استطاعت دول كثيرة، النهوض واحتلال مكانة مميّزة على الخريطة العالمية؛ عبر اهتمامها بالتخطيط الذي أصبح من سمات الحياة المعاصرة، فما من دولة تسعى إلى مستقبل أفضل، إلا وتضع التخطيط ووضع الاستراتيجيات سياسةً لها، تسير على هديهما.
وينطوي التخطيط -كنشاط علمي- على تدخّل إداري من جانب هيئة مركزية في مجريات الأمور الاقتصادية والتعليمية والتربوية والإدارية، بقصد التأثير عليها، ودفعها في المسار المقصود؛ انطلاقًا من نظرة شاملة لتحقيق أهداف محددة.
وعلي ضوء هذه المعطيات، جاء اهتمام المملكة بالتخطيط في كل المجالات؛ ودخل هذا الاهتمام دائرة أوسع بعد طرح رؤية 2030، فكان العمل على تطوير اتجاهات التخطيط والتخطيط الاستراتيجي، وأخذت العملية بعدًا مهمًا في أولويات الحكومة الرشيدة؛ لرصد المستقبل، والتنبؤ بالتحديات التي قد تواجه المملكة، خاصة في مجالات الاستثمار، بعد إطلاق الكثير من المشاريع العملاقة.
وقد توّجت هذه الاتجاهات بإطلاق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز؛ ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، التي تعدّ من الممكّنات الرئيسة لتحقيق مستهدفات رؤية 2030.
لقد اهتمت المملكة بقطاع الاستثمار اهتمامًا كبيرًا، وقدمت حوافز ضخمة للاستثمار في القطاعات الاستراتيجية التي تمتلك فيها مزايا نسبية عالية؛ إذ تصنّف كأكبر سوق اقتصادي حرّ في الشرق الأوسط، كما منحت الحكومة السعودية امتيازات ضريبية لعدد من المناطق الأقلّ نموًا في المملكة؛ لجذب مزيد من الاستثمارات إليها.
والأكثر أهمية هو ما عملت المملكة على توفيره في جانب بيئة الاستثمار، التي تتميّز بالاستقرار، وتوفر كل الضمانات للمستثمرين، إضافة إلى تطورها المستمر؛ ما يمثل عامل جذب للاستثمار الأجنبي.
ولا شك في أنَّ إطلاق استراتيجية وطنية للاستثمار حدثٌ مهمٌ؛ فهي من جانب تمثّل أحد أهمّ الممكّنات الرئيسة لتحقيق مستهدفات رؤية 2030، ومن جانب آخر تُعد قاعدة انطلاق قوية، وأساسًا متينًا لمستقبل المملكة الواعد في مجال الاستثمار.
ومن خلال المعطيات المتوفرة، ستسهم الاستراتيجية الوطنية في تسريع نمو الاقتصاد الوطني، وتنويع مصادره؛ الأمر الذي سيحقق العديد من الأهداف، بما في ذلك رفع إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر؛ وهو اتجاه يمكن أن يكون حافزًا ومطمئنًا للمستثمرين السعوديين والأجانب ودافعًا لهم، لا سيما في وجود مؤثرات طيبة في مجال تحقيق نمو اقتصادي إيجابي طبقًا لتوقعات الخبراء.
ويمثل إطلاق الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، حدثًا ينقل المملكة إلى مرحلة جديدة من المفاهيم الاستثمارية، فالغد القريب سيشهد فرصًا استثمارية ضخمة، مع وجود حلول تمويلية لكل العقبات التي يمكن أن تواجه المستثمرين، كما سيشهد الاقتصاد السعودي حراكًا ضخمًا تسوده التنافسية، في ظل وجود مفاهيم الجودة الشاملة في المنتجات والخدمات.
إنَّ طرح الاستراتيجية سينظّم ويعزّز الحراك الاستثماري، ويزيد من فاعلية الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وفقًا لما تمّ إعلانه من قبل عن ضرورة تحويل العلاقة بين القطاعين إلى تعاونية بدلًا من تنافسية؛ ما يضمن تحقيق الأهداف الاستثمارية الطموحة للمملكة، والتي ستسعى الاستراتيجية إلى تحقيقها على المديين القريب والبعيد.
اقرأ أيضًا:
- المرأة السعودية.. والحراك الاقتصادي
- اليوم الوطني السعودي الـ91
- الخطة ستصبح مشروعًا والحلم حقيقة
- الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية
- فضاء آمن وصناعات واستثمارات محمية