يدور في ذهن الكثيرين سؤال مُلح: ما أسرار الترقيات التنفيذية التي تقود بعض المديرين إلى قمة النجاح، بينما يبقى آخرون بنفس الكفاءة في مكانهم؟ الإجابة لا تكمن فقط في المهارات الفنية أو الخبرة. بل في فن تحديد المواقع الإستراتيجية، وفهم الإدراك التنفيذي، والأهم من ذلك في علم النفس الشخصي الخفي الذي يؤدي دورًا حاسمًا في هذه العملية.
علاوة على ذلك لا تقتصر أسرار الترقيات التنفيذية على الأداء الفردي لكنها تمتد إلى القدرة على بناء علاقات مؤثرة داخل المؤسسة. فالمدير الذي يتقن فن التواصل والإقناع، ويحظى بثقة رؤسائه ومرؤوسيه، نكون لديه حظوظ أوفر في الحصول على الترقية.
من ناحية أخرى قد يفتقد المدير الموهوب الذي يركز فقط على إنجاز المهام، دون الاهتمام بالعلاقات الإنسانية، فرصة ثمينة للتقدم.
أسرار الترقيات التنفيذية
وفي حين أن للكفاءة والمهارة دور مهم إلا أن أسرار الترقيات التنفيذية تكشف عن أهمية القدرة على تسويق الذات بشكلٍ فاعل. فالمدير الذي يعرف كيف يبرز إنجازاته، ويسلط الضوء على مساهماته في نجاح المؤسسة يكون أكثر قدرة على جذب انتباه القيادة العليا.
كذلك تعد القدرة على التكيف مع التغيرات، واكتساب مهارات جديدة، والتعامل مع الضغوط من العوامل الحاسمة في تحديد المسار المهني.
وبينما يعتقد البعض بأن أسرار الترقيات التنفيذية هي مجرد حظ أو صدفة تكشف التحليلات الدقيقة عن وجود إستراتيجيات واضحة يمكن اتباعها للوصول إلى أعلى المناصب. كما أن فهم ديناميكيات السلطة، والقدرة على قراءة المشهد التنظيمي، والتحلي بالذكاء العاطفي تعد من الأدوات الأساسية التي يجب على المدير الطموح امتلاكها.
كيف تصبح الخيار الأول للترقية؟
ثمة خطوات تُمكّنك من أن تصبح الخيار الأمثل للعرض الترويجي التالي، وتترك انطباعًا أصيلًا لدى القيادات العليا. وهي خطوات تتطلب تخطيطًا دقيقًا وتنفيذًا إستراتيجيًا، وتعتمد على فهم عميق لديناميكيات العمل والتواصل الفاعل.
-
الانطباع الأول الحاسم:
في عالم الأعمال التنافسي يعد الانطباع الأول حاسمًا. فالقادة التنفيذيون يميلون إلى تكوين أحكام سريعة حول قيمة الفرد في غضون 120 ثانية فقط. لذا من الضروري أن تكون مستعدًا دائمًا لجذب الانتباه وتقديم نفسك بطريقة تعكس كفاءتك وقدراتك. وذلك من خلال لغة جسد واثقة، ونبرة صوت واضحة، وتقديم موجز لأهم إنجازاتك ومهاراتك.
-
مصفوفة العلاقات الإستراتيجية:
لا شك أن بناء شبكة علاقات قوية أمرًا ضروريًا للنجاح في أي مؤسسة. ويتطلب ذلك تحديد اللاعبين المؤثرين ومساعديهم الموثوق بهم، وبناء تحالفات معهم قبل الحاجة إليها. كما ينبغي أن تسعى إلى تقديم نفسك كشريك أو نظير، وليس كموظف مرؤوس.
وبإمكانك تحقيق ذلك عبر تبادل الأفكار والخبرات، وتقديم الدعم والمساعدة. والمشاركة في المشاريع والفعاليات التي تهم القيادات العليا.
-
إستراتيجية دمج العقل التنفيذي:
للتواصل بفاعلية مع القادة التنفيذيين يجب أن تفهم رؤيتهم وإستراتيجياتهم. وتستطيع تحقيق ذلك عن طريق دراسة بياناتهم العامة، مثل: التقارير السنوية والمقالات والمقابلات، ومحاولة فهم لغتهم الإستراتيجية.
وعند تقديم أفكارك أو مقترحاتك حاول أن تربطها برؤية القادة، وتظهر كيف تساهم في تحقيق أهدافهم، على سبيل المثال: يمكنك أن تقول: “نهجنا يتماشى مع رؤية الذكاء الاصطناعي الخاصة بك”.
-
حركة مسرّع الوظيفة:
لتسريع مسارك المهني من الضروري أن تكون مستعدًا لتولي المشاريع التي يخشاها الآخرون. والمشاريع التي تتطلب قيادة عالية المخاطر ومتعددة الوظائف.
ويظهر ذلك من خلال التطوع للمهام الصعبة، وتقديم حلول مبتكرة، وتحمل المسؤولية عن النتائج. وعند مواجهة تحدٍٍ يمكنك أن تقول: “أرى التحدي، سأتولى زمام المبادرة في هذا”.
-
التحول من رئيس إلى بطل:
لا تدع الآخرين يكتبون قصة نجاحك بل عليك صياغتها بنفسك، وسلط الضوء على إنجازاتك ومساهماتك. وقدمها للقادة التنفيذيين في شكل موجز وجذاب، واجعل عرض القيمة الخاص بك لا ينسى.
بإمكانك تحقيق ذلك عبر استخدام لغة قوية ومؤثرة، وتقديم أمثلة ملموسة على إنجازاتك، وربطها بأهداف المؤسسة.
-
صيغة الرؤية:
يشكّل التأثير أمرًا حتميًا للتقدم؛ حيث إن البقاء في منطقة الراحة دون إحداث تأثير ملموس يعني الموت الوظيفي. لذلك ينبغي تحديد الأهداف بوضوح وقياس النتائج بدقة.
على سبيل المثال: يمكن تحديد هدف تحقيق أرباح بقيمة 1.2 مليون دولار من خلال تطبيق إستراتيجية معينة. ويجب أن تكون هذه الأهداف مرئية وواضحة قبل المراجعات الشهرية؛ حتى يستطيع القادة تقييم الأداء والمساهمة في تحقيق الأهداف.
-
رمز الاتصال التنفيذي:
يتطلب التواصل الفاعل مع القادة التنفيذيين إتقان لغة الأرقام؛ حيث يجب أن يكون الحديث موجزًا ومرتكزًا على الحقائق والبيانات. ويمكن استخدام صيغة محددة لعرض الأفكار، مثل: الحل، والتكلفة، والمشكلة، وعائد الاستثمار.
مثلًا يمكن القول: “هذا يكلفنا 3 ملايين دولار سنويًا. إليك إصلاحنا لمدة 60 يومًا”. ويجب أن تكون العناوين الرئيسة واضحة ومختصرة، ومن المهم أن تدعمها البيانات والأرقام. وذلك من خلال تقديم تقارير دورية، أو استخدام الرسوم البيانية والجداول لتوضيح البيانات.
-
بنية التواجد القوي:
من الضروري أن يكون حضورك قويًا ومؤثرًا، وتمتلك مساحتك وكأنك تشغل المنصب بالفعل. ولديك القدرة على تحقيق ذلك من خلال الحركة المتعمدة والواثقة، والنظرة الثابتة، ولغة الجسد القوية.
ولا بد أن يشير وجودك إلى أنك تنفيذي قبل أن تتحدث، ويمكن أن يتحقق ذلك عن طريق ارتداء ملابس مناسبة. والجلوس بطريقة تعكس الثقة، والتحدث بنبرة صوت واضحة ومسموعة.
-
تحديد المواقع الإستراتيجية للقوة:
ينبغي أن تكون قريبًا من صانعي القرار، وتجلس في المقاعد التي تشير إلى السلطة. وتستطيع تحقيق ذلك من خلال التواجد في الاجتماعات والفعاليات التي يحضرها القادة، والجلوس بجوارهم. والتفاعل معهم، والقرب المادي يعني السرعة المهنية؛ حيث يتيح لك الفرصة للتواصل المباشر مع القادة. وعرض أفكارك ومقترحاتك، والتأثير في القرارات.
في النهاية تتجاوز أسرار الترقيات التنفيذية مجرد الكفاءة والمهارات الفنية. لتشمل مجموعة متكاملة من الإستراتيجيات والمهارات الشخصية والاجتماعية. فالمدير الطموح الذي يسعى للوصول إلى أعلى المناصب يجب أن يتقن فن تحديد المواقع الإستراتيجية، وفهم الإدراك التنفيذي، وبناء علاقات مؤثرة داخل المؤسسة.
كما من الضروري أن يكون قادرًا على تسويق ذاته بشكلٍ فاعل، والتكيف مع التغيرات، والتعامل مع الضغوط.