استعرضنا في المقال السابق بعض المقاييس التي يجب اتباعها خلال عملية إدارة عمليات التسويق الرقمي الفعالة، المتمثلة في الأسس الأربعة لعمليات التسويق الرقمي. كما نتطرق خلال السطور التالية إلى العقلية التي تساهم في بلوغ النجاح.
عقلية المدير التنفيذي للأسس الأربعة
يجب أن يتمتع المدير التنفيذي للشركات الناجحة في العصر الرقمي بعقلية الأسس الأربعة لعمليات التسويق الرقمي، والتي يعبر عنها على الشكل التالي:
- أحتاج إلى اعداد استراتيجية تسويق رقمية فريدة لعملي التجاري تساعدني في الوصول إلى أهدافي (النهج).
- أرغب في إنشاء نظام آلي داخلي لاكتساب العملاء (الأدوات).
- أريد إنشاء فريق داخلي مميز يتمتع بالمهارات الرقمية (التدريب).
- أريد وسيلة تتبع فعالة لقياس أداء عملياتي الإلكترونية ومدى تأثيرها في التحويلات غير الإلكترونية (التعقب).
التحركات الافتتاحية في مفهوم الأسس الأربعة لعمليات التسويق الرقمي
يمكنك التفكير في عملك على أنه لعبة شطرنج، للفوز بهذه اللعبة يستخدم اللاعبون الأذكياء حركات افتتاحية غير متوقعة. في هذا السياق يجب اتباع الأسلوب نفسه من قِبل الشركات؛ حيث يجب أن يبدأ فريق التسويق الخاص بهم بإعداد استراتيجية عمل تنافسية “النهج” ، أو بتوكيل إعدادها إلى مصادر خارجية من أجل الاستفادة من الفرص الخفيّة وتمييزها عن منافسيها.
ذلك المفهوم الفعال تناولته أحدث وأنجح مسلسل لـ “نتفلكس” وهو “ذا كوينز غامبيت”؛ حيث يوضّح أن لاعبي الشطرنج الناجحين يعرفون أن الافتتاحية القوية يمكن أن تحقق الفرق بين الفوز والخسارة؛ ما يمنحهم ميزة تنافسية على خصومهم.
نموذج التخطيط الاستراتيجي – النهج
كيف يجب أن تمهد الطريق نحو هدفك الأساسي؟
لقد قال “ويل روجرز” ذات مرة: لو أنفق المعلنون نفس المبلغ من المال للعمل على تطوير منتجاتهم كما ينفقون على الإعلانات فلن يضطروا إلى الإعلان عنها أساسًا.
وهذه تعتبر ملاحظة في غاية الأهمية، خاصة في عصرنا الرقمي؛ حيث من السهل التحدث عن منتج ما ولكن الأولوية يجب أن تكون لإعداد استراتيجية تسويق رقمية مبتكرة ذات مزايا تنافسية مستدامة تساعدك في تطوير عملك ومنتجاتك، ومن ثم الاعتماد على وسائل التكنولوجيا والتوصية الشخصية للإعلان عنها بشكل فعّال.
لهذا السبب يُعتبر “النهج” الركيزة الأولى لمفهوم “الأسس الأربعة لعمليات التسويق الرقمي”؛ إذ يمثل الجزء الأساسي من التحول التسويقي الرقمي لعلامتك التجارية. إنه يشرح كيف ومن وماذا وأين ومتى ولماذا لكل العمليات داخل شركتك.
إنها ببساطة استراتيجية التسويق الرقمي لعملك مع لمستك الخاصة؛ بهدف تعزيز نمو عملك بنجاح، والعمل على تحقيق أهدافك وتوليد المزيد من العملاء عبر المنصات الإلكترونية وغير الإلكترونية في عصر التحول الرقمي.
يتكون النهج (الاستراتيجية) من المكونات التالية التي تشكل المحطات الأساسية لرحلة تحول شركتك التي تستغرق 30 يومًا:
تحليل الموقف:
عليك مراجعة الوضع الحالي لعلامتك التجارية وقدراتها وأنشطتها لاكتشاف نقاط قوتها والتغلب على نقاط الضعف.
المقاربة:
عليك أن تحدد الهدف الرئيسي لعمليات التسويق الرقمي مع تاريخ إنجازها، ومراجعة أيديولوجية عملك والقيام بتضخيم الميزات التنافسية لعلامتك التجارية.
الابتكار:
عليك التخطيط لزيادة حصتك وأرباحك في السوق؛ من خلال ابتكار منتجات وخدمات ذات مزايا تنافسية عصرية.
الجمهور المستهدف:
عليك أن تحدد هوية الأشخاص الذين ستتواصل معهم، وكيفية التحدث معهم، ومكان العثور عليهم، وهدفهم من علامتك التجارية.
المسار:
عليك تحليل رحلة شراء عملائك لفهم سلوكهم الشرائي (قبل وأثناء وبعد الشراء).
الاتصال:
عليك القيام بإعداد أساليب لأنشطتك الإلكترونية وفقًا لما ترغب مؤسستك في مشاركته مع الجمهور، وذلك يختلف بناءً على مستوى تطور السوق والمرحلة في رحلة مبيعات عملائك.
التنسيق:
عليك المزامنة بين أنشطة التسويق الإلكترونية وغير الإلكترونية.
هذا بالاضافة الى ضرورة اعداد خطة عمل تنفيذية تركز على تطبيق الاستراتيجية “النهج” والوصول إلى الأهداف المحددة مسبقًا.
وقد ينسى الكثير من المسوقين أن استراتيجية التسويق هي وثيقة حية يجب تحديثها ومراجعتها باستمرار؛ لذلك عليك التفكير في تجديد استراتيجيتك بطريقة مستدامة كما يفعل البستاني عن طريق تقليم الأشجار! سيؤدي التقليم إلى نمو الأشجار بشكل أسرع وإنتاج ثمار أفضل. والأمر نفسه ينطبق عند تجديد استراتيجيتك، فهو يصفي ذهنك ويعيد توجيه الطاقة نحو أولويات حقيقية.
لهذه الأسباب يجب تجديد استراتيجية التسويق الرقمي لشركتك مرة واحدة على الأقل كل عام كمعدّل.
الأدوات التكنولوجية للتسويق الرقمي
ما هي الأدوات التي يجب عليك اختيارها للحصول على نظام آلي دقيق لاكتساب العملاء؟
لا يقتصر التحول الرقمي على الأدوات فحسب، ولكن تلك الأدوات والتقنيات تلعب دورًا حيويًا في الأعمال التجارية الرفمية ونجاحها، ويمثل هذا الجزء أدوات التسويق الرقمي اللازمة التي يمكن أن تساعدك في تحقيق أهداف شركتك.
إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجهها الشركات اليوم هي أنها تعتمد فعليًا على التوصيات الشخصية لتوليد العملاء أكثر بكثير من استخدامها لأدوات التسويق الرقمي؛ لذا فاختيار أدوات التسويق الرقمي المناسبة لعملك واستخدامها بشكل فعال هو من أهم الوسائل لاكتساب العملاء بطرق داعمة للتوصيات الشخصية.
لكن اختيار تلك الأدوات يُعتبر عملية صعبة؛ إذ يجب أخذ بعض الوقت للتوصل للأدوات التي ستكون ذات فائدة أكبر، والتي تتوافق مع نموذج عملك ومتطلباتك التشغيلية.
وهناك العديد من الطرق لتعزيز أداء عملك الإلكتروني والمئات من أدوات التسويق الرقمي للاختيار من بينها، والتي تتضمن الفئات التالية:
-الأدوات العضوية لمواقع التواصل الاجتماعية.
-أدوات وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية.
-أدوات مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي.
-أدوات الدعاية المدفوعة.
-أدوات التسويق عبر البريد الإلكتروني.
-أدوات العرض لإعادة الاستهداف.
-أدوات اختبار الموقع الإلكتروني.
-أدوات استضافة الفيديو.
-أدوات إنشاء المحتوى.
-أدوات تحليلات الموقع الإلكتروني.
-محركات البحث وغيرها.
التكنولوجيا تساهم أيضًا في توفير بيانات مستمرة؛ ما يساعدك في معرفة ما يفضله أو لا يفضله عملاؤك، وحتى ما يهتمون به من حين إلى آخر. الاستماع الإلكتروني للعملاء يشكل وسيلة مهمة لمعرفتهم حقًا.
هل سمعت عن التلقيح المتبادل؟ إنه عندما ينشر النحل حبوب اللقاح بين مجموعة متنوعة من النباتات؛ ما يؤدي إلى ازدياد الأنواع المختلفة التي تتحمل الوقت والطبيعة بشكل أفضل. في سياق هذه الحالة يمكننا مقارنة المسوقين بالنحل.
عندما تقوم بتنويع استخدام أدوات وأساليب التسويق واختيار الأفضل لك تكون لديك فرصة أكبر للوصول إلى جماهير جديدة وتوليد عملاء جدد، وذلك يصنع توازنًا بين المخاطرة والمكافأة؛ ما يعني أنه إذا بدأت إحدى الأدوات بالفشل فسيكون من الأسهل إعادة تخصيص الأموال لأداة جديدة أفضل.
إن الديمقراطية في استخدام هذه الأدوات والتقنيات تضع بين يديك الموارد اللازمة لأداء عمليات البيع والتسويق التي كانت قبل متاحة فقط للشركات الكبرى، فلماذا لا تستفيد بشكل كامل من هذا الامتياز؟
يمكن لأدوات التسويق الرقمي أن تساعد عملك، بغض النظر عن حجمه، في إجراء المزيد من التغييرات، وتحقيق إيرادات أفضل، وتسهيل التواصل مع العملاء المحتملين والحاليين، خاصة إذا اخترت الأدوات والجدول الزمني المناسبين.
ويُعتبر اختيار الأدوات المناسبة مع تحديد الميزانية المطلوبة للإنفاق على التسويق (حوالي ١٠٪ من الإيرادات السنوية) جزءًا من السحر، بينما تعد ترجمة استراتيجيتك التسويقية إلى كلمات (نسخ – كتابة) وتحويل رسائلك إلى تواصل بصري جذاب (التصميم ) هو الجزء التكميلي الثاني، حيث سيكون مسؤولًا عن التصورات الإيجابية لعملائك حول علامتك التجارية.
لكل ذلك يوصى للعلامات التجارية حاليًا بالتركيز على كفاءاتهم الأساسية والتعاون مع وكالات التسويق الرقمي المحترفة وذات الخبرة الجيدة لاختيار الادوات التسويقية المناسبة، وإعداد التصميمات المطلوبة وإدارة الحملات الإلكترونية الضرورية لتحقيق عائد استثمار أعلى.
ولأن التسويق لا يمكن أن يتم بشكل منفرد، وكل طرف لديه مهاراته الخاصة ليضيفها إلى الشركة؛ فإن التعاون على تقسيم المسؤوليات المشتركة هو الحل المثالي؛ حيث يمكنك تقسيم المهام بين علامتك التجارية والوكالة؛ عبر الإشارة إلى ما يمكن لكل طرف التعامل معه بفعالية أكبر.
يتبع في الجزء الثالث..
اقرأ أيضًا:
الأسس الأربعة لعمليات التسويق الرقمي (1-3)
95% من المستهلكين في المملكة تحوّلوا إلى التجارة الإلكترونية
تسويق الفكر القيادي.. قوة التأثير لجني الأرباح