لا شك في أن قرار العودة إلى مقار العمل سينطوي على آثار نفسية للموظفين، سواءً كانت هذه الآثار سلبية أم إيجابية، إلا أنه كان من الضروري لفت الأنظار إليها؛ حفاظًا على الصحة النفسية للموظفين من جهة، والعمل على ضمان عدم تأثر إنتاجيتهم من جهة أخرى.
وفي هذا السياق، رأى إبراهيم الفريح؛ استشاري الطب النفسي والطب النفسي الجسدي والطب النفسي للأورام بالمدينة الطبية في جامعة الملك سعود، خبير الصحة النفسية في مكان العمل، في تصريحات حصرية لموقع رواد الأعمال، أنه لا يمكن الجزم بمدى تأثر الموظفين نفسيًا بقرار العودة إلى مقار العمل من جهة السلب أو الإيجاب؛ فالأمر مرهون بعدة أمور؛ منها الموظف ذاته، والجهة التي يعمل لديها كذلك.
وأضاف أن تأثر الموظف نفسيًا بقرار العودة إلى مقار العمل يتوقف على طبيعة الموظف ذاته، وطبيعة المهام الوظيفية التي يؤديها، والضغوطات التي يعاني منها خلال هذه المرحلة، سواء كانت ضغوطات صحية أو اقتصادية أو نفسية.. إلخ.
اقرأ أيضًا: نصائح العودة لمقر العمل.. الحرص والإنتاجية
نفسية الموظفين
ولفت خبير الصحة النفسية إلى أنه من بين العوامل التي تؤثر في نفسية الموظف عند العودة إلى مقر العمل من جديد هو مدى تقبل الموظف نفسه لفكرة العمل عن بُعد، فقد يكون بعض الموظفين راقت لهم فكرة العمل عن بُعد، ومن ثم فهم لا يرغبون في العودة للعمل من المكتب وسيتأثرون سلبًا بهذه العودة، والعكس كذلك بالنسبة للموظفين الذين يرفضون العمل عن بُعد؛ حيث سوف يُسرون بالعودة إلى العمل من المكاتب.
الخوف من العدوى
وذكر إبراهيم الفريح أن الخوف من العدوى من الأمور التي قد تؤثر في نفسية الموظفين عند العودة إلى العمل، وكذلك التخوف من ملامسة الأسطح، كما أن بعض المهام الوظيفية المعينة قد تثير قلقًا لدى البعض، بالإضافة إلى خوف الموظفين من نقل العدوى إلى ذويهم ومن يحبون.
وأوضح أن موضوع التواصل الاجتماعي والعودة إلى الروتين السابق على الحجر والعمل من المنزل قد يسبب سعادة لدى البعض.
اقرأ أيضًا: لا تستسلم.. 6 طرق للتعامل مع الأزمات النفسية
التعامل مع القلق وعلاجه
رأى «الفريح» أن تعامل الموظفين مع الهلع الناتج عن العودة لمقار العمل يتم عبر طرق شتى؛ منها، على سبيل المثال، التعرف على مصادر الضغوطات الموجودة لدى الموظف، وهي ضغوطات تختلف من شخص لآخر؛ حيث إن التعرف على هذه الضغوطات ومحاولة إدارتها أحد سبل تجنب الخوف والهلع الناتج عن العودة.
ولفت إلى أن العمل على تغيير الروتين الذي اعتاد عليه الموظفون خلال فترة العمل من المنزل قد يكون أحد مصادر الضغط الذي يعاني منه البعض خلال الفترة الحالية؛ إذ إن التأقلم على هذا الأمر الجديد يحتاج نفس الجهد الذي بُذل للتأقلم على العمل من المنزل خلال الفترة السابقة.
ورأى أنه من المهم التحدث عن المخاوف التي يشعر بها الموظفون خلال العودة إلى العمل، ومن المهم، أيضًا، أن تكون هناك مراجعة لخطة سير العمل من قِبل الشركة، وتجهيز بعض الأدوات التي تضمن عدم نقل العدوى، مثل المعقمات والكمامات والتشديد على التباعد الاجتماعي.
وأفاد بأن الحرص على ممارسة الرياضة بشكل يومي أو أسبوعي.. إلخ بالنسبة للموظف قد يكون من الأمور الجيدة التي تساعد في التخفيف من حدة التوتر والهلع الذي قد يشعر به البعض خلال الفترة الحالية، بالإضافة إلى الحرص على الطعام الجيد والنوم بقدر كافٍ، ناهيك عن تجنب التفقد المستمر لأخبار كورونا من المصادر غير الرسمية التي قد تميل إلى المبالغة أو التهويل.
اقرأ أيضًا: كيف تغير جائحة كورونا ممارسة الأعمال مستقبلًا؟
واجب الشركات
وشدد على أن هناك مجموعة من الإجراءات التي يجب على الشركات الأخذ بها ووضعها في الاعتبار بالتزامن مع العودة إلى مقار العمل من جديد، ومن هذه الإجراءات ما يلي:
- الحرص على التواصل الفعال مع الموظفين، والذي يتضمن شرح تفاصيل خطة العمل خلال المرحلة المقبلة، والمهام الوظيفية المطلوبة من كل موظف، فضلًا عن تواصل القادة مع الموظفين على حدة.
- تشجيع الحديث عن الضغوط النفسية، ووضع خطة للتعامل معها.
- الحرص على بث الطمأنينة والسكينة وعدم إثارة القلق والهلع، وهنا تبرز أهمية دور القادة في مثل هذه الظروف.
- توفير قنوات تواصل بين الموظفين، وتجنب العزلة، وهو ما توفره الكثير من وسائل التواصل الاجتماعي.
- تدريب القادة على كيفية التعامل مع الضغوط النفسية لدى الموظفين.
- الحرص على الموظفين الأكثر عرضة للضغوط النفسية وتقديم الدعم اللازم لهم.
- المرونة في العمل، والحرص على القيمة المضافة من عودة الموظف لعمله، فربما يكون من الأجدى لدى بعض الموظفين العمل من المنزل.
- تجهيز خطط طوارئ في حال إصابة بعض الموظفين.
- العمل على آلية عمل الموظفين في حالة تم التعرض للإصابة
- النظر في الأعباء العملية ومحاولة تخفيفها عند الحاجة.
اقرأ أيضًا:
إبراهيم الفريح: الصحة النفسية في بيئة العمل لها تبعات اقتصادية ومادية هائلة
استئناف العمل بالمملكة.. عودٌ حذر وخطة محكمة