هل من المنطق أن يكون هناك حتى ما يسمى التمويل بدون فوائد؟! وإلا فماذا يستفيد المانحون والجهات المانحة إن لم يحصلوا على فوائد من جراء هذا التمويل؟! الحق أنه من المهم _رفعًا للإشكال_ أن نوضح أن مفهوم الفائدة عام جدًا، ولا ينحصر في الحصول على بعض المبالغ المالية كفوائد من الممنوحين.
أضف إلى ذلك أن هناك مانحين _المستثمرين الملائكة على سبيل المثال– لا يكون الربح هدفهم الأول ولا دافعهم الرئيسي، دون أن يعني هذا أنهم لا يسعون إلى الربح، وإنما لهم في الأمر مآرب أخرى، وقد أسهبنا في بسطها بمقالات أخرى.
هناك بالطبع، ولنؤكد هذه القضية طالما أننا نتحدث عن التمويل بدون فوائد، جانب من المسؤولية الاجتماعية في أمر التمويل؛ إذ قد يتمثل هدف المانح في دعم بعض رواد الأعمال الناشئين والدفع بهم قدمًا؛ رغبة منه في الإسهام في تنمية وتقدم المجتمع ككل من خلالهم.
اقرأ أيضًا: 4 طرق لضمان النجاح عند التحدث مع المستثمرين
أهداف الممولين
وبناءً على ما فات، وقبل أن نتعمق أكثر في مسألة التمويل بدون فوائد، لنا أن نقول إن أهداف الممولين واسعة جدًا وفضفاضة إلى درجة أن حصرها قد يكون محالًا.
لكن رغم ذلك من الممكن تلخيص هذه الأهداف في فئتين: أهداف شخصية، وأخرى تجارية واقتصادية بحتة.
فالممول الذي يطمح إلى تحقيق بعض الأهداف الشخصية قد يعنيه أن يجرب نفسه في إدارة بعض المشاريع بعدما حقق نجاحًا ما في مجال آخر، وغالبًا ما يكون مستثمرًا ملاكًا، وربما يكون هدفه الشخصي إمضاء رؤيته الشخصية وتطبيق خبراته وتجاربه على هذا المشروع الذي قرر، بعد روية ودراسة، تمويله.
أما على الصعيد الاقتصادي البحت فقد يسعى ممول آخر إلى التوسع في أعماله، وبدلًا من أن يطلق مشروعًا من البداية فإنه يقرر تمويل مشروع ما، على أن يحصل على حصة ملكية فيه.
وذلك هو ما ينقلنا إلى قضية أخرى، من العسير الحديث عن التمويل بدون فوائد بدون التطرق إليها، وهي فكرة ملكية المشروع.
اقرأ أيضًا: 5 طرق مبتكرة لخفض تكاليف الشركات الناشئة
الاستيلاء على حصة من الملكية
على رائد الأعمال إدراك أن الممولين قوم عمليون جدًا، وأهدافهم غالبًا ما تكون واضحة ومحددة، ومن ثم فقد لا يكون ممكنًا الحديث عن التمويل بدون فوائد من دون التطرق إلى مسألة الحصول على حصة من الملكية.
وبودي أن أقول: لو وسّعنا مفهوم الفائدة/ المصلحة فلن يكون هناك مجال للحديث عن التمويل بدون فوائد من الأساس؛ فحتى الممول الذي لا يحصل على حصة من الملكية يقرر التدخل في كل صغيرة وكبيرة في المشروع، وهو الأمر الذي قد يخرج الفكرة _التي كان قد وضعها ونفذها رائد أعمال ما_ عن مسارها.
لكن، وكي نعثر على الزاوية المخصوصة التي ننظر من خلالها إلى التمويل بدون فوائد؛ فكلامنا هنا مقتصر على الفوائد المادية، وهي تلك الفوائد التي تنتفي في حالة حصول الممول على حصة من ملكية المشروع.
اقرأ أيضًا: ما هي طرق جذب المستثمرين لشركتك الناشئة؟
ماذا على رائد الأعمال أن يعرف؟
وطالما أننا نتحدث عن التمويل بدون فوائد فحقيق بنا أن نؤكد أنه من الواجب على رواد الأعمال معرفة ألا أحد قد يمنحهم أمواله طواعية، ولا من دون رغبة في الحصول على مقابل.
وهذا المقابل عادة ما يكون عبئًا على المشروع، وبالتالي فإن كان رائد الأعمال صاحب رؤية حقيقية ويريد أن يمضي إيقاع مشروعه وفق توجهاته هو وحده فإن خيار التمويل بدون فوائد ليس مناسبًا له على الإطلاق.
ولكن يعني هذا أن رائد الأعمال يمكن أن يلجأ إلى التمويل بدون فوائد في حالات معينة، مثل ألا يكون لديه مانع من الحصول على آراء ونظريات الآخرين، بل أن يتم تنفيذ تلك الأفكار في المشروع.
والأهم من ذلك كله أن يدرك رواد الأعمال الناشئون ما يدفعونه مقابل عدم حصول الممولين على فوائد، والحق أن هذا التمويل بدون فوائد قد يكون مناسبًا في بعض الحالات، كأن يكون رائد الأعمال أو صاحب المشروع الصغير يريد شريكًا، أو لا يمكنه تحمل المخاطر منفردًا. حينئذ يكون التمويل بدون فوائد خيارًا مناسبًا، لا سيما إذا كان الممول خبيرًا أو مخضرمًا في هذا المجال.
اقرأ أيضًا:
نُظم المحاسبة في المشاريع الصغيرة.. سر تتبع الموارد المالية
المستثمر الملاك والمستثمر المغامر.. فروق جوهرية