الاسم: أرسطو أوناسيس
تاريخ الميلاد: 15 يناير 1906
تاريخ الرحيل: مارس 1975
الجنسية: يوناني/ أرجنتيني
عرف خلال الألفية الماضية، بأنه واحد من أشهر الأثرياء عالميًا، رغم أنه لم يولد ثريًا، بل عانى كثيرًا في مشوار حياته؛ حتى استطاع “أرسطو أوناسيس”؛ صاحب الشركات والاستثمارات المتعددة دوليًا، أن يسطر اسمه بين عمالقة أثرياء العالم، وكأنه علامة تجارية ترمز إلى ربح الأموال، والرفاهية.
الحياة في اليونان
وُلد أوناسيس في 15 يناير عام 1906، بمدينة “سميرنا”؛ التي كانت عبارة عن ميناء ضخم، وكان والده تاجرًا للتبغ، ولديه شقيقة واحدة من أبويه، وهي “أرتميس”، وأختان من والده، هما: كالروي وميروب.
رغم تمتعه بذكاء كبير، لكنه لم ينجح دراسيًا؛ ما دفعه إلى ترك الدراسة ليعمل مع والده، ثم لم يلبث أن غادر بلدته مبكرًا بسبب الخلافات السياسية بين تركيا واليونان؛ ما دفعه للاستقرار في مدينة بيونس آريس بالأرجنتين.
تشارلز شواب.. رائد صناعة الصلب
العمل في الأرجنتين
استطاع أوناسيس أن يحصل على وظيفة خلال عامين من سفره إلى الأرجنتين، وفي عام 1923 كان يعمل مشغل هاتف مع شركة يونايتد ريفر بيلتر البريطانية، إلا أن هذه الوظيفة لم تشبع تعطشه للأعمال التجارية.
عرف أوناسيس الكثير عن طريق التنصت على المكالمات الهاتفية الخاصة برجال الأعمال؛ لذا قرر متابعة دراسته، ليتخصص في التجارة؛ ليصبح فيما بعد من أهم رجال الأعمال خلال العقد الثالث من القرن الماضي.
استغل أوناسيس المعلومات التي عرفها من خلال وظيفته كمشغل هاتف، ليستلهم أفكارًا جديدًا من المكالمات الصادرة من لندن والولايات المتحدة الأمريكية، في عالم الصفقات التجارية، والمضي قدمًا من أجل تطوير حياته.
سوزان كلاتن.. ونجاح بي إم ابليو
عرف من خلال التنصت على المكالمات، أهمية الترويج للمنتجات التجارية، واستلهم فكرة جيدة من مضمون مكالمة عن ترويج جهاز المجيب اللاسلكي؛ فلمعت في عقله فكرة جديدة لترويج منتج خاص به.
بداية رحلة ريادة الأعمال
بدأ أوناسيس عمله باستيراد التبغ الإنجليزي إلى الأرجنتين، ثم حصل على الجنسية الأرجنتينية في عام 1929؛ ليمضي قدمًا في عالم الأعمال الذي فتح له أبواب الأرباح على مصراعيها.
كوك يون هو.. مؤسس ATI التكنولوجية
قائمة المليونيرات
استهدف أرسطو أوناسيس سوق السيدات، عن طريق “كلوديا موزيو”؛ مغنية الأوبرا الشهيرة آنذاك؛ حتى تروج لعلامته التجارية الخاصة بالسجائر، فلاقت فكرته استحسانًا ورواجًا كبيرًا على المستوى العالمي؛ ما ساعده في الانضمام إلى قائمة المليونيرات في عمر الـ 25 فقط.
شركة شحن
أسس أوناسيس أول شركة تجارية للشحن في العاصمة الأرجنتينية، ثم اكتسب ثروة طائلة بعد ازدهار عمله في مجال التبغ، ثم انتقل إلى ولاية نيويورك؛ ليبدأ عملًا جديدًا يدر عليه مزيدًا من الأرباح.
جاري فاينرتشوك.. عبقري الريادة الاجتماعية
احتفظ أوناسيس بشركته في الأرجنتين، بينما عمل على التطور في الولايات المتحدة الأمريكية، وترك إرثًا كبيرًا في بيونس آريس عن طريق الصندوق المخصص لدعم الطلاب دراسيًا، وحافظ على تمويل البرنامج الدولي لتبادل الطلاب والأكاديمين بين عدد من الدول أهمها: اليونان، موناكو، وأمريكا.
أسطول الشحن
حقق أوناسيس ثروةً كبيرة، واقتحم مجتمع أقطاب الشحن، وفي عام 1931، عُيِّن نائبًا لقنصل اليونان في بيونس آيرس.
وفي سنة 1932 حدثت فترة الكساد الكبير التي خيبت آمال مجتمع الأعمال، إلا أن أوناسيس اكتسب خبرة كبيرة في عالم المال؛ ما جعله يشتري 6 سفن شحن بوزن 10 آلاف طن من الشركة الكندية الوطنية للسفن البخارية، بأقل من نصف تكلفتها، والتي كانت تُعد صفقة رابحة بالنسبة له.
حياة سندي.. رائدة التكنولوجيا الحيوية
دهاء العمل
وفي خضمّ الحرب العالمية الثانية، أصبح أرسطو أوناسيس صاحب أسطول الشحن الأقل تكلفة؛ إذ استغل ذكاءه في عالم الأعمال بترخيص أسطوله من سفن الشحن إلى “بنما” عبر المحيط الأطلسي؛ ما أعطاه ميزة الإعفاء من الضرائب، وخفض التكاليف العامة للشحن.
بنى أوناسيس أسطولًا من سفن الشحن وناقلات النفط تجاوز 70 حاوية؛ ما مكنه من جني الأرباح عن طريق أسطوله الذي اعتاد الإبحار رافعًا راية “بنما” بدون ضريبة، وبتكاليف منخفضة.
رانو موندال.. من التشرد إلى الثراء
ورغم تقاضيه أدنى الأسعار في أسواق الأسطول التجاري، لكنه استطاع تحقيق أرباح طائلة، خاصة عندما قامت شركات النفط الكبرى- مثل سوكوني، موبيل، وتكساكو- بتوقيع عقود طويلة الأجل بأسعار ثابتة معه لاستخدام أسطوله، وذلك عندما واجهوا مشكلة في إدارة أساطيلهم الخاصة، التي تحمل الرايات الأمريكية؛ وبالتالي تحتاج تكلفة عالية.
نقل المعدات العسكرية
أبرم أرسطو أوناسيس صفقة مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث عرض أسعارًا منخفضة لنقل المعدات العسكرية، واشترط مقابل ذلك أن تمنحه الأخيرة أسعارًا مقبولة لسفن الشحن العسكرية الفائضة، على الرغم من حظر شراء المعدات العسكرية الفائضة لغير الأمريكيين.
وبالفعل، تمكن أوناسيس من تحقيق النجاح في تأسيس أكبر الأساطيل التابعة للقطاع في العالم، وقيل إنه لم يفقد أي سفينةٍ من أسطوله على الإطلاق خلال الحرب.
“إمانويل تاربين”.. مصمم المجوهرات البارع
أبحرت سفن “أوناسيس” في ممرات الشحن العالمية حول العالم؛ ما جعله يلاحظ الطلب العالمي المتزايد على النفط، ووجّه تركيزه نحو الناقلات، وشرع ببناء ناقلات نفط عملاقة؛ حيث كانت البداية في هامبورج عام 1953 بأول ناقلة نفط بهذا الحجم في العالم.
محطة موناكو
وصل أرسطو أوناسيس إلى إمارة موناكو في البحر الأبيض المتوسط في عام 1953، وبدأ بشراء أسهم شركة سوسيتيه دي بان دو مير في مونت كارلو؛ باستخدام الشركات الوهمية في الملاذ الضريبي لبنما، وبحلول الصيف، كان مسيطرًا على المنظمة.
رحب الأمير رينيه الثالث؛ حاكم موناكو آنذاك، بصفقة أرسطو أوناسيس التاريخية كاستثمار في بلاده، لكن تدهورت الأوضاع بينهما عقب مقاطعة شارل ديجول؛ رئيس فرنسا آنذاك.
حث حاكم موناكو، أوناسيس على الاستثمار في بناء الفنادق كعنصر لجذب السائحين، إلا أنه كان مترددًا في الإقدام على هذه الخطوة بدون ضمانات.
وبسبب عدم رغبة حاكم موناكو في إعطاء أوناسيس الضمان الذي يريده، استخدم حق النقض الخاص به لإلغاء مشروع الفندق بالكامل، واتهم شركة الأخير بإعطاء رؤية فاسدة، وظل الخلاف قائمًا لسنوات.
في يونيو عام 1966، وافق حاكم موناكو على خطة لإطلاق 600 ألف سهم جديد في شركة سوسيتيه دي بان دو مير ملكًا للدولة بصفة دائمة؛ ما خفض نصيب أرسطو أوناسيس من 52 % إلى أقل من الثلث.
لم يستسلم أوناسيس، فتقدم بالطعن في هذه الأسهم في المحكمة العليا لموناكو، ولكن المحكمة أصدرت قرارها ضده في مارس 1967.
وكعادة الحياة، هناك محطات فشل ترسم طريق الإرادة في عالم رائد الأعمال؛ لذا باع أرسطو أوناسيس أسهمه في الشركة لدولة موناكو مقابل 9.5 مليون دولار بعد إصدار الحكم، وقرر مغادرة البلاد.
ريتيش أغاروال.. الملياردير الصغير
الخطوط الجوية اليونانية
في عام 1956، تأثرت الخطوط الجوية اليونانية بالاضطرابات ونقص السيولة؛ ما دفع أوناسيس في منتصف العام ذاته، إلى توقيع عقد يمنحه حقوق العمل في خطوط النقل الجوي اليوناني.
قرر أرسطو أوناسيس إضافة حلقة سادسة إلى الحلقات الأولمبية، بعدما عرف أثناء المفاوضات أنه لن يتمكن من استخدام الحلقات الأصلية في شعاره بسبب حقوق النشر.
خلال عام 1974، نقلت شركة الطيران الأولمبية 2.5 مليون مسافر وكان لديها عمالة تقدر بـ 7356 شخصًا.
“أليكس أسولين”.. مالك أفخم مكتبات بالعالم
عاشت الشركة عصرها الذهبي مع إدارة أرسطو أوناسيس، إلا أن سلسلة من الإضرابات، ونقص الركاب، وزيادة أسعار الوقود، أدى إلى إنهاء العقد. وعلى الرغم من أعماله المتعددة، وثرائه الفاحش، اعتبر شركات الخطوط الجوية الأولمبية بمثابة الإنجاز الأكبر له؛ بفضل الاستثمارات المتعددة التي قام بها، وشراء عدد من الطائرات الاستثنائية، فضلًا عن اكتسابه مجموعة تقنيات متطورة.
اشتهر أوناسيس باهتمامه بجودة الخدمة؛ ما أدى به إلى شراء أوانٍ مطلية بالذهب لخدمة الطعام في قسم الدرجة الأولى.
اتفاقيات واستثمارات
في عام 1954، وقع أرسطو أوناسيس اتفاقية مع المملكة العربية السعودية كان لها ضجة عالمية؛ إذ حرص على توسيع إمبراطوريته، بينما عرف عنه حذره من المنافسين، وعدم اكتراثه بأعداء النجاح.
تأسيس الخطوط الجوية الأوليمبية
لم يعرف أوناسيس بإمبراطور الاقتصاد من فراغ؛ إذ اشتهر باستثماراته المتعددة التي لاقت نجاحًا كبيرًا ودرت عليه أرباحًا طائلة، فشارك في خصخصة شركة الطيران الوطنية اليونانية، وأسس شركة الخطوط الجوية الأوليمبية في عام 1957.
سام والتون.. مؤسس متاجر وال مارت
95 شركة متعددة الجنسيات
شارك أرسطو أوناسيس بثلث رأسماله على هيئة أسهم احتفظ بها في شركات النفط في الولايات المتحدة والشرق الأوسط وفنزويلا، كما امتلك أسهمًا إضافية تضمن سيطرته على 95 شركة متعددة الجنسيات في 5 قارات.
وامتلك أوناسيس أيضًا، مصانع معالجة الذهب في الأرجنتين وأوروجواي، وحصة كبيرة في شركة طيران بأمريكا اللاتينية، واستثمارات بقيمة 4 ملايين دولار في البرازيل.
مو إبراهيم.. عملاق الاتصالات بإفريقيا
رفاهية عالمية
امتلك أرسطو أوناسيس عددًا من الشركات؛ مثل الأولمبية البحرية، والسياحية الأولمبية، وشركة كيميائية، وشقق وعقارات في باريس ولندن ومونت كارلو وأثينا ووأكابولكو، وقلعة بجنوب فرنسا، بجانب البرج الأولمبي؛ وهو مبنى مرتفع مكون من 52 طابقًا في مانهاتن، وجزيرة سكوربيوس، ويخت فاخر بطول 99.06 م، وكان له حسابات ودائع، وحسابات في خزانة الدولة في 217 بنكًا في العالم، ليرحل في 15 مارس 1975 تاركًا وراءه إرثًا عظيمًا، وقصة ملهمة من المثابرة والإخلاص في العمل.
الدروس المستفادة:
- التفاني: يعتبِر رائد الأعمال الناجح، عنصر التفاني من أهم أسلحته لتحقيق أهدافه.
- تعدد الاستثمارات: يحرص رواد الأعمال على تنويع استثماراتهم؛ وتطوير تقنيات جديدة، والإلمام بمعلومات حديثة.
- مواجهة الفشل: لا يقف رائد الأعمال عند نقطة الفشل، بل يحولها إلى نقطة انطلاق نحو عالم يعمل لصالحه.
اقرأ أيضًا:
جيمس واط.. أبو الثورة الصناعية
ويليس كارير.. مخترع مكيف الهواء