يتسم عصرنا الحالي، عصر السيولة وعصر ثقافة «الـ ما بعد»، بصفتين أساسيتين: طابعه التكنولوجي، والسرعة؛ لذا فليس من المستغرب أن نحاول تقصي مدى تأثير التقنيات الحديثة في عالم الأعمال؛ إذ إن كل شيء _في الحياة عمومًا_ آخذ في شق طريقه صوب الأتمتة، وأن يُدار بشكل آلي.
نحن واعون، طبعًا، حال مقاربتنا لـ تأثير التقنيات الحديثة في عالم الأعمال أن هناك مؤيدًا للتقنية واستخدامها في الشركات والأعمال التجارية، وهناك من يعارض ذلك بشدة، والحق أن للتقنية إيجابيات وسلبيات، ومن هذه الزاوية فإن كلا الطرفين محق.
لكن ما يعنينا هنا ليس الانتصار لفريق على حساب فريق آخر، وإنما، وعلى الجانب الآخر، أن نفهم تأثير التقنيات الحديثة في عالم الأعمال، وكيف منحت رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الناشئة الفرصة للعثور على موطئ قدم في السوق، ومنافسة الشركات الكبرى العملاقة، هذا بالضبط هو موضع اهتمامنا في هذا المقال.
اقرأ أيضًا: التكنولوجيا المالية.. ما هو نظام الفنتك؟
إيجابيات التقنيات الحديثة في عالم الأعمال
ويمكننا رصد ملامح تأثير التقنيات الحديثة في عالم الأعمال والشركات على النحو التالي:
-
تسهيل وتسريع التواصل
تعني التكنولوجيا، من بين ما تعني، التواصل، أي أن التقنية والتواصل مترادفان تقريبًا، بل إن الأثر الأول والأكبر الذي أحدثته التكنولوجيا كان هو تجسير العلاقات بين البشر وجعل عملية التواصل أسهل وأسرع. ومن هنا خرج علينا القائلون بأن «الأرض مسطحة» أو أن «العالم قرية صغيرة» والـ «القرية الكونية».. إلخ، كل هذه الأطاريح كان سببها الأول هو التواصل الفاعل الذي أحدثته التكنولوجيا.
وفيما يخص عالم الأعمال والشركات فإن التواصل هذا يأخذ منحيين؛ الأول: وهو التواصل الداخلي في الشركة بين الموظفين وبعضهم، وبين المدراء وموظفيهم؛ إذ يمكن لرجال الأعمال الذين يعيشون في أجزاء مختلفة من العالم الاتصال بموظفيهم وشركاء الأعمال وكذلك عملائهم عبر الاتصالات الهاتفية وغيرها من طرق التواصل الحديثة الأخرى.
أما المنحى الثاني فهو ذاك المتعلق بالتواصل مع العملاء؛ حيث سهلت التقنيات الحديثة التواصل مع العميل، وجعلته أكثر يسرًا وسلاسة، وهو ما يمكن الشركات، في مرحلة تالية، من الاستحواذ على العملاء أو الوصول إلى أكبر عدد من الشريحة المستهدفة.
اقرأ أيضًا: الخدمات المصرفية المفتوحة
-
بناء الصورة العامة للشركة
تلعب التقنيات الحديثة في عالم الأعمال دورًا محوريًا في تعزيز نموه؛ من خلال الترويج لنشاطاتها ونجاحاتها على الويب وعلى الوسائط والعديد من المنصات الأخرى التي أنشأتها التكنولوجيا.
ويمكن للشركات، بمساعدة الوسائط التكنولوجية الحديثة، أن تتواصل مع فروعها الموجودة في شتى أنحاء العالم، علاوة على أنه يمكن لها (للشركات) أن تعثر على الموظفين من ذوي المهارات والقدرات العالية من خلال التكنولوجيا.
كل هذا يسهم في تعزيز سمعة الشركة وترسيخ مكانتها في السوق؛ فالتقنيات الحديثة تسمح لها بإنجاز مهامها الأكثر صعوبة وتعقيدًا بأنجع وأسهل الطرق.
اقرأ أيضًا: الحقول الذكية.. كيف تستعين بالتكنولوجيا في الزراعة؟
-
سهولة الترويج وتوسيع مجاله
لم يعد التسويق الآن _في عصر التقنيات الحديثة_ معضلة في حد ذاته؛ إذ يمكن عبر استخدام الوسائط التكنولوجية المختلفة الترويج لأعمال الشركة ومنتجاتها بسهولة منقطعة النظير.
التحدي هنا هو فقط القدرة على استخدام الأدوات التقنية في الترويج للشركة، لكن ليس هذا هو الأثر الوحيد للتكنولوجيا، وإنما يمكنها أن تساعد الشركات في الترويج لمنتجاتها على أوسع نطاق، ومن المعروف أنه كلما زادت البقعة الجغرافية التي يتم فيها الترويج كانت احتمالات جذب أكبر عدد من العملاء أرجح وأكثر.
-
تعزيز المنافسة
ثمة ميزة أخرى بالنسبة لتأثير التقنيات الحديثة في عالم الأعمال، تخص الشركات الناشئة على وجه التحديد، وهي أنه من الممكن الآن لشركة صغيرة أو متناهية الصغر أن تنافس شركة كبرى موجودة في السوق منذ سنوات طوال.
فالتكنولوجيا تتيح للجميع الحق في التواجد على منصات العالم الافتراضي، والنجاح والفشل هنا مرتهنان بالقدرة على استخدام أو بالأحرى تجنيد التكنولوجيا لصالحك.
-
تعزيز الإنتاج وصنع قيمة للعميل
يساعد التعليم والاستشارات المالية وأدوات التجارة الإلكترونية وبرامج الأمان الشركات في الازدهار والحفاظ على عملائها، فضلًا عن أنها تساهم في زيادة بل، في بعض الأحيان، مضاعفة معدلات الإنتاج.
وهي تساعد الشركات كذلك في تقديم قيمة حقيقية للعميل، ناهيك عن سرعة توصيل المنتجات والتخلص من أزمات الشحن وتعقيداته.
اقرأ أيضًا:
التقنيات المساهمة في الثورة الصناعية الرابعة
ماذا تعرف عن الطابعة ثلاثية الأبعاد؟
وظائف الذكاء الاصطناعي.. كيف سيكون المستقبل؟