حاورها: حسين الناظر
رغم دراستها علوم الرياضيات، لكنَّ موهبتها في تصميم المجوهرات جذبها لعالم الفن والجمال، فاتجهت لصقل موهبتها من خلال الدراسة بالخارج، فحصلت على دبلوم في علوم الجواهر من المعهد الجيولوجي الأمريكي، ودورة تصميم مجوهرات للمحترفين من المدرسة العالمية لتصميم وإدارة المجوهرات بسنغافورة، وعملت مصممة بإحدى الشركات العالمية، ثم قادها حبها لريادة الأعمال إلى إنشاء مؤسسة مجوهرات ناريز، متحدية الصعاب، ولم يُنْسها النجاح مسؤوليتها الاجتماعية تجاه الشباب، فعملت مدربة ومرشدة في مجال تصميم المجوهرات والمشاريع الصغيرة ، ومحكم دولي في صالون المجوهرات الدولي بمسابقة مصممات المجوهرات عام ٢٠١٦ م، ومسابقة تصميم المجوهرات ٢٠١٧م.
إنها نجلاء آل عبدالقادر خبيرة المجوهرات وعضو المجلس التنفيذي لشابات أعمال الشرقية، التي نقترب من تجربتها من خلال هذا اللقاء..
ــ كيف كانت بدايتك مع عالم الأعمال ؟ وكيف تأسست ” آثار الفضة”؟
بسيطة جدًا وخجولة من خلال إيماني التام بأنني مصممة مجوهرات، دون أن أمتلك الأدوات المطلوبة لذلك، ودون أن أجد مرشدًا أومدربًا لمساعدتي، فاتجهت إلى التعلم الذاتي كبداية، ثم عملت كمصممة مجوهرات متعاونة مع علامة تجارية مشهور بالمنطقة عام ٢٠٠٥ م، وبعدها استقلت من عملي عام ٢٠٠٨ م؛ لأتفرغ للعمل الخاص فأنشأت مؤسستي الخاصة “مجوهرات ناريز” لتسيير أعمالي.
وفي عام ٢٠١١، سافرت إلى الخارج لتلقي التعليم الخاص بتدريب ونشر هذه الحرفة؛ لعدم وجود أى معاهد أو تخصصات لها بالمملكة.
ــ ما العلاقة بين دراستكم وريادة الأعمال ؟
الرياضيات علم يعتمد على التحليل وتفسير وحل المعادلات، فيما تحتاج ريادة الأعمال للتحليل والدراسة
ومقارنتها بالواقع.
ــ ماذا عن منهجك في التصميم؟
أميل للمدرسة الكلاسيكية، وأمزج بينها وبين المعاصرة، مع مواكبة صيحات الموضة العالمية، والتركيز على ذوق المرأة السعودية.
منافسة شرسة
ـــ لكنَّ إرضاء المرأة السعودية يبدو صعبًا في ظل المنافسة مع علامات تجارية عالمية!!
بالطبع، فالمرأة السعودية تعشق المجوهرات، سواء للزينة أو الاقتناء.والسوق السعودي خاصة والخليجي عامة، محط أنظار كبار المصممين وأشهر بيوت هذه الصناعة، لكن أعتقد أنني أتفوق عليهم؛ كوني ابنة هذا الوطن يجعلني أتفرد بأنني الأكثر قدرة على فهم متطلبات المرأة السعودية وميولها ومزاجها؛ وبالتالي التعبير عن احتياجاتها، وهذا ما أراعيه في تصميماتي، فالتفرد عامل مهم جدًا للنجاح.
وبالنسبة للمنافسة فهي فعلًا شرسة جدًا، ولكن من خلال التركيز على الفئة المستهدفة؛ وهي المرأة السعودية، ومن خلال دراستها وفهمي الدقيق لاحتياجاتها، حددت خطوطي، كما أن التصميم لم يكن منتشرًا عندما بدأت؛ لذا حققت صدىً كبيرًا. كان السوق زاخرًا بالمجوهرات، لكن فكرة التصميم لم تكن موجودة إلا نادرًا، وخاصة تقديم قطعة واحدة، بعكس الحادث الآن؛ إذ بدأت النساء تهتمم بالتصميم، وتطلب تصميمًا خاصًا، بل ويخترن الأحجار الكريمة.
مهارات خاصة
ـــــ ماهي ملكات ومواصفات مصمم المجوهرات الناجح ؟
بالطبع يحتاج لملكات ومهارات خاصة جدًا؛ فيجب أن يكون صاحب فكر خلاق، وقادر على الإبداع والابتكار والإلهام، والتجديد المستمر. ودائمًا ما أقول: ليس كل مصمم رسامًا، وليس كل رسام مصممًا، فكلما كنت قادرًا على ترجمة هذه الأفكار بصورة جمالية إبداعية قابلة للبيع، كان التصميم أكثر إبداعًا. وهنا يجب أن نفرق بين المصمم الذي يصمم أشياء لتوضع في المتاحف، وبين من يصمم أشياء تُرتدى مع الملابس وفي المناسبات.
ومن الأساسيات أن يكون المصمم ملمًا وعلى دراية كاملة بعلوم وهندسة المواد وخصائص المعادن النفيسة والأحجار الكريمة، ففي كثير من الأحيان، نجد تشابهًا بين الأحجار الكريمة في الشكل واللون إلى حد الذهول، ولكنها مختلفة كليًا من حيث التركيب الفيزيائي والكيميائي؛ لذا يجب مراعاة المصمم خصائص الحجر من حيث القساوة ونوع القطع واللون ومعامل الانكسار الضوئي.
ويجب على المصمم أن يتمتع بالذوق والحس المرهف عند التصميم، فبدون ذلك لن يتمكن من تصميم قطع جمالية وجذابة من المعادن ذات الخصائص المختلفة.
ــ ما التحديات التي واجهتك عند تنفيذ المشروع ؟
التحديات كثيرة في هذا المجال، فعندما بدأت كانت هذه المهنة للرجال فقط، وكان من الصعب جدًا اختراقها، وهناك سياج حديدي مفروض على هذا العالم، فلا معلومات متاحة، ولا تدريب أو إرشاد يعلمك أصول المهنة.
كما كانت هناك صعوبة كبيرة في إصدار التراخيص في هذا المجال، خاصة لأصحاب الأموال الصغيرة.
ــ وكيف أمكن التغلب عليها ؟
الصبر ثم الصبر، وإخلاص النية، ومساعدة الآخرين، كلها تأتيك على شكل هبات وتحقيق أمنيات،
التدريب الذاتي، السؤال الدائم، التعلم المستمر الذي مازال قائمًا حتى هذه اللحظة، والاستماع للخبراء من
أصحاب المهنة.
ــ ما النجاح الذي تحقق حتى الآن ؟
عندما يصلني اتصال من نائب الجواهرجية، ويقول لي شيخ الجواهرجية يسأل عني، أعتقد أن هذا كان هدفًا، فأنا لا أنتمى إلى عائلة تجارية في مجال المجوهرات؛ وبالتالي يعد الدخول إلى دائرتهم
الضيقة أهم نجاح لي. كذلك،عندما أكون في لجنة تحكيم مسابقة دولية في بلدي مع أهم الأسماء من تجار وصنّاع المجوهرات أعتبره نجاحًا، وأيضًا عندما يتم استضافتي في المعرض العالمي للمجوهرات VOD كضيفة شرف؛ فهذا إنجاز لي ولوطني.
البرامج الحكومية
ــ هل استفدتِ من البرامج الحكومية الداعمة لرواد الأعمال ؟
نعم، لقد كنت محظوظة جدًا بأن أتيحت لي فرصة الالتحاق بالدورة التدريبية: “كيف تبدء مشروعك الصغير؟”، التي عقدتها الغرفة التجارية بالتعاون مع البنك الأهلي في عام ٢٠٠٨ م ، ونفذت في جمعية
وهج؛ إذ أفادتني كثيرًا في إعداد عملي الخاص والانطلاق به، والتحرر من الوظيفة ـ
ـــ ماذا عن تجربتك مع التدريب والاستشارات؟
التدريب رسالة مهمة، ينبغي الالتزام بها، فلا أحب أن يعاني الشباب مثلما عانيت في بداياتي، فقبل حوالي عشر سنوات كانت المملكة تفتقر تمامًا للتدريب في هذا المجال.
ولذا أتعاون مع عدد من مؤسسات التدريب، وقمت -ولله الحمد بتدريب أكثر من ١٥٠٠ سيدة ورجل في مجالي تصميم وتصنيع المجوهرات في جميع أنحاء المملكة بدءًا من الشرقية وجدة والرياض، وخارج المملكة سواء بالبحرين والكويت. وسوف أعقد عدة دورات بأبوظبي في نهاية هذا العام إن شاء الله تعالى.
شركة خاصة
ــ ماذا عن طموحاتك؟
أخطط لتأسيس أكاديمية على مستوى عالٍ للتدريب في مجال تصميم وصناعة المجوهرات، وكل ما يتعلق بها، برسوم تناسب الجميع. وحاليًا، بصدد إنشاء شركة خاصة مع أحد رواد الأعمال في نفس المجال.كذلك، أسعى للتطوير دائمًا؛ من أجل تحسين وتسهيل العمل في مجال المجوهرات من تصميم وتصنيع وبيع.
ــ من مثلك الأعلى في عالم الأعمال ؟
كثيرون، خاصة في المنطقة الشرقية التي تعج بالمميزين والعصاميين الذين حققوا نجاحات كبيرة، ومن لا يتوانون عن تقديم الدعم للشباب، ويمدون لهم يد الدعم بالتوجيه والإرشاد، في مقدمتهم نايف القحطاني الذي يُعد مثلًا أعلى لرواد المنطقة الشرقية؛ لإصراره، ومساهمته في نشر روح ريادة الأعمال بين الشباب.
ـــ ما الذي عاد عليك من عضويتك في مجلس شابات الشرقية؟ وما أثر هذه التجمعات في تكوين رائد/ رائدة الأعمال؟
أولاً أحب أن أقدم الشكر والعرفان لمجلس شابات الأعمال بالشرقية لاستفادتي من كل عضواته، فمنذ التحقت بالدورة الثالثة، تعلمت منهن روح العطاء والبذل، ومعنى المسؤولية الاجتماعية، ومعنى أن نكون قدوة في مجالنا، تعلمت روح الإخاء والمحبة، تعلمت أن مقولة المرأة عدو المرأة هي سخافة، بل إن المرأة سند للمرأة.
ــ من واقع عملك بمجلس شابات الشرقية، كيف ترين حركة ريادة الأعمال في المملكة ؟
رياده الأعمال حركة نشطة بالمنطقة، وتشهد إقبالًا شديدًا من الجميع، وبات لدى عدد كبير من الشباب والشابات رغبة ليكونوا رواد أعمال،. والحمد لله، الشباب أكثر حظًا من جيلي؛ إذ باتت المعرفة الآن متاحة، ويسهل الوصول إليها، في ظل الدعم الحكومي الكبير، ووجود المراكز والمؤسسات الحكومية والأهلية الداعمة لريادة الأعمال، علاوة على وعي القطاع الخاص تجاه القيام بمسؤوليته الاجتماعية نحو الشباب.
ــ وما تقييمك لمشاركة المرأة في ريادة الأعمال؟
رائعة، فهي تسير بخطى ثابتة، في ظل دعم خادم الحرمين الشريفين، وفي ظل رؤية 2030 التي أولت المرأة اهتمامًا كبيرًا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
ـــ كنتِ ضمن وفد مجلس شابات الأعمال لزيارة أسبانيا،ماذا عن أهمية هذه الرحلة بالنسبة لكم ؟
تمثل الكثير لي ولزميلاتي ولنساء الوطن ككل، فهي أول رحلة رسمية لوفد نسائي من رائدات الأعمال للخارج؛ إذ قمنا بتمثيل المرأة السعودية وإظهارها للعالم بأنها عاملة وصانعة، وليست مستهلكة فقط.
كذلك، تم الاطلاع على تجارب السيدات هناك؛ حيث وجدنا أن المرأة الأسبانية تشبه إلى حد كبير نظيرتها السعودية؛ إذ مرت بنفس التجربة، وتواجه نفس العقبات، لكنهانجحت في تخطي ما يواجهها من تحديات منذ ١٠ سنوات فقط. وبعد هذه الزيارة، بات لدي يقين أننا نسير بسرعة الصاروخ نحو التقدم، رغم خصوصية وطبيعة مجتمعاتنا العربية.
ــ لا تزال نسب إقبال المرأة السعودية على ريادة الأعمال ضعيفًا، ما تعليقك؟
ربما أختلف معك قليلًا، فقد تغير الأمر كثيرًا عما كان عليه قبل عشر سنوات مثلًا، فالإقبال الآن ليس ضعيفًا أبدًا، فإذا ما قارناه بطبيعة المجتمع وخصوصيته، سنجده أكثر من رائع؛ فلدينا نماذج لرائدات أعمال تفخر بهن المنطقة الشرقية والوطن أجمع ـ
ـــ تركز رائدات الأعمال على المشاريع السهلة كالدعاية والإعلان، فأين هنَّ من المشاريع الصناعية والتقنية الكبيرة ؟
ربما لقدرتهن ومعلوماتهن الوفيرة بهذا المجال، فهناك مجالات تتفق وطبيعة المرأة واهتماماتها؛ إذ تتفوق في مجال تقديم الخدمات أكثر من تفوقها في المجال الصناعي أو التقني، ليس عربيًا فحسب، بل عالميًا أيضًا.
وأعتقد أن الوضع تغير نوعًا ما، فالمرأة بدأت عندنا في خوض المجال الصناعي والتقني، وحتى بنات الأسر التجارية والشركات العائلية أصبحن متفوقات في مجالس إدارة الشركات، بل ومنهن من تفوقن في إدارة المصانع.
ـ ما الذي ينقصنا لدفع العمل للأمام أكثر ؟
الثقة، والتحالفات، والتعاون لإنشاء شركات مساهمة برأس مال جماعي من عدة مؤسسين.
ـ ما أهم الجوائز التي حصلتِ عليها؟ وما أثرها عليك؟
لازالت جائزة أفضل مشروع مقدم في المنتدى الاقتصادي للسيدات بغرفة الشرقية عام ٢٠٠٨ م؛ هي الأحب لديّ، ولها الأثر الأكبر في نفسي لانطلاقي بعدها.
كذلك، أسعدني الجوائز وشهادات التقدير المختلفة من الجامعات والمؤسسات؛ لمشاركتي كقصة نجاح ومحكم في اللجان الفنية لبعض المسابقات.