يُعد الأسبوع العالمي لريادة الأعمال، أهم وأكبر محفل دولي يجمع رواد الأعمال، وصنّاع القرار، والمبدعين والمبتكرين والناشطين في مجال التنمية الاقتصادية على مستوى العالم؛ كونه مناسبة مهمة للتعريف بريادة الأعمال، ودعم وتنمية روح المبادرة لدى الشباب، وأصحاب الطموح، وأصحاب الأفكار المبتكرة؛ حيث يقام كثير من الفعاليات حول العالم خلال هذا الأسبوع، تستقطب ملايين المشاركين؛ بربطهم مع الموجهين والشركاء والمستثمرين من مختلف القطاعات.
وعلى صعيد آخر، يُعد الأسبوع العالمي لريادة الأعمال، المناسبة السنوية الأبرز لإلقاء الضوء على قطاع ريادة الأعمال، ونشر الفكر الريادي؛ إذ يهدف إلى تحفيز العمل الحر، وترسيخ ثقافة الريادة، والاحتفاء بالمبتكرين الذين استطاعوا تحويل أفكارهم إلى شركات ناشئة تدر أرباحًا، وتخلق فرصًا للعمل، وتدعم النمو الاقتصادي، وتجلب منتجات وخدمات جديدة تمكن الاقتصاديات الوطنية من المنافسة والتميز.
ويساعد أصحاب رؤوس الأموال وإطلاعهم على المشاريع والأفكار، في العثور على فرص استثمارية، ويساعد الراغبين في تحويل أفكارهم إلى شركات جديدة، كما أن الدعم الرسمي والاهتمام الإعلامي يساعدان كثيرًا في تعزيز مكانة ريادة الأعمال، وإبرازها كمحرك للنمو الاقتصادي، وتحقيق مجتمعات الأمن والرفاهية والاستدامة.
وبالنظر إلى الوضع الحالي للسعودية، فقد خطت خطوات جبارة في دعم ريادة الأعمال وإفساح المجال أما المبتكرين ورواد الأعمال ودعمهم بكافة السبل؛ من خلال رؤية 2030 وما تقدمه من دعم لمجالات ريادة الأعمال؛ إذ تهتم قيادتنا الحكيمة- وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين؛ الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان- برواد الأعمال ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتشجع الشباب على ريادة الأعمال؛ ليكونوا مبدعين ومنتجين؛ ما ساهم في نهوض مشاريع كثيرة، حققت نجاحًا واسعًا في مختلف القطاعات الاقتصادية؛ فتحول بذلك كثيرٌ من الشباب من باحثين عن عمل إلى أصحاب أعمال، وأصحاب قيمة مضافة للدولة.
وتجدر الإشارة هنا إلى تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال، الذي ذكر أن المملكة تعدّ الأكثر تحسنًا في الوضع العام لريادة الأعمال خلال عام 2019/2020م؛ إذ تحتل أحد المراتب العشرين الأعلى بين 54 اقتصادًا على مؤشر السياق الوطني لريادة الأعمال العام على مستوى العالم.
وأكد التقرير أيضًا أن المملكة تُعد الأكثر تحسنًا بين دول الشرق الأوسط في الوضع العام لريادة الأعمال خلال عام 2019م، كما تلعب المنشآت الصغيرة والمتوسطة دورًا حيويًا في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، يُقدر بـنحو 20%، كما تشكل ما نسبته 99.2% من إجمالي عدد المنشآت التجارية في المملكة، وتسهم في توظيف ما نسبته 64% من القوى العاملة في المملكة.
وعلى صعيد دعم المؤسسات الوطنية لريادة الأعمال، تسعى جامعة جدة إلى المساهمة في نشر فكر العمل الحر وريادة الأعمال؛ من خلال تبني توجهات استراتيجية تعمِّق وتعزز تلك المساهمة؛ إذ أنشأت الجامعة “مركز الإبداع وريادة الأعمال”؛ ليكون بوابةً ورافدًا مهمًا يقود في عدة توجهات؛ منها على سبيل المثال لا الحصر، التركيز على الابتكار في التقنيات المتطورة وفي ريادة الأعمال، وتزويد شبابنا بالمعارف والمهارات، ودعم المواهب والابتكارات، مع اهتمام خاص بدعم المؤسسات الصغيرة.
وقد ساهم المركز في تحقيق رؤية 2030 التي تتبنى بناء اقتصاد المعرفة كأولوية استراتيجية، وتعزيز دور ريادة الأعمال ورفع كفاءة المنشآت الصغيرة والمتوسطة؛ للإسهام في تنمية الاقتصاد الوطني، وتعزيز قدرته التنافسية عالميًا، وتنويع موارد الدخل، وتقليص الاعتماد على الموارد النفطية، وصولًا إلى التنمية الشاملة المستدامة.
وكان لجامعة جدة السبق، بإطلاقها مشاريع وبرامج تعليمية في مجال ريادة الأعمال؛ منها: وحدة الابتكار والتطوير، وريادة الأعمال، وحدة نقل التقنية وبراءات الاختراع، وحاضنات الابتكارات المتقدمة، ومسرعات الأعمال، والشراكات وخدمة المجتمع، وماجستير ريادة الأعمال بكلية الأعمال؛ ما أثمر عن جهود كبيرة؛ مثل “مبادرة عربة جدة الذكية”.
ويأتي الأسبوع العالمي لريادة الأعمال، هذا العام في ظل ظروف استثنائية؛ حيث سيكون محطة مهمة لمناقشة التحديات التي تواجه هذا القطاع، وخاصة في ظل تداعيات جائحة كورونا على اقتصاديات الدول النامية والمتقدمة على السواء، وكيفية مواجهة تلك التحديات، بل وتحويلها إلى فرص كبيرة لانطلاقات أكبر في عالم المال والأعمال.
من ضمن هذه التحديات، عدم حصول رواد الأعمال على التمويل المناسب، ونقص الضمانات للتمويل المطلوب من البنوك، وزيادة المخاطر المرتبطة بهذه المشاريع والأفكار الريادية، وارتفاع تكلفة الإيجارات؛ ما يودي الى ارتفاع أسعار المنتجات، وارتفاع التكلفة التشغيلية، وارتفاع أسعار بعض المواد الأولية؛ ما يقلل من قدرة المشروع على المنافسة.
كذلك، تؤدي المخاطر الحالية لأزمة كورونا إلى خوف بعض الشباب من فشل مشاريعهم الريادية، والمخاطرة بأموالهم؛ لذا يترددون في إطلاق مشاريعهم، فيميلون إلى الوظيفة، علاوة على تحديات أخرى تتعلق بالخبرات والتدريب.
وفي ظل عدم يقين اقتصادي وسط عالم سريع التغير- نتيجة تطورات جائحة كورونا- فإن رائد الأعمال الناجح هو من يحول الأزمات إلى فرص جيدة يمكن استثمارها؛ وبالتالي هو الأكثر استعدادًا لمرحلة ما بعد كورونا؛ عبر التسلح بأفكار عمل مبتكرة ومناسبة.
كذلك، من عوامل النجاح، استغلال الوقت الحالي لتحسين جوانب القصور التي لم يكن هناك وقت كافٍ لمعالجتها قبل حلول الجائحة، وتمكين الموظفين من الحصول على دورات تدريبية عبر الإنترنت لتحسين مهاراتهم، والاستعداد بأفكار ابتكارية تناسب المرحلة، علمًا بأن الأوضاع الحالية تُعد فرصة سانحة لرواد الأعمال؛ لاكتشاف النقص في سوق العمل، وتوجيه الطاقات نحو أفكار ابتكارية تناسب مرحلة ما بعد تجاوز الجائحة بإذن الله.
أدعو الله عز وجل أن يحفظ المملكة من كل مكروه، وأن يجنبنا مخاطر هذه الجائحة، وأن يمُنَّ علينا بدوام نعمة الأمن والأمان والاستقرار.
اقرأ أيضًا:
الأسبوع العالمي لريادة الأعمال.. وقمة العشرين
الأسبوع العالمي لريادة الأعمال 2020.. فرصة لنشر الإبداع
ندا النفيعي: الأسبوع العالمي لريادة الأعمال يدعم بناء مهارات الشباب