على الرغم من الحداثة النسبية لمفهوم ومصطلح إنترنت الأشياء إلا أنه قديم قِدم الإنترنت ذاته، لكنه، وكأي مفهوم آخر، لم يرسخ بعد في الأذهان؛ إذ لم يستقر المختصون على تعريف واحد له.
ومن بين الأمور التي تجعل من العسير استقرار هذا المفهوم أو إقراره هو أنه يطال الكثير من النواحي في حياة البشر، بل إن الهدف الكبير الذي تسعى إليه كثير من الدول هو تحويل حياة البشر، وإدراتها بشكل أوتوماتيكي.
وبطبيعة الحال، ستكون هناك _في حال أخذت الحياة شكلًا مختلفًا بعد إدخال إنترنت الأشياء عليها_ الكثير من الاعتبارات بل الاعتراضات أيضًا، ولكننا مضطرون للضرب عن كل هذا صفحًا، طالما أننا لم نُقر المفهوم بعد.
اقرأ أيضًا: ترخيص استعمال العلامة التجارية.. مفهومه وأهميته
ما هو إنترنت الأشياء؟
تنوعت التعريفات وتعددت التحديدات لهذا المفهوم الجديد، لكننا سنحاول الإشارة إلى ما يعبّر عن الفكرة الأساسية التي ينطوي عليها هذا المفهوم، ومن هذه التعريفات مثلًا تعريف مؤسسة جارتنر؛ الرائدة في مجال تقنية المعلومات، والتي ذهبت إلى أن إنترنت الأشياء هو، في الأصل، عبارة عن شبكة من الأشياء أو الكيانات المادية المتضمنة تقنية تمكّنها من التواصل والإحساس، أو التفاعل سواء داخليًا أو في البيئة الخارجية.
قد يُفهم من هذا التعريف أن هذه التقنية الحديثة تحاول بث الحياة في الأشياء المادية والجمادات المحيطة بالإنسان، وجعلها تتفاعل مع بعضها ومعنا نحن بني البشر في ذات الوقت.
ويشير هذا المصطلح أيضًا إلى مجموعة من الكيانات والأشياء المستخدمة بشكل يومي ومترابطة من خلال شبكة واحدة، وغالبًا ما تكون هذه الأجهزة مزودة بعناصر ذكية.
تسعى هذه التقنية إلى أتمتة الحياة بشكل كامل، وجعل التواصل سهلًا ودون الحاجة إلى أي وساطة من أي نوع، فالتواصل هنا لم يعد مقتصرًا على تواصل الإنسان مع الإنسان ولا حتى تواصل الأشياء مع بعضها، وإنما شمل كذلك تواصل الإنسان مع الأشياء والجمادات والحيوانات في نفس الوقت.
اقرأ أيضًا: لماذا تفشل في إدارة وقتك؟
ثورة في التواصل
في النصف الثاني من القرن العشرين، طرح عالم الاجتماع الألماني والمفكر الموسوعي “يورجين هابرماس” نظريته الفريدة والتي استدعت الكثير من النقاشات والجدالات، وهي تلك النظرية التي أودعها في كتاب يقع في مجلدين ويحمل عنوان “نظرية الفعل التواصلي”، لكن الرجل لم ينتبه، إبان تنظيره هذا، إلى أن وقائع التقدم التكنولوجي ستتجاوز نظريته.
فالتواصل الذي تطرحه التقنية الخاصة بإنترنت الأشياء يتجاوز كل الأطر النظرية التي كان يطرحها هابرماس؛ إذ لم نعد نتحدث عن تواصل إنسان مع إنسان وإنما جمادات مع بعضها، وهنا يظهر الجانب الثوري لهذه التقنية الحديثة.
وبطبيعة الحال، سيكون لهذه التقنية الحديثة، على المديين القريب والبعيد، آثار شتى في الحياة ككل، كما أنها ستسهل الكثير من العمليات الاقتصادية التي كانت معقدة من قبل، ناهيك عن أنها ستدخر جهد الإنسان، وهو الجهد الذي يمكن استخدامه في مجالات أخرى أكثر نفعًا وجدوى.
اقرأ أيضًا: الموقع الإلكتروني والتسويق للمشروعات
استخدام التقنية وتوسعها
منذ المرة الأولى التي ظهر فيها هذا المصطلح “إنترنت الأشياء” عام 1999 على يد كيفين أشتون؛ أحد الرواد الإنجليز في مجال تقنية المعلومات، والذي أسهم في تأسيس مجموعة عمل في معهد “ماساتشوستس للتقنية” سُميت “Auto-ID Labs”، وهذه التقنية آخذة في التمدد والاتساع.
وباتت تُستخدم في مجالات الرعاية الصحية، والبيانات الطبية، وفي مجالات الصناعة والاقتصاد المختلفة، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك ساعة أبل “Apple Watch” المزودة بتقنية خاصة تمكنها من التواصل مع الإنسان، ومراقبة أداء جسده، وتحذيره عند الخطورة.
ناهيك طبعًا عن المنزل الذكي (أشهر تجليات إنترنت الأشياء) الذي يتحكم في استهلاك الطاقة، ومستوى درجة حرارة الغرف وما إلى ذلك.
اقرأ أيضًا:
الإدارة الإلكترونية.. إعادة هندسة الأعمال