شاب سعودي طموح، انخرط في العمل الحكومي في مسار السياحة والتراث الوطني. في عام 2013، شق طريقه في مسار العلاقات الدولية في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وظّف إمكانياته لخدمة بلده في مسارات عدة منها عضو فريق تأسيس البرنامج الوطني للمعارض والمؤتمرات، انضم إلى عضوية جمعية سعودية تعنى بالمحافظة على التراث الوطني إيمانًا منهم بأهمية المحافظة على هذا الإرث الحضاري؛ بدأ مؤخرًا مهمة جديدة، بمسار عمل حكومي آخر مهم مرتبط بالفضاء وهي الهيئة السعودية للفضاء وأحد أعضاء فريق البناء المؤسسي للهيئة، يتطلع من خلاله إلى المساهمة في خدمة المملكة بهذا القطاع الرائد.
شارك في تنظيم اجتماع يعد الأول من نوعه على مستوى دول مجموعة العشرين الاقتصادية G20 “اجتماع قادة اقتصاد الفضاء” أكتوبر 2020م. إنه صاحب السمو الأمير سعود بن سلطان بن عبدالله، الذي نتطلع من خلال هذا الحوار معه إلى التعرف أكثر عليه، إضافة إلى أفكاره، توجهاته، والأعمال التي يتطلع إلى إنجازها في مجال التراث.
- متى بدأ اهتمامكم بالتراث منذ عملكم بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني؟
علاقتي بالتراث لم تكن تتجاوز الاعتزاز بتاريخنا ومنجزاتنا الوطنية، والتراث العربي والإسلامي الذي قرأت عنه واطلعت على بعضه خلال مرحلة الدراسة، أو زيارة بعض المواقع والمعالم التاريخية والتراثية داخل المملكة وخارجها.
غير أن هذا كله تبدل وتطور وتنامى عندما التحقت بالعمل بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وتشرفت بالعمل قريبًا من رئيسها؛ صاحب السمو الملكي؛ الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، الذي أعده – بدون مجاملة – رائد العناية بالتراث الحضاري والتاريخي في المملكة، كيف لا وقد استقى هذا الاهتمام من مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين؛ الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – وتعلم في مدرسته ونهل من معارف المقام الكريم باطلاعه المرجعي في التاريخ بشكل عام والسعودي بشكل خاص؛ حتى أصبح الأمير سلطان صاحب الانطلاقة الفكرية والمؤسسية للعناية بالتراث الحضاري في المملكة؛ من خلال ما قدمه من إعادة لمفهوم العناية بالتراث ونظرة فئات المجتمع المختلفة له، ونقله من زوايا الاندثار أو الازدراء في بعض الأوقات إلى العناية والازدهار، أو بإعادة الاعتبار لجوانب الآثار؛ من تشجيع الكشوف الأثرية، أو التوسع في المتاحف، وتأسيس مفاهيم العناية بالتراث العمراني، وغيرها من مجالات التراث المادي، وكذلك انطلاق فكرة تأسيس الجمعية السعودية للمحافظة على التراث من سموه؛ لتركز على العناية بالتراث اللامادي.
انطلاقة واثقة للمستقبل
وانتظمت معرفتي في التراث، وبدأت تتوسع نظرتي لتدرك القيمة الحقيقية للتراث بأنه وعاء للذاكرة الوطنية، والشاهد الباقي على الحضارات الإنسانية، وهو قطاع اقتصادي تنمو حوله العديد من القطاعات، ويثمر عوائد اقتصادية وفرصًا وظيفية. والأهم من هذا كله، أنه يحدث التوازن الذي تحتاجه الانطلاقة الواثقة للمستقبل؛ وهو ما يتحقق الآن في المملكة وتنتظم حوله مشاريع رؤية 2030 التي تحمل عناية كبيرة بالتراث، وتتجه بالمملكة والمجتمع نحو المستقبل.
مهام الجمعية السعودية
- وماذا عن أهداف ومهام الجمعية السعودية للمحافظة على التراث؟
تسعى الجمعية للمحافظة على التراث الثقافي الوطني، ولتحقيق هذا الهدف علميًا ومنهجيًا، حددت الجمعية خمسة اهداف رئيسة؛ وهي:
- التسجيل والحصر والأبحاث في مجال التراث الثقافي.
- تمكين ممارسي التراث الثقافي للاستمرار في ممارسته والاكتساب منه.
- إثراء المعرفة للطلاب والمهتمين بمجال التراث الثقافي.
- التوعية بالتراث السعودي وطنيًا ودوليًا.
- بناء بيت الخبرة بالتراث لتحقيق رسالتها.
ويدعم الجمعية في عملها وأداء مهامها، نخبة من الخبراء والمتخصصين من أعضائها، يدفعهم الحماس والاهتمام بالمحافظة على التراث الوطني، والارتقاء به، وتعريف المجتمعات الشابة بتاريخ وثقافة وتراث آبائهم وأجدادهم.
تنوع ثقافي ضخم
- للتراث السعودي رصيد ضخم من التنوع الثقافي، فكيف تتعامل الجمعية مع هذا الوضع تصنيفًا ورصدًا؟
الجمعية السعودية للمحافظة على التراث، مهمتها الحفاظ على التراث الوطني بكافة أطيافه وتنوعه الجغرافي والثقافي؛ لذا حرصت منذ بدء عملها في حصر التراث الثقافي الوطني، على تحقيق العدالة بين مناطق المملكة وثقافاتها المحلية المختلفة.
فعلى سبيل المثال، هناك خمس مجالات رئيسة بمجال التراث الثقافي غير المادي، وضعتها منظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو)؛ وهي الفنون الأدائية، والتعابير الشفهية، والعادات والتقاليد، والفنون الحرفية، والمهارات والمعارف المرتبطة بالطبيعة والكون.
وقد عملت الجمعية على تسخير قدراتها وخبرائها لفهم هذه المجالات الخمسة على المستوى الوطني، وعقدت ورش عمل متعددة؛ لحصر التراث الثقافي غير المادي من مختلف مناطق المملكة، شهدت حضورًا لافتًا من أفراد المجتمعات المحلية، زودوا الجمعية بعناصر التراث الثقافي غير المادي التي تُمارس محليًا بمختلف المناطق، كما أتاحت هذه الورش للجمعية، فرصة حصر أكبر عدد ممكن من عناصر التراث الثقافي الوطني ثقافيًا وجغرافيًا.
- من الصعب المحافظة على التراث في عالم اليوم المفتوح على ثقافات متعددة عبر التكنولوجيا، فكيف تتعامل الجمعية مع هذا التعقيد؟
التكنولوجيا- كأي مجال- لديها جانب إيجابي وآخر سلبي؛ حيث يتركز عملنا في الجمعية على استغلال الجانب الإيجابي للتقنية ووسائل التواصل الاجتماعي في نشر الوعي بالتراث الثقافي، والتعريف به على جميع المستويات، ولجميع الفئات العمرية.
تمتاز المملكة بفضل الله بتنوع ثقافي ثري؛ لذا عملت الجمعية على استغلال الجانب الإيجابي الثقافي؛ بتنويع أنشطتها الثقافية على أن يشمل محتواها جميع المكونات الثقافية من مختلف مناطق المملكة؛ حيث ساعدت مواقع التواصل الاجتماعي في تسهيل الوصول لأكبر شريحة ممكنة من أفراد المجتمعات المحلية، والتعريف بتراثهم المحلي، وتراث المناطق والمجتمعات الأخرى.
شريك رسمي لليونسكو
- ما الذي تعتمد عليه الجمعية في وضع استراتيجيات المحافظة على التراث؟
الجمعية شريك رسمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) منذ عام ٢٠١٦ م؛ كونها المظلة الدولية لكل ما يتعلق بالتراث الثقافي واستراتيجيات الحفاظ عليه؛ لذلك حرصت الجمعية على مواكبة المنهجيات الاستراتيجية الدولية المعتمدة من اليونسكو في حفظ التراث وصونه، والبحث عن أفضل الممارسات الدولية، وإمكانية تطبيقها على المستوى الوطني؛ ما يساهم في الوصول إلى استراتيجية علمية تحقق الحفاظ على التراث الثقافي الوطني واستدامته.
- وهل للجمعية اعتبارات خاصة في التعامل مع بعض المناطق للمحافظة على التراث؟
تعمل الجمعية على المستوى الوطني بكافة أشكال التنوع الثقافي والجغرافي؛ وهو ما تراعيه جيدًا أثناء حصر وتوثيق التراث الثقافي؛ بالتعامل مع جميع المناطق من مبدأ العدل والمساواة.
ومع ذلك، تتفاوت المجتمعات المحلية في اهتمامها وتفاعلها مع حصر تراثها وتوثيقه. وبناءً على ذلك، نجد مناطق تفاعلت مجتمعاتها المحلية مع أعمال الجمعية؛ بحصر أكبر قدر من تراثها المحلي، وهناك مناطق أخرى كان تفاعلها أقل.
محليًا وإقليميًا ودوليًا
- هل يقتصر دور الجمعية في الاكتفاء بالمحافظة على التراث محليًا، أم إقليميًا ودوليًا أيضًا؟
لم تكتفِ الجمعية منذ تأسيسها بالمحافظة على التراث فحسب، بل حرصت أيضًا، على تقديم مبادرات وفعاليات ومؤتمرات للتعريف بالتراث السعودي؛ فعلى المستوى الإقليمي، تتعاون الجمعية مع المنظمات الإقليمية؛ كالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (الإيسيكو) وغيرهما؛ للتعريف بالتراث الثقافي السعودي. وعلى المستوى الدولي، تعاونت الجمعية منذ عام ٢٠١٥ مع بعض الشركاء؛ لتسجيل عناصر التراث الثقافي غير المادي لدى اليونسكو؛ حيث سجلت المملكة حتى اليوم ٨ عناصر تراث ثقافي غير مادي بلائحة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي.
أهمية رؤية 2030
- إلى أي مدى ساهمت رؤية 2030 في دعم برامجكم وخططكم؟
حرص مجلس إدارة الجمعية في دورته الثالثة، برئاسة معالي الأستاذ بدر العساكر، أثناء إعداد استراتيجيتها، وبمتابعة نائب رئيس مجلس الإدارة؛ سمو الأميرة؛ سارة بنت بندر بن عبدالعزيز، على مواكبة رؤية ٢٠٣٠ التي أولت- بقيادة سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ عراب الرؤية- اهتمامًا ملحوظًا بالثقافة، وفي القلب منها قضية التراث الذي تزخر به المملكة، وتطلعاتها في الحفاظ على التراث الوطني واستدامته، والتعريف به كذلك إقليميًا ودوليًا.
وقد تم الاطلاع على كل ما يتعلق بالتراث الثقافي في رؤية 2030 لتضعه الجمعية باستراتيجيتها، كما تم الاطلاع على ما تضمنته الرؤية فيما يتعلق بالقطاع الثالث ودوره في تحقيق التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي والاجتماعي للمملكة؛ لذلك خرجنا باستراتيجية تساعد الجمعية على أداء دورها كمنظمة غير ربحية، تهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي الوطني، وتنمية المجتمعات المحلية الممارسة له.
اقرأ أيضًا:
صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن منصور: “رؤية الريادة” مؤسسة غير ربحية تدعم رواد الأعمال
سمو الأمير وليد بن ناصر بن فرحان آل سعود: 79 مليار ريال حجم سوق المطاعم في السعودية
الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل : تخصيص الأندية الرياضية يخضع لبرنامج التخصيص الوطني