يُعد الإبداع في الجامعات السعودية إحدى النتائج الأساسية والمباشرة لرؤية 2030، دون أن يعني ذلك أن الإبداع كان منتفيًا هناك، وإنما أسهمت الرؤية في الدفع به قُدمًا وتسريع وتائره ومعدلاته.
والحق أنه ليس بخافٍ على أحد أن هذه الرؤية الطموح التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان لن يمكنها أن تتحقق وتصبح واقعًا عمليًا معيوشًا دون أن تعمل الجهات المعنية على تعزيز الإبداع في الجامعات بالمملكة.
وهكذا نرى أن بين الإبداع في الجامعات السعودية ورؤية 2030 علاقة جدلية؛ فالرؤية لن تتحقق إلا من خلال الإبداع _ذاكم الإبداع الذي تحتضنه الجامعات وتحض عليه_ كما أن الرؤية ذاتها أسهمت في تعزيز الممارسات الإبداعية، واعتبارها الهدف النهائي الذي يمكن أن يؤدي بالمملكة إلى تحقيق أهدافها ومبتغياتها.
اقرأ أيضًا: الأمير محمد بن سلمان ورؤية التغيير والازدهار
الجامعات وتحديات المستقبل
كلنا يعلم أن العالم آخذ في سلسلة تحولات بنيوية جذرية، حتى لقد بدا معها أن كل ما تعلمناه وخبرناه أمسى نوعًا من البنادق الصدئة التي لن تعيننا على مواجهة تحديات المستقبل وانشغالاته، ومن هنا كان لا بد من العودة مرة أخرى إلى الجامعات كي نتسلح بالعلوم اللازمة؛ حتى نتأهل للعيش في مستقبل لم نتبين ملامحه بعد.
ونظرًا لأهمية الجامعة _وتذكر أننا نتحدث عن الإبداع في الجامعات السعودية_ فقد حظيت هذه القلاع العلمية باهتمام بالغ من قِبل الحكومة الرشيدة بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين، وهو ما ظهر جليًا في المخصصات المالية الضخمة للتعليم في ميزانية المملكة للعام الجاري، ومظاهر اهتمام المملكة بالتعليم ككل أكثر من أن تحصى أو أن يحويها مقال واحد.
ويأتي ذلك انطلاقًا من إيمان الحكومة بدور المنظومة التعليمية في النهوض بالمجتمعات والتأهب لتحديات المستقبل، وتنمية شباب واعٍ، وكوادر مُطلعة على أهم أسس الفكر الإبداعي في إطار رؤية المملكة 2030.
تلكم الرؤية التي تركز على الابتكار _ولا شك أن تعزيز الإبداع في الجامعات السعودية يأخذ حيزًا كبيرًا من هذه الرؤية_ وضرورة الاهتمام بالتقنيات المتطورة وريادة الأعمال، إضافة إلى رفع مساهمة المنشآت المتوسطة والصغيرة في إجمالي الناتج الوطني من 20 إلى 35%، وكل ذلك لن يكون ممكنًا بدون غرس ثقافة الإبداع في الجامعات السعودية وجعلها أولوية قصوى.
وتستهدف رؤية 2030 كذلك؛ من خلال مراكز الإبداع وريادة الأعمال، الاستثمار في عقول الشباب وأفكارهم الإبداعية في جميع القطاعات، وتوظيف التقنية في شتى مناحي الحياة؛ ما يسهم في تحول المملكة من اقتصاد النفط إلى الاقتصاد المعرفي القائم على المعلومات والبيانات.
اقرأ أيضًا: إنجازات المرأة السعودية.. ريادة في مجالات شتى
الإبداع في الجامعات السعودية
قبل أن نشير إلى أهم معالم وتجليات الإبداع في الجامعات السعودية أخلق بنا أن نعرف أن المملكة تضم سبع جامعات مصنّفة وفق ترتيب أفضل الجامعات عالميًا لعامي 2015-2016، و19 من أفضل مائة جامعة في المنطقة العربية حسب ترتيب 2016.
واستطاعت الجامعات السعودية كذلك أن تتصدّر المراتب الأولى على مستوى الجامعات العربية؛ وذلك بحسب تصنيف شانجهاي الدولي ARWU لجامعات العالم، كما دخلت جامعتان في قائمة أفضل 200 جامعة على مستوى العالم في التصنيف نفسه.
وتمكنت جامعة الملك عبد العزيز بجدة من أن تتصدر قائمة الجامعات السعودية والعربية، بحصولها على المركز الأول حسب تصنيف شركة كواكواريلي سيموندس (Quacquarelli Symonds) المختصة بالتعليم، فيما جاءت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المركز الثاني سعوديًا والثالث عربيًا؛ بإحرازها المرتبة 186 عالميًا، فيما جاءت جامعة الملك سعود في المركز الثالث على مستوى المملكة والسادس عربيًا؛ محرزة المرتبة 287 عالميًا.
وحلت جامعة أم القرى في المركز الرابع سعوديًا والـ 22 عربيا محرزة المرتبة 474 عالميًا، بينما جاءت جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل في المركز الخامس سعوديًا والـ 40 عربيًا.
وجاءت جامعة الملك خالد في المركز السادس سعوديًا والـ 25 عربيًا، وحلت جامعة الأمير محمد بن فهد في المركز السابع سعوديًا، كما جاءت الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في المركز الثامن سعوديًا، وحلت جامعة الملك فيصل في المركز التاسع سعوديًا، وجاءت جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن العاشرة سعوديًا.
أما عن براءات الاختراع، تلك التي تؤكد أن مستوى الإبداع في الجامعات السعودية متقدم جدًا، فقد حلت المملكة العربية السعودية في المرتبة 23 عالميًا في عدد براءات الاختراع خلال عام 2017 بـ 664 براءة اختراع.
وعدد براءات الاختراع في السعودية عام 2015 بلغ 409، وفي عام 2016 بلغ عددها 517، وفي عام 2018 بلغ عدد براءات الاختراع 1900 في المملكة العربية السعودية.
اقرأ أيضًا:
منتدى التقنية الرقمية والريادة العالمية للمملكة
اقتصاديات التعليم.. دعم المملكة لاستراتيجية التعليم 2025
محمد الحسن: السوق السعودي يحتاج إلى فتح أبواب المشاركة