يعتمد التسويق المجتمعي على مبدأ الرفاهية المجتمعية، ويؤكد أن المنظمة يجب أن تتخذ قرارات تسويقية استراتيجية مع الأخذ في الاعتبار رغبات المستهلك والاحتياجات التنظيمية، والأهم من ذلك مصالح المجتمع على المدى الطويل.
التسويق المجتمعي ليس سوى نتيجة لمبادئ المسؤولية الاجتماعية للشركات والتنمية المستدامة.
ويؤكد أنه لا ينبغي للمنظمة أن تتجاهل رفاهية المجتمع على المدى الطويل من أجل تحقيق رسالتها ورؤيتها.
لذا يجب أن يكون لدى المنظمة استراتيجيات أخلاقية وصديقة للبيئة، وأن تضمن تنفيذ القوانين المناسبة.
في عالم اليوم الذي يتسم بتزايد الدمار البيئي، وندرة الموارد، والتنامي السريع في عدد السكان، والخدمات الاجتماعية المهجورة، يمسي المفهوم المجتمعي للتسويق موضع شك.
ودومًا ما يطرح التساؤل التالي: “هل تقوم المنظمات بمهمة متميزة لرضا العملاء بما يتماشى مع تحقيق الرفاهية المجتمعية على المدى الطويل؟”.
ويمكن النظر إلى صناعة الوجبات السريعة كمثال؛ حيث تقدم الصناع هنا طعامًا لذيذًا، لكن هذا الطعام مليء بالمخاوف الصحية.
فالبرغر غني بالدهون وكذلك البطاطس المقلية والفطائر أيضًا. يتم تعبئة هذه المنتجات في شكل سهل الاستخدام ما يؤدي إلى الكثير من النفايات.
وبالتالي، في إطار عملية إرضاء العملاء، تخلق منافذ الوجبات السريعة هذه، مخاوف صحية متزايدة، بالإضافة إلى قضايا بيئية.
وعلى أي حال، كلما اقتربت المنظمات من عملائها، كلما أدركت حقيقة أن الهدف من أي عمل تنظيمي يقع خارج نطاق العمل، أي في المجتمع.
وهذا يدفع المنظمات إلى تقديم مساهمة ملحوظة في رفاهية المجتمع والارتقاء به.
يحث التسويق الاجتماعي الشركات على العمل بنشاط من أجل خير المجتمع والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
إنه يثير التساؤل حول ما إذا كانت الرغبات طويلة المدى تؤخذ بعين الاعتبار في استراتيجية التسويق.
أهمية التسويق المجتمعي
يمكن النظر إلى أهمية التسويق الاجتماعي من عدة زوايا؛ بما في ذلك الاعتبارات الأخلاقية والاقتصادية والمتعلقة بالسمعة.
وفيما يلي بعض الأسباب التي تجعله مهمًا:
-
المسؤولية الأخلاقية:
باعتبارها مساهمًا رئيسًا في المجتمع، تتحمل الشركات مسؤولية أخلاقية للمساهمة إيجابيًا في العالم.
وهذا يعني النظر في تأثير عملياتها على البيئة والمجتمع ككل.
. طلب المستهلك:
يزداد طلب المستهلكين من الشركات بالتصرف بطريقة مسؤولة اجتماعيًا. كثيرون منهم على استعداد لدفع المزيد مقابل منتجات الشركات الملتزمة بالتأثير الاجتماعي والبيئي الإيجابي.
-
سمعة العلامة التجارية وبناء الثقة
يمكن للشركات التي ينظر إليها على أنها تتصرف بمسؤولية اجتماعية أن تبني سمعة أفضل، الأمر الذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى زيادة ولاء العملاء وتعزيز ثقتهم. يمكن أن يكون هذا عامل تمييز رئيس في السوق التنافسية.
-
الاستدامة:
من وجهة نظر بيئية، يشجع التسويق المجتمعي الممارسات المستدامة، والتي تعتبر ضرورية لبقاء الشركات والمجتمعات على المدى الطويل.
يجب على الشركات أن تتكيف لتظل قادرة على البقاء في مواجهة التحديات البيئية مثل تغير المناخ.
-
الربحية على المدى الطويل:
رغم أن بعض ممارسات التسويق المجتمعي قد تنطوي على تكاليف قصيرة الأجل، يمكن أن تؤدي إلى ربحية على المدى الطويل.
على سبيل المثال، من خلال الحد من التأثير البيئي، قد تكتشف الشركة وفورات في التكاليف من خلال الكفاءة.
أو يمكن أن تؤدي السمعة القوية، فيما يتعلق بالمسؤولية الاجتماعية للشركات إلى زيادة المبيعات وولاء العملاء.
-
الامتثال التنظيمي وإدارة المخاطر:
يمكن للتسويق المجتمعي أن يساعد الشركات على توقع التغييرات التنظيمية والتكيف معها، مما يقلل من مخاطر الغرامات والعقوبات. ويمكنه أيضًا التخفيف من أنواع المخاطر الأخرى، مثل مخاطر السمعة المرتبطة بالتأثيرات الاجتماعية أو البيئية الضارة.
عمومًا، لا يقتصر التسويق المجتمعي على فعل ما هو مناسب للمجتمع فحسب، بل يتعلق أيضًا بفعل ما هو ذكي للشركات على المدى الطويل.
فهو يساعد الشركات على بناء علاقات أقوى وأكثر جدوى مع عملائها، ومجتمعاتهم، والمجتمع الأوسع، وفي نهاية المطاف، يمكن أن تساهم في أعمال أكثر استدامة ونجاحًا.
نماذج وأمثلة على التسويق المجتمعي
تمارس العديد من الشركات التسويق المجتمعي للترويج لمنتجاتها أو خدماتها مع المساهمة إيجابيًا في المجتمع.
وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
-
باتاغونيا Patagonia:
شركة الملابس باتاغونيا معروفة بالتزامها بالاستدامة البيئية. لديهم برنامج ”Worn Wear” الذي يشجع العملاء على تداول ملابس باتاغونيا المستعملة للحصول على رصيد من المتجر.
ومن ثم يتم تنظيفها وإصلاحها وإعادة بيعها بسعر أقل؛ ما يعزز الاقتصاد الدائري ويقلل النفايات.
-
دوف Dove:
أطلقت شركة دوف، وهي علامة تجارية للعناية الشخصية مملوكة لشركة يونيليفر، حملة “الجمال الحقيقي” في عام 2004 لتحدي معايير الجمال.
وتهدف الحملة إلى الاحتفاء بالتنوع الجسدي الطبيعي الذي تجسده جميع النساء وإلهامهن ليكون لديهن الثقة اللازمة ليشعرن بالراحة مع أنفسهن.
-
أحذية تومز Toms Shoes:
تعمل شركة تومز على نموذج “واحد مقابل واحد”؛ حيث تتبرع بزوج من الأحذية لطفل محتاج مقابل كل زوج من الأحذية يتم شراؤه.
ومنذ ذلك الحين، وسعوا نموذج العطاء الخاص بهم ليشمل المياه النظيفة والنظارات وخدمات الولادة الآمنة.
-
Ben & Jerry’s:
شركة الآيس كريم Ben & Jerry’s معروفة بالتزامها بمجموعة واسعة من القضايا الاجتماعية؛ بما في ذلك العدالة المناخية، والمساواة العرقية؛ حيث يستخدمون منصتهم لرفع مستوى الوعي حول هذه القضايا واتخاذ الإجراءات التي تتوافق مع قيمهم.
في الختام، يمكننا القول أن مفهوم التسويق المجتمعي ينص على أن وظيفة الشركة هي تقييم احتياجات ورغبات الأسواق المستهدفة وتوفير الرضا الأمثل لعملائها؛ بما يضمن المستهلكين وكذلك الرفاهية المجتمعية.
باختصار، يجب أن يحفظ المسوقون التوازن من خلال الأرباح التنظيمية ورضا المستهلكين وكذلك الرفاهية الاجتماعية.