بعيدًا عن السباحة مع التيار، والنظر إلى التجارب العالمية التي تأسر الكثيرين، بين أيدينا نموذج عربي مضئ في سماء مملكتنا الغراء ووطننا العربي الكبير. يعتقد كثيرون أن ريادة الأعمال الاجتماعية ثقافة وافدة، متناسين أن العرب والمسلمين كانوا أول من أسسوا نظام الوقف الخيري للصرف على وجوه الخير التي تخدم الإنسان والمجتمع.
نقف اليوم مع تجربة قوية ومتفردة في الريادة الاجتماعية؛ إنها مؤسسة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الخيرية التي اشتهرت بـ“مسك الخيرية”، والتي عملت- خلال عمرها القصير منذ تأسيسها عام 2011م- على رعاية وتشجيع التعلم وتنمية مهارات القيادة لدى الشباب؛ من أجل مستقبل أفضل للمملكة، وخلق إضافة متميزة للمجتمع السعودي والعربي، واستحداث فرص لتنمية المجتمع وإطلاق طاقات أفراده.
انطلقت مسك الخيرية من رؤية مؤسسها سمو الأمير محمد بن سلمان؛ ولي ولي العهد، بتمكين المجتمع من التعلم والتطور والتقدّم في مجالات الأعمال والمجالات الأدبية والثقافية والعلوم الاجتماعية والتكنولوجية، عبر إنشاء حاضنات لتطوير وإنشاء وجذب مؤسسات عالية المستوى، وتوفير بيئة تنظيمية جاذبة.
وحرصت” مسك الخيرية” ـــــــ كما أعلن مؤسسهاــــــ على أن تتسق رؤيتها مع رؤية المملكة 2030، وترجمة توجيهات خادم الحرمين الشريفين؛ الملك سلمان بن عبدالعزيز، بضروة الاستثمار في رأس المال البشري، ودعم وتوفير البيئة المناسبة له؛ لينمو ويساهم في تمكين البلاد من التقدم والتطور، واتخاذ موقعها الذي تستحقه بين الأمم.
تعمل المؤسسة من خلال برامجها المختلفة على مساندة التحول الاقتصادي نحو اقتصاد المعرفة ومجتمع المعرفة؛ وذلك بوضع برامج وشِراكات مع المنظمات المحلية والعالمية في مختلف المجالات، وكذلك مع مجموعة متنوعة من الحاضنات؛ حيث تستثمر “مسك الخيرية” في تطوير رأس المال الفكري، وإطلاق طاقات الشباب ، كما تركز على الحضور المؤسسي، باعتباره وسيلة لتعزيز الجهود نحو مجتمع قائم على المعرفة، سعيًا لتحقيق الإنجاز والقيمة المضافة للمجتمع ، ملتزمة بمبادئ توجيهية سامية: الالتزام، والأثر، والنزاهة.
وتسعى “مسك الخيرية” إلى التشجيع على الإبداع، بما يضمن استدامتها ونموها للمساهمة في بناء العقل البشري.
وفي إطار الاهتمام بدعم الشباب والارتقاء بقدراته الريادية والمعرفية والبدنية، اتساقًا مع الاستراتيجية الوطنية للشباب التي تكرس لهذا التوجه للاستفادة من الشباب كثروة حقيقية تتفرد بها المملكة، وتوفير الوسائل المختلفة لرعاية وتمكين المواهب والطاقات الإبداعية وخلق البيئة الصحية لنموها، والدفع بها لترى النور واغتنام الفرص في مجالات العلوم والفنون الإنسانية.
وتهتم المؤسسة بثلاثة مجالات رئيسة هي التعليم، والإعلام، والثقافة، باعتبارها العمود الفقري لتطور أي مجتمع وازدهاره، وتعمل نحو مواكبة الجديد في هذه المجالات التي تشهد تحديثًا وتغيرًا مستمرًا في الأدوات والوسائل.
مدارس مسك
يُعد التعليم أحد أهم الركائز التي تستند إليها الحكومة لبناء المجتمع المعرفي الذي يسهم في ًالتطور الحضاري؛ لذا أولت المؤسسة اهتمامها بالنشء في مراحل التعليم المختلفة، وسعت لتأسيس “مدارس مسك” لنقل أفضل الممارسات العالمية في التعليم وتقديمها محليًا، من خلال الشراكة الاستراتيجية مع مؤسسات عالمية مرموقة في مجال التعليم مثل: أكاديمية خان وجامعة هارفارد، كما تبنت المؤسسة الريادة عبر 3 منشآت تعليمية سعودية بطابع عالمي هي: مدارس الرياض، ومدارس مسك، وأكاديمية مسك للقادة.
الريادة في الإعلام
يأتي اهتمام مسك الخيرية بالإعلام لأثره الكبير في حياتنا، في ظل الثورة المعلوماتية التي أحدثتها وسائل الإعلام الحديثة ، وتطور فنون الاتصال ووسائل نقل وتبادل المعلومات عبر العالم؛ ما جعله أهم أداة يمكن التعويل عليها في نقل الخبرات والثقافات والأفكار وبناء الاتجاهات وتعزيز الحضور.
وتضع المؤسسة، الإعلام في مقدمة اهتمامها، وتركز على تنمية المهارات الإعلامية، مع الحرص على مواكبة أحدث الممارسات في مجال الإعلام، منطلقة من أهمية ألا يتخلى الإعلام عن مسؤوليته الاجتماعية كوسيلة بناء وتنمية تزيد من مستوى الوعي وترتقي بالمجتمع والوطن.
ملتقيات إعلامية مبتكرة
وقد تعددت مبادرات «مسك» في الإعلام من خلال دعم و تنظيم ملتقيات إعلامية مبتكرة، و إنشاء كيانات تهتم بالابتكار والتطوير في مجال الإعلام،منها:
- ملتقى “مغردون سعوديون”: أكبر حدث تفاعلي يجمع الشباب المهتمين بشبكات التواصل الاجتماعي مع روادها؛ لمناقشة وطرح الأفكار الإبداعية.
- ملتقى الإعلام المرئي الجديد “شوف”: مبادرة تهتم بالإعلام المرئي الرقمي، وتسهم في رفع الوعي لدى الشباب، وتستعرض أحدث الإحصائيات، وأهم الموضوعات المتعلقة بصناعة هذا المجال.
تيدكس للشباب
وترعى مسك الخيرية فعاليات ” (TEDxYouth) تيدكس للشباب“، وفعاليات ” (TEDxKids) تيدكس للأطفال“، والتي تسلط الضوء على إبداع الأطفال، وتنمية إمكانياتهم وصقل مواهبهم؛ إذ تحرص “مسك الخيرية” من خلال رعايتها لهذه الفعالية على إبراز المبدعين الصغار وتشجيعهم وفتح آفاق نجاحات جديدة لديهم.
كذلك، دعمت إنشاء مركز مانجا للإعلام، وفعالية ”شارك“، و فعالية ”كمّل“، وبرنامج ”ببساطة“، ومبادرة ”وطن يقرأ“.
مبادرة مسك الثقافية
تؤمن المؤسسة بأن نشر الثقافة هو سلم الصعود نحو النهضة والتقدم؛ إذ سعت لإطلاق مشروعات ثقافية تستهدف مفاصل التنمية في جسد المجتمع الشبابي، وهو ما تمثل في تنظيم فعاليات ثقافية أو دعمها، إضافة إلى المشاركة في المحافل الثقافية المحلية، وتبني مبادرات متعددة تدعم الثقافة؛ أهمها مشاركات متعددة في معارض الكتاب في مدينتي الرياض، وجدة، وجميع المدن السعودية، وتنظيم ندوات مصاحبة لمعارض الكتاب ”تجارب شبابية في التأليف“، وإقامة ورش عمل تطبيقية عن أهمية القراءة ”الشباب والقراءة“، ودعم برنامج على اليوتيوب ”يشبهك“.
منتدى مسك العالمي
تقود “مسك الخيرية” مبادرة “منتدى مسك العالمي” العالمية لدعم المعرفة والابتكار وريادة الأعمال في مجالات متنوعة بين أوساط الشباب؛ وذلك بجمع نخبة من أبرز عقول العالم، ليعرضوا خلاصة تجاربهم أمام الشباب الشغوف بالمعرفة، كما توفر وسائل مختلفة لرعاية وتمكين المواهب والطاقات الإبداعية، وخلق بيئة صحية لنموها، والدفع بها لترى النور واغتنام الفرص في مجالات العلوم والفنون الإنسانية.
ويتلخص سر تميز “مسك الخيرية” في تشجيع الشباب وتحفيزهم على إطلاق طاقاتهم؛ إذ تحث منصاتها، الشباب على الإخلاص في العمل للوصول إلى الإبداع، مع إطلاق برامج تدريبية بالشراكة مع أفضل الجهات العالمية؛ مثل : منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتعليم “يونسكو” و جامعة هارفارد، وكلية آنسياد، وشركة جنرال إلكترك، وأكاديمية خان، وأكاديمية نييورك للأفلام، وكلية بابسون.
حسين الناظر