حاورها : حسين الناظر
تعاني المملكة من ظاهرة وجود كم هائل من النفايات وخاصة بقايا الأطعمة؛ إذ يبلغ حجم إهدار الأطعمة بنحو 30% من الكميات المعدة للطعام؛ ما يمثل إهدارًا للموارد الاقتصادية إذ يقدر حجم إنفاق المملكة للتخلص من المخلفات 350 مليون ريال سنويًا، بل إن المنطقة الشرقية وحدها تشهد إلقاء 1200 طن يوميًا من بقايا الأغذية في القمامة، من دون الاستفادة منها. من هذا المنطلق، رأت رائدة الأعمال الشابة “وعد عبدالعزيز أبونيان ” في هذا المجال فرصًا واعدة للاستثمار من منطلق المسؤولية الاجتماعية، فشاركت في تأسيس شركة AWFR”” لآلات تدوير المخلفات الغذائية ، فكيف كانت تجربتها؟ .
ــ من هي وعد أبونيان ؟
حصلت على بكالوريوس إدارة أعمال قسم “تسويق”، وأملك سنوات من الخبرة في إحدى شركات البترول ، وأهوى تصميم المجوهرات والأزياء. كانت بداية مشاريعى الخاصة، ودفعني حبي لريادة الأعمال، إلى المشاركة في تأسيس والحصول على وكالة” أوكلين” العالمية.
إنطلاقة ناجحة
ــ كيف كانت بدايتك مع عالم الأعمال ؟
نشأت في أسرة ريادية، تهوى العمل الخاص لجدواه الاقتصادية الكبيرة. بدأت العمل مع والدتي في مجال الاتصالات، بتشجيع من الأسرة، فكنت أساعدها في سن مبكرة، وهو ما أفادني كثيرًا؛ إذ تعلمت الجرأة وحب المخاطرة، وفنون الإدارة، والتعامل مع الناس والسوق، كما جعلتني أحب العمل الحر، فشجعتني والدتي على تأسيس مشروعي الأول لتصميم المجوهرات والأزياء؛ لأن التصميم كان ولا يزال هوايتي المفضلة. وقد قادني حبي للتحدي والمخاطرة والبحث عن كل ماهو جديد إلى تأسيس المشروع الثالث بمشاركة إخوتي.
ــ ما العلاقة بين دراستك وريادة الأعمال ؟
العلاقة وطيدة؛ فالدراسة هي الأساس العلمي لبناء عمل تجاري أو صناعي ناجح، وقد استفدت كثيرًا من دراستي في فنون الإدارة والتسويق في دخول عالم الأعمال بقوة وثبات، فدراسة الإدارة مهم جدًا لكل صاحب عمل، أو مدير عمل لإدارة العمل باحتراف، خاصة فيما يتعلق بإدارة الشئون الإدارية والمالية والتسويق. وأنصح كل رائد أعمال بدراسة علم الإدارة والتسويق والحصول على دورات تدريبية كثيرة في هذا المجال، حتى يحسن من أدائه وأداء موظفيه ، والاستفادة من الطاقات المادية والبشرية للشركة؛ ما يعود بالنفع على أعماله .
ــ كيف جاءت فكرة شركة AWFR ؟
من واقع رؤيتنا للهدر الكبير للأطعمة في بلادنا، وما يسببه من تلوث بيئي، وإهدار لنعم الله عز وجل، فرغم وجود بنك الطعام السعودي” إطعام”، إلا أن المنطقة الشرقية وحدها تشهد إلقاء 1200 طن يوميًا من بقايا الأغذية في القمامة، من دون الاستفادة منها.
ــ لمَ اهتمامك بالبيئة وتدوير المخلفات ؟
نلاحظ جميعًا الاهتمام العالمي المتزايد بقضايا البيئة؛ إذ تُعد المخلفات أحد أهم القضايا التي تهدد بكوارث حقيقية، علاوة على انتشار الأمراض الفتاكة. لذلك، تأتي أهمية صناعة تدوير المخلفات في التخلص الآمن من المخلفات الناتجة عن النشاطات اليومية للناس، ومنها بقايا الأغذية والمخلفات المنزلية؛ حيث أصبح تدوير المخلفات صناعة كبيرة، يبلغ العائد من ورائها مليارات الدولارات. وبالإضافة إلى تخليص البيئة من أزمة كبيرة نتيجة تراكم المخلفات، يتم الاستفادة منها بتحويل المواد الصلبة إلى مواد خام، وتحويل مخلفات الأغذية إلى أسمدة عضوية لإنتاج غاز البيوجاز الذي يستخدم كوقود حيوي بديل عن الغاز الطبيعي .
خدمات الشركة
ـــ بقايا الأطعمة تمثل ظاهرة في المملكة.. فما حجم المشكلة ؟
بالفعل، تعاني المملكة بصورة كبيرة من هذه الظاهرة؛ حيث قدر مختصون في شؤون المستهلك حجم إهدار الأطعمة بنحو 30% من الكميات المعدة للطعام؛ أي إننا نستهلك فقط ثلثي الأطعمة المعدة؛ ما يمثل إهدارًا لموارد اقتصادية كبيرة ، إذا ما نظرنا إلى حجم تكاليف الإنفاق، وخاصة أن معظم الأغذية نستوردها بملايين الدولارات. ورغم المجهودات المبذولة من هيئة البيئة، إلا أن المشكلة كبيرة وتحتاج لتضافر كافة الجهود؛ إذ يقدر حجم إنفاق المملكة للتخلص من المخلفات 350 مليون ريال سنويًا.
ــ وكيف يمكن الاستفادة منها ؟
أفضل طريقة، هي إعادة تدوير بقايا مخلفات الأطعمة، وتحويلها لأسمدة عضوية بطرق صحية و سريعة آمنة بيئيًا، والتخلي عن مكبات النفايات والمرادم التي تسبب انبعاث الروائح الكريهة والغازات الضارة، من خلال ماكيناتنا الخاصة بالتدوير والموجودة في معظم الدول المتقدمة؛ الأمر الذي يؤدي إلى زيادة المساحات الخضراء والتشجير، والتوسع في الزراعات العضوية؛ وبالتالي الاستغناء عن استيراد منتجات الزراعات العضوية واستبدالها بالمحلية؛ ما يوفر مليارات الدولارات، ونضمن منتجًا غذائيًا آمنًا ونظيفًا.
ــ وما مزايا الماكينات التي توفرونها ؟
هي منتج من شركة ” أوكلاين” العالمية، التي نحن وكلاء حصريون لها في المملكة؛ حيث تتخلص من بقايا الطعام والأغذية بشكل آمن، وتحول المخلفات إلى منتج مفيد؛ وهو السماد العضوي خلال 24 ساعة دون روائح كريهة أو خروج سوائل أو غازات ضارة بالبيئة. وتعمل الماكينات بالتسخين الحراري؛ حيث تتراوح درجة الحرارة داخل الماكينة بين 80 و120 درجة مئوية، فتخرج ثلاثة مخرجاتها: سماد وماء وثاني أكسيد الكربون ، وهذا السماد المنتج عالي القيمة؛ حيث تبلغ المادة العضوية به 90%؛ الأمر الذي يفيد التربة جدًا، ويزيد نسبة خصوبتها؛ ما يساعد على نمو النبات.
تحديات
ــ ما التحديات التي واجهتك في تنفيذ المشروع ؟
كان أهم تحدٍ، هو أن مشروعنا جديد من نوعه في المملكة، ولم تقم عليه تجارب قبل ذلك، كما أن قضية البيئة والحفاظ عليها والتخلص الآمن من المخلفات والتدوير، كلها قضايا وعي في المقام الأول؛ ذلك الوعي الذي نعاني منه بشدة. وما نواجهه الآن، هو عدم تقبل الناس للفكرة، وعدم الوعي الكافي بفوائد المنتج الذي نقدمه وأهميته البيئية والصحية؛ لذا نبذل مجهودًا كبيرًا لإقناعهم بها؛ حتى نحقق ما نسعى إليه بالعمل المتواصل وعدم اليأس.
ــ ما النجاح الذي تحقق حتى الآن ؟ وهل راضون عما تحقق من نجاحات ؟
على الصعيد الشخصي أنا راضية تمامًا بما حققت بفضل الله عز وجل، أما بالنسبة للاهتمام بالبيئة وتدوير المخلفات؛ فمازلنا في البداية، وغن كنا قد قطعنا شوطًا كبيرًا عبر إلقاء محاضرات لزيادة وعي المجتمع حول أهمية إعادة تدوير الأطعمة والاستفادة منها، علاوة على مشاركتنا في العديد من المعارض.
ريادة الأعمال في المملكة
ــ هل استفدتِ من البرامج الحكومية الداعمة لرواد الأعمال ؟
للأسف، لا لم نستفد من تلك البرامج ؛ لصعوبة وتعقيد الإجراءات المطلوبة لتأسيس المشروع، خاصة فيما يتعلق بالحصول على تمويل؛ فالضمانات صعبة، ولا يستطيع الشباب توفيرها، لاسيما وأن الجهات المختصة تشترط الحصول على ضمانات مادية نظير الإقراض؛ وهو ما لايستطيع الشباب في الغالب توفيره.
ــ كيف ترين حركة ريادة الأعمال في المملكة ؟
أراها ناجحة جدًا, وسريعة النمو؛ بفضل جهود حكومة خادم الحرمين الشريفين. وأتوقع مزيد من النجاح مع تحقيق رؤية 2030، التي أولت ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة اهتمامًا كبيرًا؛ ما يعني مزيدًا من الدعم والاهتمام والتسهيلات؛ وبالتالي تشجيع الشباب.
ــ لا تزال نسب إقبال المرأة على ريادة الأعمال ضعيفًا، فما تفسيرك ؟
لاأؤيدك في ذلك، بل إن المرأة اقتحمت جميع المجالات التجارية والمهنية والصناعية؛ فهي ليست ضعيفة، بل قوية وجادة جدًا في عملها، ولكنها تريد فرصة لإثبات ذلك.
ـ لماذا تركز رائدات الأعمال بالمملكة على المشاريع السهلة كالدعاية والإعلان والتجميل وغيرها؟
هذا غير صحيح.. فقد دخلت المرأة جميع المجالات. ومن وجهة نظري، ليس في عالم الأعمال مشاريع سهلة وسريعة، فلكل مجال تحدياته.
ـ ما الذي ينقصنا لدفع العمل للأمام أكثر ؟
الثقة ثم الثقة بقدرات المرأة ، وتشجيع الطاقات الشبابية؛ حتى تحقق رؤية 2030م ، مع ضرورة إزالة المعوقات المتمثلة في عدم توافر مركز الخدمات الشاملة بجميع الوزارات والقطاعات لخدمة رجال الأعمال، وخصوصًا سيدات الأعمال؛ للتغلب على مشاكل إهدار الوقت والجهود واستنزاف الطاقات في مراجعة كل وزارة على حدة للحصول على ترخيص، فبالرغم من وجود الخدمات الإلكترونية، إلا أن هناك أمورًا كثيرة تستلزم زيارة تلك المقرات لإنهائها.
ــ ما طموحاتك ؟
أهمها جعل هذا العمل جزءًا لا يتجزأ من اهتمامات أفراد المجتمع اليومية، وتحقيق المزيد من النجاحات ذات العائد المفيد للدولة والمجتمع.
وأود أن أقول لكل فرد في المجتمع لا توجد كلمة مستحيل، مادام هناك عزم و إصرار وإيمان بالله ثم بقدراتك.