ستكون نظرة قاصرة إن اعتبرنا أن أهمية المبادرات التطوعية تنحصر فقط في تقديم بعض المزايا والخدمات للمجتمع؛ صحيح أن الشركات تتكبد الكثير من الأموال والنفقات في الأعمال والمبادرات الخيرية، لكنها، شرط أن تكون حكيمة ويقوم عليها أشخاص مخضرمون، تفعل ذلك من أجل النفع المتعدي.
خدمة المجتمع وتحسين حياة الناس أمر مهم، ما في ذلك من شك، لكن أهمية المبادرات التطوعية تتعدى هذه المسألة بكثير؛ وهدفنا هنا أن نميط اللثام عن أهمية العمل الخيري، ونفعه المتعدي؛ أملًا في أن نلهب حماس الشركات للقيام بأدوار اجتماعية فاعلة، وأن تأخذ زمام المبادرة، وأن تترك أثرًا وبصمة على المجتمعات الإنسانية التي تعمل فيها.
اقرأ أيضًا: العمل التطوعي والتغلب على الملل
أهمية المبادرات التطوعية
إننا ندفع بأن الأموال التي تنفقها الشركات في الأعمال الخيرية لا تذهب هدرًا ولا أدراج الرياح، وإنما هناك الكثير من المنافع التي يتم تحصيلها من ورائها، فما هي أهمية المبادرات التطوعية؟ وكيف تستفيد منها الشركات؟ إليك الجواب، إذًا، من «رواد الأعمال» وذلك على النحو التالي..
-
الرضا الوظيفي ورفع معدلات الإنتاجية
من أبرز الأمور التي تشير إلى أهمية المبادرات التطوعية هو كونها (هذه المبادرات والأعمال الخيرية) تسهم في رفع معدل الرضا الوظيفي، وتقليل نسب الدروان الوظيفي، والعمل على إيجاد موظفين راضين عن عملهم، منتمين إلى مؤسساتهم.
وخَلُصت شركة Great Place to Work، بعد بحثها في الآلاف من استطلاعات الموظفين من الشركات في قائمة أفضل 50 مكان عمل لها، إلى أن العاملين في هذه المؤسسات يقولون إنهم أكثر عرضة للبقاء مع صاحب العمل لفترة طويلة نتيجة برامج الشركة التطوعية.
وكلما كانت الشركة أكثر اهتمامًا بالعمل الخيري، وكلما كانت أكثر انتباهًا إلى أهمية المبادرات التطوعية كان الموظفون لديها مستعدون للعمل وبذل مزيد من الجهد؛ فهم يرون مؤسستهم منخرطة في العديد من الأنشطة والمبادرات متعدية النفع، فلمَ لا يبقون معها ويساعدونها؟!
اقرأ أيضًا: منصة العمل التطوعي.. ثقافة تنموية تدعمها المملكة
-
بناء العلامة التجارية
تظهر أهمية المبادرات التطوعية، ثانيةً، في كونها، تعمل على تعزيز الوعي بالعلامة التجارية، وبناء سمعتها في السوق، وبناء السمعة هذا ليس لدى العملاء وحدهم، ولكن لدى الموظفين، وأصحاب المصلحة والمجتمع المحيط ككل.
بهذا المعنى يمكن القول إن أهمية المبادرات التطوعية لا تتوقف على كونها مجرد عمل خيري ذي وجه واحد، ولكنها، في الوقت ذاته، عمل اقتصادي، وجهد تسويقي، غير أن نتائج ومردود هذه الجهود لا يمكن ملاحظته إلا بعد وقت قد لا يكون قصيرًا. ومن ثم الاشتغال هنا اشتغال على المدى البعيد.
قد تنفق الشركة أموالًا طائلة في حملة تسويقية ما، غير أن أهمية المبادرات التطوعية تظهر في كونها تقدم شيئًا جيدًا للمجتمع، وتقدم، في ذات الوقت، ميزة للشركة. وبالتالي هي تصيب عصفورين بحجر واحد.
اقرأ أيضًا: المسؤولية الاجتماعية والعمل التطوعي.. إعادة رسم الحدود
-
جذب المواهب
أغلب الأبحاث والدراسات السوسيو اقتصادية (الاجتماعية الاقتصادية) تشير، فيما يتعلق بالمسؤولية الاجتماعية وإقرانها بجيل الألفية، إلى شيء واحد _يكاد يكون موضع إجماع_ مفاده: أن جيل الألفية أكثر تحمسًا ووعيًا بالواجبات الاجتماعية، وهو، أي أفراد هذا الجيل، أكثر استعدادًا لعمل لصالح مؤسسات تنهض بأدوار اجتماعية فاعلة منهم للعمل لصالح مؤسسات تكرس نفسها للربح فحسب.
ومن ثم فإن أهمية المبادرات التطوعية تظهر في قدرتها على جذب المواهب الشابة، من جيل الألفية التي لديها نزوع طبيعي لتقديم شيء مفيد للمجتمع الذي تعيش فيه. المبادرات التطوعية عامل جذب أساسي للمواهب والكفاءات.
اقرأ أيضًا: رواد الأعمال والعمل الخيري.. فن تغيير العالم
-
التخفيضات الضريبية
في حين أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت لمعرفة كيف أن العمل الخيري يزيد من مشاركة الموظفين، أو يصنع الوعي بالعلامة التجارية، أو يجذب المواهب، أو يزيد المبيعات أو يفيد مجتمعك المحيط، إلا أن هناك شيئًا واحدًا ستلاحظه بسرعة وهو التوفير الضريبي المرتبط بالعطاء الخيري.
تتمثل أهمية المبادرات التطوعية والعمل الخيري في أنها سوف تسهم في تخفيض الضرائب التي يتوجب عليك دفعها، كونك تعمل في المجتمع، وتقدم له عطايا وخدمات، فهذا أدعى لكي تتعاطف مع الجهات الحكومية؛ فهي تعلم أنك توجه أموالك من أجل خدمة المجتمع.
اقرأ أيضًا: استراتيجية العمل الخيري والإسهام في الرفاه الاجتماعي
-
الدعايا المجانية
لا شيء أنجح، من الناحية الدعائية، من العمل الخيري. إنها تقول كل شيء عنك ولكن بشكل عملي. المجتمع المحيط سيأتي إليك من تلقاء نفسه، فأعمالك ومبادراتك وجهودك الخيرية خير شاهد عليك.
اقرأ أيضًا:
المسؤولية الاجتماعية في بيئة العمل
المسؤولية الاجتماعية والمجتمع.. أي دور في القرن الـ 21؟
المسؤولية الاجتماعية للشركات.. تطوع أم إلزام؟