوثه قوية؛ للاعتقاد القوي في وجوده والريبة في كونه غير مألوف.
والحس الأمني باعتباره استشعارًا بقرب وقوع خطر، أو احتمال حدوثه، يحتم التدخل لمنع وقوعه اعتمادًا على أمور موضوعية وعقلانية.
وبناءً عليه، تبرز حقيقة وجوب الاعتماد على الحس الأمني في مجالات العمل المختلفة ودعم جهود استشعار مكامن الخطر، ومواجهة مصادر الأزمات بالقدرة اللازمة.
الضبط الإداري
كثيرًا ما يرتكب الموظفون تجاوزات تتعدى مستوى الخطأ البشري عن غير قصد أو بسبب الجهل، بل يكاد بعضها يلامس حدود جريمة تشكل خطرًا على واقع ومستقبل المؤسسة بنية مسبقة؛ كتسريب أسرار الشركة للمنافسين خاصة الصفقات والمزايدات والمشاريع المستقبلية؛ ما يعرض الشركة لخطر تراجع نشاطها، وتقلص مواردها المالية، وعدم قدرتها على سداد ديونها، أو عجزها عن الوفاء بالتزاماتها المالية؛ لينتهي أمرها إلى الإفلاس ثم التصفية.
وقد تتعرض المؤسسة للسرقة، سواء أموالها أو أجهزتها، أو بضاعتها؛ كأن تتعرض لسطو مسلح أو تتعرض سياراتها الناقلة للأموال إلى البنوك للنهب، وكلها جرائم منظمة يكون للعنصر البشري فيها دخل كبير.
ولا شك في أنَّ وجود حس أمني لدى القائمين على حفظ أمن المؤسسة، يتيح تلافي الخطر قبل وقوعه، ويجنب المؤسسة الخسائر المحتملة؛ ما يحتم على القيادة الإدارية توفير عناصر الأمن بالمؤسسة وخارجها، ووضع إجراءات إدارية تضمن سلامة سير المكاتبات بين المكاتب، وتحفظ أمن التقارير الإدارية المرفوعة من المرؤوسين إلى رؤساء المصالح والإدارات، وضبط الأداء الإداري والانضباط السلوكي داخل المؤسسة، بشكل يسهل مراقبة تصرفات الموظفين، ويضعهم أمام واجب تفسير تحركاتهم الزائدة، وتنقلاتهم غير المبررة بين المكاتب؛ وذلك للوقاية من تأثير مختلف الإيعازات الخارجية التي قد تستهدف توجيه سلوك أحد العاملين للإضرار بنشاط المؤسسة.
إنَّ الحس الأمني، مَلَكَة خاصة في شخصية الفرد، تمكنه من التعرف على الأشياء، والربط السريع بين عدة ظواهر وإدراكها والتمييز بينها؛ وبالتالي تفسيرها بشكل صحيح، كما تتيح له التوقع الصحيح لكل الاحتمالات، وتمكنه من الاستشعار بالخطر ومعرفة مصادره؛ ليتمكن من مواجهة الخطر فور وقوعه أو تجنب وقوعه.
اقرأ أيضًا:
صفات المساعد الإداري.. الموظف العابر للتخصصات
الترقية في المناصب الإدارية.. احجز مقعدك من الآن
سعد المالكي: رؤية الشركة يمكن أن تصبح مصدر إلهام وتحفيز للعاملين بها
أنماط التخطيط الاستراتيجي.. آليات تحقيق الأهداف



