ريادة الأعمال بالمملكة تفتقر للدعم اللوجيستي وليس المالي
الاستثمار العقاري والبورصة وراء تحجيم المشروعات الصغيرة
الإجراءات البيروقراطية أكبر تحدٍ أمام رواد الأعمال
على المسؤولين تقليص عدد الجهات الحكومية التي يتعامل معها المشروع الواحد
حاوره : حسين الناظر
بعد حصوله على بكالوريوس المحاسبة، ثم ماجستير إدارة أعمال من جامعة ديترويت الأمريكية عام 1997م، سعى إلى دخول مجال ريادة الأعمال، فقضى نحو 20 عامًا في تأسيس عدة شركات في مجال التقنية والعمل المصرفي. ولم يثنه فشل مشروعه الأول “مزرعة الأرانب” عن تكرار التجربة، فأسس شركة “الفوزان للتوزيع”، ثم شركة “شبكات و أكثر”، ثم شركة “أساسيات الغذاء” التي تمتلك سلسلة مطاعم “هامبرجيني”، بالإضافة إلى علامات تجارية أخرى تحت التطوير.. نقترب من عالم نواف الفوزان؛ الرئيس التنفيذي لشركة أساسيات الغذاء المالكة لـ”هامبرجيني”؛ العلامة التجارية الوطنية التي تنافس العلامات الأجنبية الشهيرة بالمملكة؛ لنتعرف على أسرار نجاحه …
ــ لماذا سعيت للعمل الحر؟
الاستقلال المادي والاجتماعي، والتخلص من الخوف من المستقبل؛ عبر إقامة مشروع يضمن لي العيش الرغيد، مع حرية اتخاذ القرارات.
ـ كيف كانت خطوتك الأولى لعالم الأعمال ؟
ترجع البداية لعام 1992 م، عندما أسست مشروع مزرعة أرانب بطريقة حديثة. كانت الفكرة جيدة، و لكن لم يكتب للمشروع النجاح؛ لعدم وجود الخبرة الفنية و الدراسة المتعمقة للسوق آنذاك.
ـ وماذا كان قرارك بعدها ؟
كان ضروريًا ألا أستسلم، فقررت العمل في مجال التقنية؛ لكون المجال حديثًا والعمل فيه شيقًا، فضلًا عن توافر عنصري الدراسة والخبرة والولع بالتكنولوجيا؛ فأسست شركة “الفوزان للتوزيع” في عام 2004 في مجال التقنية وتوزيع المنتجات؛ فوفقت ـ بعون الله ـ في استقطاب علامات تجارية عالمية مشهورة مثل بروثر ، بفلو، تي بي لينك، ترندنت، وقمنا بتغذية السوق السعودية من خلال فروعنا بالمدن الرئيسة.
وفي عام 2010، أسست شركة “شبكات و أكثر” في مجال الشبكات والألياف البصرية ومبيعات التجزئة للشبكات المتخصصة، وأنشأنا لها فروعًأ تغطي المناطق الرئيسة بالمملكة بالوسطى، والغربية، والشرقية.
ــ كيف جاءت فكرة “هامبرجيني” ؟
أتت الفكرة من منطلق شغفي بالطبخ، وهواية صقلتها من خلال السفر والتعرف على ثقافات العالم المختلفة ، فكنت كلما زرت مطعمًا شهيرًا، أحاور الطهاة بشأن طريقة عمل الطبخات ومكوناتها، ونوع اللحوم المستخدمة، وأهم النكهات المضافة، وغير ذلك، ثم أقوم بالتطبيق بالمنزل كلما سنحت لي الفرصة والوقت. وكنت أسعد باستمتاع أسرتي وأصدقائي بأكلاتي المبتكرة. في الوقت نفسه، لدي خلفية دراسية عن حاجة السوق لمطعم وجبات سريعة بجودة وسعر منافس، لم يكن مجرد شعور عابر،بل لازمتني فكرة إنشاء المشروع أكثر من 5 سنوات، قبل إطلاقه عبر تأسيس شركة “أساسيات الغذاء” عام2009م.
ــ ما النجاح الذي تحقق حتى الآن ؟
تم بحمد الله إنشاء 12 فرعًا بتمويل ذاتي ، وهذا في حد ذاته نجاح كبير. وأتمنى أن يستمر بنفس الوتيرة، خاصة وأن السوق تستطيع استيعاب المزيد؛ مايضمن استقرار العلامة التجارية و بناء قاعدة عملاء جيدة.
ــ ما التحديات التي واجهتك ؟
تنحصر التحديات الأساسية التي يواجهها كل ريادي في السعودية، في بعض الإجراءات البيروقراطية التي تؤخر إطلاق مشروعه مع البلديات و الدفاع المدني، والأهم من ذلك كله، صعوبة استقدام العمالة الماهرة والحصول على التأشيرات.
ــ وكيف تغلبت عليها ؟
الصبر كان كفيلًا بحل هذه المشكلات والعقبات في ظل الجهل ببعض الإجراءات، علاوة على توفر تمويل يتيح إنهاء الإجراءات اللازمة وبدء التشغيل.
ــ ما أثر دراستك للمحاسبة و إدارة الأعمال في نجاح المشروع ؟
أراه أثرًا كبيرًا، فمن خلال دراستي وجدت أن كثيرًا من الأمور التي أمر بها يوميًا في مشروعاتي تلمس ما درسته بشكل أساسي، بل إنني تغلبت على كثير من المشكلات عبر خلفيتي الدراسية، كما أن معظم الخطط والاستراتيجات تم إنجازها بنموذج عمل درسته من قبل.
ــ كيف استطعت المنافسة وسط العلامات التجارية الأجنبية الشهيرة ؟
بالفعل واجهنا منافسة شرسة جدًا، لكن عدم عملنا تحت مظلة الفرنشايز حررنا من كثير من القيود و منحنا مرونة أكثر. إننا نرفض اللعب تحت قواعد العلامات التجارية الأجنبية، ولكن نصمم منتجاتنا لتتلاءم مع زبائننا، وكذلك اختيار مواقع فروعنا.
ــ ما سر خلطات مذاق” هامبرجيني” ؟
لا يوجد أسرار، فمعظم أساليب الطهي تتم على مرأى من زبائننا، لكن نسعى جاهدين للاستماع إلى زبائننا، ونبحث عن رضاهم، والاستمرار في تقديم جودة لا تتغير، وبسعر معقول.
ــ كسب رضا العملاء يتطلب مجهودات كبيرة ؟ كيف تغلبت على هذا ؟
الأساس هو التواصل مع العميل بشكل جيد، والاستماع له، وتنفيذ رغباته، وحل مشكلاته، و فوق كل هذا شكره ، هذه هي الأسس الخمس التي نعمل بها لكسب رضا العملاء.
ــ هل استفدت من البرامج الحكومية الداعمة لرواد الأعمال ؟
رغم استفادة كثير من المنافسين منها، إلا أننا فضلنا العمل باستقلالية وحرية مطلقة؛ لذا لم نندرج تحت أيٍ منها.
ــ ما طموحاتك المستقبلية ؟
وصول هامبرجيني للعالمية، إضافة إلى التخطيط لإطلاق علامات تجارية أخرى تحت التطوير.
ــ هل فكرت في طرح “هامبرجيني” بنظام الفرنشايز ؟
الفكرة موجودة، و لكن لم تصل الى مرحلة النضج، لن نقدم على هذه الخطوة الا اذا تأكدنا تمامًا من أنها تصب في مصلحة الجميع؛ صاحب الامتياز، وطالبه، والزبون.
ــ من مثلك الأعلى في عالم الأعمال ؟
في رأيي لا يوجد مثل أعلى لرواد الأعمال، فأنا شخصيًا أحب الاستفادة من الجميع، سواء كانوا أساتذة، أو زبائن، أو منافسين، فكل منهم مثلي الأعلى في الجزئية التي يتميز بها.
ــ كيف ترى حركة ريادة الأعمال في المملكة ؟
نشطة إعلاميًا، لكن ضعيفة على أرض الواقع وتفتقر لكثيرٍ من الدعم. ولا أقصد هنا الدعم المالي، بل الدعم اللوجيستي .
ــ بم تفسر ضعف إقبال الشباب على ريادة الأعمال ؟ وكيف يمكن التغلب عليه ؟
الحقيقة، لا توجد إحصائيات دقيقة في هذا الشأن؛ ما يجعل الضبابية تخيم على الريادة بصفة عامة، لكن قد نقول جزافًا إن وجود خيارات أخرى كالاستثمار العقاري والأسهم والوظائف الحكومية، تساهم كلها في تحجيم المشروعات الريادية حاليًا، و لا تجعله الخيار الأمثل لدى البعض.
ــ وما الذي تحتاجونه كشباب ؟
تقليص عدد الجهات الحكومية التي يتعامل معها المشروع الواحد بقدر المستطاع، وتوفير البيانات العامة والإحصاءات التي توجه الشباب للمشروع السليم.
ـ لا تزال الوظيفة الحلم الأول لدى الشباب، فكيف ترى هذه المشكلة ؟
المشكلة موجودة بالفعل ؛ حتى إن الوظيفة الحكومية تنافس وظائف القطاع الخاص، ولكنِّي أرى أن هذه الشريحة من الموظفين- الذين لا يرغبون في المخاطرة والباحثين عن الأمان الوظيفي- مهمة لنجاح الريادة؛ فليس من المنطقي أن نطالب الجميع بأن يكونوا رياديين.
ـ ولماذا يقل إقبال الشباب على المشروعات والمهن الحرفية ؟
النظرة المجتمعية والعائد المادي يحددان أين يتجه الشاب، فطالما استمرت النظرة الدونية للمهن سيظل الإحجام عن هذه الوظائف قائمًا، ولكن مع الوقت والحاجة سيتغير كثير من المفاهيم.
ـ وكيف نتغلب على هذه المعضلات ؟
طبعًا التعليم بما يتضمنه من مناهج وطرق تدريس، والإعلام والثقافة المجتمعية السائدة، كلها أسباب تقف وراء هذا. وعلينا محاولة التشديد على إلغاء ثقافة العيب في العمل؛ عن طريق المدرسة والإعلام، والإبقاء فقط على مفهوم النشاط الحلال و الحرام (مشروع و غير مشروع).
ـ وكيف ترى الدعم الحكومي المقدم لريادة الأعمال ؟
أراها محاولات جادة، لكنها غير مترابطة، ولكن تسعى وزارة التجارة حاليًا لتأسيس هيئة تُعنى بالمؤسسات الصغيرة و المتوسطة، تيسر مزاولة التجارة، وهذا المطلوب.
ـ ما الذي ينقصنا لدفع العمل للأمام أكثر ؟
تسهيل الإجراءات بشكل أكبر،واستخدام الجامعات للدور الفني والاستشاري لدعم الريادي ، وتسهيل أنظمة العمل؛ لدعم النشاط التجاري، لا العكس.
تعليق واحد
اتمنى لك التوفيق .