ما بين اعتماد المسؤولية الاجتماعية ونجاح الشركات علاقة شرطية، فالأول شرط للآخر ومرهون به، صحيح أنه فيما مضى كان من الممكن أن تنجح الشركات من دون أي جهود أو مبادرات اجتماعية غير أن الأمر اختلف الآن.
وإنما مرد هذا الاختلاف إلى أن العالم بات مشغولًا بقضايا ذات طابع بيئي أو اجتماعي؛ إذ تستحوذ قضايا مثل تغير المناخ، والاحتباس الحراري، والتنمية المستدامة، وشح الطاقة.. إلخ على اهتمام العالم كله.
من هنا كان من المحال أن تكون الشركات بعيدة عن هذا الانشغال، لا سيما أن الأجيال الأحدث والأصغر سنًا باتت أكثر وعيًا بالقضايا الاجتماعية، ومن ثم صارت الشركات مجبرة على اعتماد المسؤولية الاجتماعية.
والحق أن اعتماد المسؤولية الاجتماعية لا يعود على الشركات سوى بالنفع؛ إذ تشمل الفوائد المحتملة للمسؤولية الاجتماعية للشركات ما يلي: التعرف على العلامة التجارية بشكل أفضل، سمعة تجارية إيجابية، زيادة المبيعات وولاء العملاء، وفورات في التكاليف التشغيلية، أداء مالي أفضل، قدرة أكبر على جذب المواهب والاحتفاظ بالموظفين، النمو التنظيمي، سهولة الوصول إلى رأس المال.
اقرأ أيضًا: مبادرات المملكة لدعم الشباب.. الاستعداد لتحديات المستقبل
اعتماد المسؤولية الاجتماعية
أشرنا لتونا إلى بعض منافع وفوائد اعتماد المسؤولية الاجتماعية وها هو «رواد الأعمال» يقوم ببسط هذه المنافع، وذلك على النحو التالي..
-
سمعة تجارية مسؤولة
يمكن أن يساعد اعتماد المسؤولية الاجتماعية في بناء سمعة طيبة كشركة مسؤولة، والتي بدورها يمكن أن تؤدي إلى ميزة تنافسية.
وغالبًا ما تفضل الشركات الموردين الذين لديهم سياسات مسؤولة؛ لأن هذا يمكن أن ينعكس على كيفية رؤية عملائهم لهم. لا يفضل بعض العملاء التعامل مع الشركات المسؤولة فحسب بل يصرون على ذلك.
-
توفير التكاليف
من خلال تقليل استخدام الموارد والنفايات والانبعاثات الضارة -وكلها أنشطة متضمنة في اعتماد المسؤولية الاجتماعية- يمكنك مساعدة البيئة وتوفير المال أيضًا.
ومن خلال بضع خطوات بسيطة قد تتمكن من خفض فواتير الخدمات وتحقيق وفورات مالية للمؤسسة.
-
إيجاد الموظفين الموهوبين والاحتفاظ بهم
إن نجاح الشركات مرتهن باعتماد المسؤولية الاجتماعية لأن هذا الأخير يساعد الشركة في جذب الموظفين الأكفاء، والاحتفاظ بالمواهب الحالية الموجودة بالفعل لدى الشركة.
ناهيك عن كون الأنشطة والممارسات الاجتماعية والبيئية المسؤولة التي تنهض بها هذه الشركة أو تلك قد تحفز الموظفين للبقاء لفترة أطول، وبالتالي تقليل التكاليف وخفض نسب الدوران الوظيفي، والتخلص من تكاليف إعادة التدريب.
اقرأ أيضًا: أهمية المسؤولية الاجتماعية للشركات.. مكاسب خفية
-
الحصول على التمويل
من المرجح أن يدعم المستثمرون الأعمال التجارية ذات السمعة الطيبة؛ أي التي تعمل على اعتماد المسؤولية الاجتماعية، وهذا أحد أهم المكاسب؛ فالحصول على التمويل صعب في الغالب ولكن الشركات المسؤولة يمكنها أن تحصل على المال الذي تريده بجهد أقل من الشركات الأخرى.
ووفقًا لتقرير صدر عام 2016 من قِبل شركة التأمين الأمريكية Aflac لا ينظر المستثمرون إلى الاستثمارات في المسؤولية الاجتماعية للشركات عادةً على أنها إهدار للمال، بل هي “مؤشر على ثقافة الشركة التي من غير المرجح أن تنتج أخطاء باهظة الثمن مثل الاحتيال المالي”. وقالت الدراسة إن 61% من المستثمرين يعتبرون المسؤولية الاجتماعية للشركات علامة على “السلوك الأخلاقي للشركات؛ ما يقلل من مخاطر الاستثمار”.
اقرأ أيضًا: استغلال الموارد الطبيعية.. كيف نجمع بين متناقضين؟
-
جذب عملاء جدد
أدى الوعي المتزايد للمستهلكين إلى اعتماد المسؤولية الاجتماعية؛ حيث نشرت ما يقدر بنحو 90% من الشركات المدرجة على مؤشر S&P 500 تقرير المسؤولية الاجتماعية للشركات في عام 2019، مقارنة بنسبة 20% فقط في عام 2011.
وما نود قوله هنا إن اعتماد المسؤولية الاجتماعية يساعد في جذب عملاء جدد؛ إذ يعتقد 94% من الجيل Z الآن أنه يجب على الشركات معالجة القضايا الاجتماعية والبيئية الملحة، كما أن 76% من المستهلكين يقولون إنهم لن يتعاملوا مع شركة لديها وجهات نظر أو تدعم القضايا التي تتعارض مع آرائهم.
فضلًا عن أن 55% من المستهلكين على استعداد لدفع مبالغ إضافية مقابل المنتجات والخدمات التي تساهم في إحداث تغيير إيجابي، ومن المرجح أن يتحول أكثر من 90% من المتسوقين في جميع أنحاء العالم إلى العلامات التجارية التي تدعم قضية جيدة.
ومن المرجح أن يثق 90% من المستهلكين ويكونوا مخلصين للشركات المسؤولة اجتماعيًا مقارنة بالشركات التي لا تظهر هذه السمات، في حين أن 90% من المتسوقين سيقاطعون شركات وجدوا أنها منخرطة في ممارسات تجارية غير مسؤولة، كما يريد 91% من سكان العالم أن يروا الشركات تقوم بأكثر من مجرد تحقيق الربح.
اقرأ أيضًا:
ريادة الأعمال الاجتماعية.. التعريف والمزايا
مبادرات وزارة الموارد البشرية.. تأهيل الكفاءات والمسؤولية الاجتماعية
المسؤولية الاجتماعية في المملكة.. العطاء خلال الشهر الفضيل
مركز الملك سلمان للإغاثة.. تعزيز جهود المملكة الإنسانية
الرأسمالية الواعية.. فلسفة تَدارك الأخطاء