على الرغم من الأهمية الكبرى التي ينطوي عليها التخطيط المالي طويل الأجل إلا أنه عملية عسرة ومعقدة إلى حد بعيد؛ إذ يجمع بين التنبؤ المالي من جهة والتخطيط وصنع الاستراتيجيات من جهة أخرى.
إذًا التخطيط المالي طويل الأجل عبارة عن عملية تأخذ بعين الاعتبار السيناريوهات المستقبلية والتحديات الراهنة في ذات الوقت. ويبدو هذا النوع من التخطيط وكأنه يجمع بين المتناقضات أو يحاول، على الأقل، التوفيق بينها.
وثمة من يُعرّف التخطيط المالي طويل الأجل باعتباره عملية مواءمة القدرة المالية مع أهداف الخدمة طويلة الأجل، وهو من هذه الجهة مهم لرواد الأعمال والحكومات بل حتى كل من يفكر في المستقبل بشكل ما؛ إذ ليس كافيًا أن تكون لديك أهداف وخطط استراتيجية كبرى، طموحة وبراقة، وإنما يجب في الوقت ذاته أن تتأكد من ملاءتك المالية لتحقيق هذه الأهداف وتلك الاستراتيجيات.
وهنا يكون للتخطيط المالي طويل الأجل القول الفصل؛ حيث يمنحك نظرة ثاقبة للقدرة المالية المستقبلية للمؤسسة أو الجهة التي يجري التخطيط لها.
اقرأ أيضًا:
جدلية التخطيط والمالية
لكن هذا التخطيط المالي طويل الأجل يطرح علينا سؤالًا جد مهم وكبير: من أين يجب أن تكون البداية؟ أي من الأهداف والاستراتيجيات والسيناريوهات المستقبلية أم يجب أن نعرف كفاءتنا المالية أولًا ثم نخطط وفقًا لها؟!
لا سبيل للإجابة عن سؤال كهذا على أي حال، فحين يعمد مخطط ما إلى وضع خطة استراتيجية طويلة الأمد فإنه لا يسأل نفسه هذا السؤال الذي طرحناه قبل قليل؛ إذ هو يأخذ الأمرين (التخطيط والمالية) معًا بعين الاعتبار وفي ذات الوقت.
لكن من الممكن القول: عند بداية أي عملية تخطيط استراتيجي يجب أن توضع في الاعتبار الكفاءة/ القدرة المالية للمؤسسة، بما في ذلك فرص حصولها على الربح والأموال في المستقبل.
اقرأ أيضًا: سمات المدير الناجح.. خصائص النجاح
عناصر التخطيط المالي طويل الأجل
ولكي نفهم ماهية التخطيط المالي طويل الأجل على نحو أفضل يرصد «رواد الأعمال» بعض عناصره وذلك على النحو التالي..
-
الإطار الزمني
ليس ممكنًا الانخراط في التخطيط المالي طويل الأجل من دون وضع إطار زمني لتلك الخطة التي يجري صناعتها في الوقت الحالي؛ فالوقت أحد المعايير الأساسية في المسألة، ومن غير المنطقي أن تضع المكونات الأساسية لخطة مالية/ استراتيجية دون ربطها بإطار زمني محدد؛ فهذا الإطار هو الذي يحدد مدى نجاح أو فشل الخطة.
فمثلًا حين تعد خطة خمسية، وتنتهي الخمس سنوات دون أن تحقق الخطة أيًا من أهدافها؛ فهذا معناه أنها قد باءت بالفشل، وإن كان من الممكن تمديد الإطار الزمني لبعض الخطط لكن شريطة أن تكون هناك دلائل على أن هذه الخطة تحقق، وإن بقدر ضئيل، الأهداف التي وُضعت من أجلها.
اقرأ أيضًا: الإدارة الحديثة لمواجهة الأزمات
-
المحتوى المالي
يجب أن تتضمن الخطة، فيما يخص التخطيط المالي طويل الأجل، تحليلًا للبيئة المالية، وتوقعات الإيرادات والمصروفات، وتحليل وضع الدين، والقدرة على تحمل التكاليف، واستراتيجيات تحقيق التوازن المالي والحفاظ عليه، وآليات مراقبة الخطة نفسها.
فمن دون هذه البيانات ستمسي الخطة مجرد حبر على ورق، صحيح أن الإطار الزمني مهم لكن ما جدواه، وما جدوى حتى الخطة ذاتها من دون الوقف على الأبجديات المالية للشركة؟!
-
الرؤية
التخطيط المالي طويل الأجل تخطيط رؤيوي من حيث الأصل؛ حيث يعمد إلى صنع خطط للمستقبل اعتمادًا على رؤية معينة.
وهذه الرؤية يجب أن تكون هي المنطلق الأساسي لأي جهد في التخطيط المالي طويل الأجل، كما يجب، في الوقت ذاته، أن تكون معروفة للجميع، ومن ثم يجب على الشركات ابتكار وسائل فعالة لإيصال ملامح هذه الرؤية للمعنيين وذوي الصلة.
اقرأ أيضًا: موجهو الشركات الناشئة.. من هم؟ ولماذا تحتاج إليهم؟
-
التحديث
تلك مسألة شائكة حقًا، فإذا كنا نتحدث عن التخطيط المالي طويل الأجل فإن الأمر يعني ضمنًا وجود خطة ثابتة على مدى إطار زمني محدد، لكن أخذ ذلك التصور هكذا على علاته قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الخطة ذاتها، وإن كان ينطوي على قدر لا بأس به من الصحة والوجاهة.
فصحيح أن الخطة يجب أن تتسم بالثبات؛ فليس منطقيًا أن نجددها كل يوم، لكن من الصواب أن نقوم بتحديث هذه الخطة طالما دعت الحاجة إلى ذلك.
ولا شك أن العوامل والمرتكزات التي يعتمد عليها التخطيط المالي طويل الأجل كثيرة ومتراكبة، فإذا تغير مرتكز أو عامل من العوامل التي قامت عليها الخطة فحينئذ يكون التحديث حتميًا ولا مفر منه.
اقرأ أيضًا:
وصايا جيف بيزوس الإدارية قبل الرحيل عن “أمازون”.. ما هي؟
توجهات إدارية حديثة.. دروس 2021