حاورها / حسين الناظر
لم يُحبطها ابتعادها عن حلمها بدراسة الطب، فاتجهت لدراسة إدارة الأعمال بجامعة الملك عبدالعزيز بمدينة جدة؛ وتوجتها بالماجيستير في إدارة الأعمال من جامعة ليفربول، وحولت عشقها للمشغولات اليدوية ومهارتها الفنية وحسها الراقي -الذي ميزها في تزيين “الكيك”- إلى مشروع ناجح فأسست ” كيكتي الصغيرة”، وقادها ذكاء طفلتها”جنا” إلى مشروع My Little Café المُبتكر.. في هذا الحوار نلتقي مها فيصل الحامد مؤسسة “كيكتي الصغيرة ” وعضو المجلس التنفيذي لمجلس شابات الأعمال بغرفة الشرقية لنتعرف على رحلة نجاحها ..
البداية
كيف كانت بدايتكم مع عالم الأعمال؟
في الحقيقة، لم تكن توقعاتي أن أكون رائدة أعمال، فقد كنت متعلقة جدًا بالعلوم، وكان أملي أن أدخل كلية الطب، لكن لظروف زواجي المبكر، اتجهت للخيار الثانوي والأسهل وهو دراسة إدارة الأعمال. ونظرًا لانشغالي بالزواج وسفري مع زوجي خارج المملكة، ثم تربية الأطفال، لم يكن ممكنًا العمل بوظيفة خارج المنزل، ففكرت في العمل بالمنزل واستغلال هوايتي وعشقي للأشغال اليدوية بأنواعها.
وكيف جاءت فكرة “كيكتي الصغيرة”؟
أعشق الفن منذ الصغر، وتستهويني الأعمال اليدوية، فكنت أعشق تزيين الكيك كهواية ووسيلة للاسترخاء بعد يوم شاق، ثم تبلورت الفكرة لمشروع تجاري استغل فيه مهارتي، خاصةً وأن صناعة الكيك في حد ذاتها سهلة ويمكن الحصول على وصفاتها من الإنترنت، لكن التزيين فن وموهبة، فبدأت أصنع وأبيع من المنزل. ونما المشروع نتيجة زيادة الطلب، ونتيجة لعدم القدرة على تلبية كل الطلبات، قررت فتح مخبز” My Little Cake Shop” للكيك والحلويات بأمواج مول في عام 2011.
ومن أين جاءت فكرة أول كافيه للأطفال لتزيين الكيك؟
بدأت الفكرة بسؤال بريء من ابنتي جنا ملهمتي الصغيرة-التي يعجبني حسها الفني ويبهرني تفكيرها الإبداعي- والتي كانت تقف بجواري دومًا وأنا أزين
الكيك- “لماذا لا يكون هناك ركن في مخبزك يا ماما يسمح لنا نحن الأطفال بتزيين الكيك بأنفسنا؟”. من هذا السؤال تفجرت فكرة My Little Café الذي تم افتتاحه بمجمع الراشد في 2015.
عشقنا للإبداع، وإيماننا بأهمية التعبير الإبداعي عن الذات، سواء بالكتابة، أو الرسم، والفنون، أو الإنشاد، أو الطبخ، ألهمنا بفكرة دمج التعبير بالعمل الفني والسكر. هدفنا تحديث فكرة المقاهي كمواقع لإطلاق العنان للحس الفني، وليس فقط لتناول القهوة .
ما سر نجاح My Little Café؟
يقدم المقهى لرواده تجربة فريدة، فهو أول مقهى مخصص لتزيين الكيك، فالفكرة المبتكرة أساس النجاح، خاصةً وأننا نعيش عصر التفكير الإبداعي، والتميز، والتجارب، والفنون، والريادة. وقد خرجت للنور أفكار جديدة، وأصبحت موضة؛ مثل صيحة الكبكيك، وشرب القهوة الذَواقة، والكيكات المزينة. وبناءً على فكرة جنا, حاولنا جمع أبرز صيحات هذا العصر في مقهانا؛ إذ نقدم مثلًا باكج تزيين الكيك؛ حيث يستطيع الكبار والصغار- من خلاله- إطلاق العنان لحسهم الفني والإبداعي، كما نقدم حزمة متكاملة من كيكة وكريمة وعجينة سكر وأدوات مميزة لتزيين الكيك، مع طبع الصور الشخصية لتدوم ذكريات تجربتكم!.
ما أهمية تعليم الفن والحرف اليدوية في تربية الأطفال؟
الفن هواية جميلة تنمي الذوق وتسمو بالأخلاق. وهدفنا إعادة الأطفال وأهاليهم إلى الهوايات اليدوية عن طريق تزيين الكيك ليتعلموا معنى “عش اللحظة واستمتع بها” بعيدًا عن جو الإلكترونيات!
باختصار .. اكتشفنا أنك ممكن أن تغرس أي فكرة أو مبدأ معين في الطفل عن طريق الكيك.لدينا مكتبة صغيرة تضم قصصًا وكتبًا وموسوعاتٍ للأطفال، وكتب تزيين كيك كلها في سنهم.
من عشقنا للابتكار وإيماننا بأهمية التعبير الإبداعي، تمكنَّا من دمج أحدث صيحات العصر (القهوة والمقاهي – الكبكيك – الفنون وتزيين الكيك) في مكان واحد ليتمتع الزوار بتجربة فريدة من نوعها!.
أول كافيه للأطفال
ما هو My Little Cafe؟
هو أول مقهى خاص بالأطفال لتزيين الكيك؛ نقدم فيه فعاليات متنوعة متعلقة بكل ما يخص الأطفال ويهمهم بشكل أو بآخر بتزيين الكيك والكبكيك وصنع الكوكيز. نحاول أن نعيد الأطفال للهوايات والأشغال اليدوية، وأن نبعدهم عن الإلكترونيات قدر الإمكان.
ما فوائد ذلك للأطفال؟
عندما يتدربون على الشغل اليدوي(fine motor skill) تقوى حاستهم الفنية، ويتحسن خطهم، ويتعلمون صنعة قد تقود لمصدر رزق في المستقبل. إننا ننمي فيهم هواية يتعلقون بها، وتشغلهم في فترة المراهقة عن التفاهات والانحرافات، ونحمي وقتهم وجهودهم من الضياع فننمي بذلك أفراد المجتمع؛ لأن وقت أطفالنا ثمين ، ويجب أن يقضوه في كل ما هو مفيد.
وتماشيًا مع رسالة محلنا ومقهى الأطفال وفعالياتنا، صممنا مجموعة “لأن وقتي ثمين” للفتيات لتشجيعهم على تزيين الكيك كهواية يدوية؛ إذ نمنحهن مجموعة أدوات متكاملة ( مريلة طبخ، شنطة لحفظ أدوات الكيك، دفتر خاص لتدوين وصفات الطعام، وأدوات مطبخ “مضرب بيض وفرادة عجين وملعقة سباتيولا”) .
هل استفدتِ من دراسة إدارة الأعمال؟
بالفعل، أفادتني كثيرًا في إدارة المشروع، وفي إدارة الموظفين، وفهم النظام المحاسبي والقوائم المالية والتسويق؛ ما انعكس على أداء المشروع ونجاحه .
تحديات
ما التحديات التي واجهتك في تنفيذ المشروع؟
كان الحصول على التراخيص من الدوائر الحكومية، أكبر تحدٍ؛ لصعوبة الإجراءات؛ إذ كان علينا الحصول على موافقات كثيرة استغرقت وقتًا طويلًا؛ مثل موافقة مكتب العمل، والبلديات، والصحة، والبيئة، والموارد البشرية، وغيرها، علاوة على صعوبة الحصول على العمالة الجيدة المدربة، وصعوبة تدريب العمال والذي يستغرق وقتًا طويلًا لرفع قدراتهم ومهاراتهم. وبالطبع، واجهت مشكلة في الحصول على التمويل الجيد للمشروع .
وكيف تغلبتِ عليها؟
بالنسبة للتمويل توجهت لصندوق الأمير سلطان بالشرقية ، والحمد لله وجدت دعمًا معنويًا كبيرًا، تمثل في الدعم الفني واللوجيستي؛ وهو الأهم لي ولكل أصحاب المشاريع الصغيرة. فمن السهل أن تحصل على الدعم المالي عبر جهات كثيرة، لكن الدعم الفني والتوجيه الدائم والمشورة المستمرة هي التي تعينك على التغلب على ما يواجهك من مشكلات.
مجلس شابات الأعمال
من واقع عضويتك بالمجلس التنفيذي لمجلس شابات الأعمال بغرفة الشرقية، ما الذي تقدمونه لرائدات الأعمال بالشرقية ؟
الهدف الأساسي هو تذليل الطريق أمام رائدات الأعمال، وتشجيعهن على الدخول في عالم ريادة الأعمال. ولدينا كثيرٌ من البرامج التي تصب في طريق مساعدتهن على دخول العمل الحر، وتأسيس مشاريع جديدة؛ منها برنامج “صناعتي” الذي يهدف إلى تشجيع الإنتاج المحلي؛ من خلال تثقيف الشابات بالقطاع الصناعي، وتشجيع المرأة على دخول مجال الصناعة. وقد نظمنا ورش عمل ودورات تدريبية، وقمنا بزيارات لصندوق التنمية الصناعية بالرياض والذي هو هو شريك نجاح معنا، كما زرنا المدن الصناعية بالدمام وعددًا كبيرًا من المصانع؛ للتعرف على المجالات التي يمكن للمرأة الاستثمار فيها، والمجالات التي تعاني نقصًا في المصانع لتبصير الرائدات بالتوجه إليها وعمل مشاريع تسد النقص.
ونتواصل مع المسؤولين لعرض المشكلات التي تعترض المرأة في مجال الصناعة، وطالبنا بتغيير عدد من القوانين المعوقة، وغير ذلك من احتياجات لمساعدة المرأة على دخول عالم الصناعات.
كذلك، لدينا برنامج “تمكين” الذي يهدف إلى دراسة القوانين والأنظمة واللوائح بغرض تحسين البيئة التشريعية المتعلقة بالعمل الحر للسيدات، ووضع حلول ومقترحات ورفعها للمسؤولين.
المرأة وريادة الأعمال
ما تقييمكم لمشاركة المرأة في ريادة الأعمال؟
إقبال المرأة يتزايد يوما بعد الآخر، فهناك رائدات أعمال يشار إليهن بالبنان في جميع المجالات.
لا تزال نسب إقبال الفتاة على ريادة الأعمال ضعيفة..بم تفسرين هذا؟ وكيف يمكن التغلب عليه ؟
أتفق معك، فرغم الحراك الموجود، لكنه غير كافٍ باعتبار المرأة نصف المجتمع؛ لذا التفتنا في مجلس شابات الأعمال بالشرقية إلى هذا التحدي، وصممنا برنامج “أنا أقدر” الذي يهدف إلى نشر ثقافة العمل الحر، وإيجاد جيل جديد من الشابات يعملن لحسابهن ، وتشجيعهن على المبادرة والإبداع، وخلق فرص العمل بدلًا من طلبها، كما نفذنا عددًا كبيرًا من ورش العمل المتخصصة داخل المدارس الثانوية والجامعات لتعريف الفتيات بريادة الأعمال وأهميتها ومكاسبها للفرد والمجتمع.
وكيف ترين الدعم الحكومي المقدم لرائدات الأعمال؟
بصراحة شديدة، القرارات والإجراءات الجديدة التي أعلنتها الحكومة عبر وزارتي العمل والتجارة لا تخدم المشاريع الصغيرة، ولكنها تخدم المشاريع الكبرى ومشاريع الأسر المنتجة. وأرى تخبطًا واضحًا، ربما ينتهي بتأسيس هيئة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتي منذ الإعلان عنها في أكتوبر 2015 م لم نرَ حراكًا تجاه عملها الحقيقي.
وكيف ترين ريادة الأعمال في ضوء رؤية 2030؟
مع رؤية 2030 ، واهتمام الرؤية بريادة الأعمال ، ووضع خطة التحول الوطني 2020 ، أتوقع تفعيل هيئة المشاريع الصغيرة والمتوسطة ، والسير قدمًا نحو تذليل المشكلات التي تعوق ريادة الأعمال. وقد نصت الرؤية على رفع نسبة مساهمة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الناتج القومي إلى 70 % أسوة بالدول الكبرى، وتشجيعها بتخصيص نسبة25 % من التوريدات الحكومية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ وهو مايعمل على ازدهار وتقدم ريادة الأعمال في المملكة.
تكريم
حصلتم على جوائز عديدة، فما أهمها؟
حصلت بفضل الله على جائزة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لأفضل مشروع ناشئ في عام 2012، ثم جائزة عكاظ السنوية للقوى العاملة السعودية في عام 2013م.
وبالطبع، تمثل هاتان الجائزتان أهمية شديدة لي؛ فهي إلى جانب التقدير الأدبي والمعنوي الكبير، مؤشر على أنك تسير بالطريق الصحيح، وأن ما تفعله له مردود إيجابي على المجتمع .
ما طموحاتك؟
الهدف القصير أن أصل لمرحلة استقرار المشروع، والهدف الأكبر هو الوصول للعالمية بمشروعي وفتح فروع خارج المملكة؛ لأن فكرة المشروع أكبر من المحلية. وإن شاء الله بعد التوسع داخل المملكة، سنتجه لإنشاء فروع بدول الخليج العربي كانطلاقة نحو العالمية.