حاورها : حسين الناظر
تعلقها بالتكنولوجيا والإنترنت دفعها لدراسة تطبيقات الكمبيوتر بجامعة “بانغلور برندافن كوليج” بالهند، تمردها على المألوف ورفضها للوظيفة الحكومية قادها لعالم ريادة الأعمال ، وحبها للصحافة وولعها بالإعلام جعلها تربط بين دراستها وهوايتها، فاتجهت بحسها الريادي إلى الاستثمار في الإعلام الجديد الذي ترى أنه المستقبل في ظل الثورة التكنولوجية والمعرفية التي يشهدها العالم، فأسست شركة ” وسم للإعلام الإلكتروني” كأول عمانية تقتحم هذا المجال بقوة، ولتسهم في تلبية الاحتياجات المتزايدة لخدمات الشركة في السوق العماني ، ومساعدة الشركات على التسويق لخدماتها والتواصل مع جمهورها ومعرفة اتجاهات المستهلكين وغيرها . في حوارنا مع مريم العلوي، نتعرف على تجربتها المميزة في عالم الأعمال ….
البداية
ــ كيف كانت بدايتك مع عالم الأعمال ؟
بدأت الاهتمام بهذا المجال، منذ قررت التخصص في مجال التطبيقات، وأنا أدرس بالهند؛ إذ لمست حاجة السوق العماني لهذه التطبيقات ، وبدأت أتعامل في تجارة الإلكترونية بشكل بسيط ومحدود.
ــ هل ترين علاقة بين الدراسة في الحاسب والإعلام ؟
دراسة الحاسب تعني التطبيقات والبرمجة، والأدوات التي أستخدمها في مجال الإعلام والذي هو وسيلة لتتحول من كونك متابعًا عاديًا إلى إعلامي محترف، فوجدت أن العلاقة بين المجالين تسير في خطين متلازمين؛ فالإعلام هو المحرك الدائم للتجدد، والتطبيقات هي من تساعده في الانتشار والوصول إلى أكبر شريحة ممكنة.
ماذا عن وسم؟
ــ كيف جاءت فكرة ” شركة وسم للإعلام الرقمي ” ؟ وهل تعكس ميولًا إعلامية لديك ؟
بدأت القصة منذ خمس سنوات،عندما قرأت تقريرًا بصحيفة “الإيكونومست” البريطانية بعنوان “من قتل الصحافة؟”، أفاد بأن الصحافة الورقية في مرحلة قلق من الصحافة الإلكترونية والتطور الهائل في التكنولوجيا، وتنبأ بأن عام 2043م سيشهد إصدار آخر صحيفة ورقية في أمريكا، أي خلال أقل من 30 عامًا ! فقلت في نفسي: ” كيف لبلد مثل أمريكا التي بها مايزيد على 1600 صحيفة أن تشهد انهيار صناعة كبيرة بسبب الإعلام الإلكتروني، فما هو الإعلام الإلكتروني الذي سيحطم إمبراطوريات إعلامية كانت سببًا في إشعال حروب عالمية ؟!”. بدأت أدرك أن هذا هو المسار الصحيح ، وأنني يجب أن أتعمق فيه، واستوعبه، وأتعرف على أبعاده، وكيف أتعلمه وأفهم تقنياته واستخدماته؟.
وفي نفس الوقت، كيف أحول هذه المعرفة إلى فرصة تجارية واعدة؛ لذا جاءت فكرة شركة “وسم” للإعلام الاجتماعي، فكنت أولى عمانية تدخل هذا المجال في سلطنة عمان.
ــ هل هناك حاجة ماسة للخدمات التي تقدمها ” وسم” ؟
الحاجة كبيرة بالفعل، فالإعلام الاجتماعي يشكل مستقبل كل مؤسسة تريد أن يكون لها عملاء ومتابعون، فلكل منها جمهور يتابع نشاطاتها، ومن حقه أن يفهم رسالتها، كما أنه المستقبل لأي مؤسسة تسعى للتأثير في الجمهور وفي سلوكياته، فكيف تستطيع اليوم أن تضع خططًا إعلامية وتسويقية لجمهور، وأنت لا تعرف سلوكياته وطريقة تعامله وثقافته ؟.
تتركز خدماتنا على فهم سلوكيات المستخدمين بتحليلها ، ثم فهمها؛ وبالتالي خلق حلول إعلامية للمؤسسات. وهذا النمط من العمل متخصص جدًا ، يجعل المؤسسات أكثر وعيًا بعملائها وكيف تؤثر فيهم، فكما سقطت الصحافة الورقية في العالم لكونها تخاطب الجمهورعلى أنه مستقبل فقط ، وكأنه (حوار الطرشان)؛ فينبغي بعد سقوط هذه المؤسسات أن تنهض مؤسسات أخرى كبيرة أكثر وعيًا وجاذبية وديناميكية مع المتغيرات. ونحن -“شركة وسم”- نعتقد أنفسنا مؤسسة صغيرة تستطيع العمل بمستوى تلك المؤسسات التي نشأت في هذه الفترة المهمة والحساسة.
إنجازات
ــ ما النجاح الذي تحقق حتى الآن ؟ وهل راضون عما تحقق من نجاحات ؟
نجحنا بفضل الله في تأسيس وتأهيل فريق عمل عماني كله من النساء، وقد تقلدت جائزة الإجادة للمرأة العمانية بجدارة ، وسعيدة بمتابعة تقدمي من خطوة لأخرى. أتخصص في الإعلام الاجتماعي -ولاسيما في تحليل سلوكيات المستخدمين- وهو تخصص ليس من السهل الوصول له وفهمه والبناء عليه. وعلى الرغم من التحديات الميدانية التي تواجهنا لكننا -ولله الحمد- لدينا مؤسسات حكومية داعمة تتميز بروحها الشبابية وتفهمها لتطلعات الشباب العماني، فصندوق رفد وهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (ريادة) كانا من أول المؤسسات التي دعمتني بتعزيز الخبرات وتدعيم النجاح.
ــ ما أهم عوامل هذا النجاح ؟
التركيز مهم لكل رائد أعمال حتى ينجح، كما يجب الاستفادة من تجارب و نصائح من بالسوق ، ويجب التركيز في تخصص واحد، والتحلي بالصبر، لأن المجتمع العربي عنيد، ولكنه حينما يفهمك، يتبنى كل ما تقول.
ــ من واقع خبرتك في وسائل التواصل الاجتماعي .. كيف لشباب رواد الأعمال الاستفادة منها في التسويق لمشروعاتهم ؟
الإعلام الاجتماعي يستند على عنصر مهم جدًا؛ وهو أنه مجاني، ولكن عندما تقرر خوضه عليك أن تعي: أي مسارٍ ستتخذ؟ وما طريقة العرض؟ وما لغة الخطاب؟ ومن الشريحة المستهدفة؟ وكيف أستهدفها؟ فهي مهارات يجب أن تتعلمها وتكتسبها من متخصص في الإعلام وفاهم معنى الرسالة الإعلامية ويفرق بين الإعلان والإعلام والتسويق.
ــ ما التحديات التي واجهتكم في تنفيذ المشروع ؟
أولها الفهم السائد بضرورة الالتحاق بوظيفة حكومية ثابتة، فالمجتمع الخليجي يحب الوظيفة بامتياز ويؤمن بها، و كل أفراد العائلة والأصدقاء ينصح بالوظيفة؛ ويجملها في عيونك؛ ولكنني قبلت التحدي رغم صعوبته، بدعم والدتي (أطال الله عمرها) التي احترمت رغبتي ووجهة نظري بأن أعمل ما أحب، وأن أصنع مستقبلي باختياري.
الثاني التحدي الميداني؛ فغياب المتخصص في الوزارت والشركات جعل هذه المؤسسات تحيل هذه المهمة إلى قسم ” تقنية المعلومات”، وبذلك حينما نجلس مع مسئولي هذا القسم نعاني من عدم قدرتهم على فهمنا لأنهم ليسوا إعلاميين ؛ ولا نستطيع نحن توصيل المعلومة لهم.
أما التحدي الثالث فيكمن في الخبراء الصغار؛ فكل من قرأ معلومة عن هذا العالم يتفلسف ويُنَظِّر بنظريات حسب قناعاته ، فأصبح الكل خبراء بلا دراسة أو وعي أو عمق، و حينما ألتقي مع هذا الصنف أكون بين المطرقة والسندان، وهذا هو أكبر تحدٍ نعيشه منذ سنوات، ولكننا لا نيأس ونكرر محاولاتنا، فمتعة ريادة الأعمال أنك في محاولات دائمة لا تنتهي.
ــ وكيف تتعاملين مع هذه التحديات ؟
مشكلتنا أننا لا نسمع بعضنا، ولا نرضى أن نكون في موقع (المتعلم). نريد دائمًا أن يكون لنا الغلبة و التميز وبدون عمق؛ ما يجعل مهمتنا صعبة، ولكن مع الوعي الدائم سيصل المجتمع إلى فهم نوعية الخدمات، وأن هذا المجال متخصص بامتياز، وليس لأنك مستخدم فأنت خبير، فأنت لن تخرج عن كونك مستخدمًا، حتى وإن كنت مؤثرًا في الوسيلة وفي الجمهور الذي يثق فيك، ولكنك غير متخصص فأنت تفهم شيئًا وتفتقد أشياء احترافية أخرى.
ــ أطلقتم مبادرة (ريادتك_هويتك ) ؛ فما الدافع من ورائها ؟
يعيش الشعب العماني حالة ثقافية معينة من خلال اعتزازه بتاريخه الطويل وما قرأه عن ( الإمبراطورية العمانية ) وأسطولها البحري، فدفعني حبي وتأثري بهذا التاريخ لاستلهام مبادرة أطلقتها في حسابات جائزة ريادة الأعمال التابع لهيئة “ريادة”، أسميتها “ريادتك_هويتك” ، وأصدرتها كذلك في كتاب مطبوع بنفس الاسم. ونالت هذه الحملة أصداءً عالية على كل المستويات؛ إذ استعرضت 120 شخصية عمانية: كيف صنعت نفسها في ظل ظروف صعبة كانت تعيشها المنطقة من تحديات وحروب؛ لأنها وثقت في نفسها وانطلقت للبحر وصنعت تاريخًا تجاريًا كبيرًا لابناء السلطنة على مدار الـ 400 سنة الماضية، وهؤلاء الأجداد الكرام هم من أستلهم منهم واقعي اليوم ، وأتمنى أن أكون خير خلف لخير سلف.
ــ كيف ترين حركة ريادة الأعمال في السلطنة ؟
ريادة الأعمال في السلطنة تتحرك بهدوء في الاتجاه الصحيح، وبدا نتاج الشباب العماني واضحًا على السطح للمتابع،وأصبح هناك اليوم آلاف المشاريع الشابة بسلطنة عمان، حصلوا على أنواع مختلفة من التمويل من مشاريع حكومية، وبدأ النشاط التجاري يتحرك، هذا النشاط يقابله تحديات سواء بسبب ثقافة المجتمع أو بسبب احتكار السوق من قبل العمالة الأجنبية من جهة، أو من خلال منافسة الشركات والمنتجات العالمية للتاجر الصغير المبتدئ داخل السلطنة؛ لذلك يحتاج رائد الأعمال إلى جرعة كبيرة من الثقة والتشجيع من المجتمع؛ حتى يستطيع تجاوز المرحلة الأولى .
ريادة الأعمال
ــ وما الذي تحتاجونه كشباب ؟
نحتاج الثقة والفرصة، فالشباب في السلطنة يواجه اليوم مشكلة انعدام الثقة؛ ومشكلة الجيل القديم الذي يرى أن حياته لا يمكن أن تسير بدون الورقة والقلم، ونحن نريد أن نتكلم معه عن ( إنترنت الأشياء ) فهناك فارق زمني ومعرفي وثقافي كبير بين الجيلين.
ــ أين تقف المرأة العمانية حاليا خاصة في مجال الاقتصاد وعالم الأعمال ؟
تعيش المرأة العمانية اليوم في أفضل فرصها الاقتصادية؛ فأصبح لديها القدرة التعليمية والمعرفية، ولدينا عمانيات متميزات في ريادة الأعمال، فزن على مستوى الوطن العربي بجوائز مرموقة.
ــ لكن لا تزال نسب إقبال المرأة العمانية و العربية عمومًا على ريادة الأعمال ضعيفا؛ بم تفسرين هذا ؟
بفعل المجتمع الرجولي ؛ فالمجتمع العربي جعل من المرأة العنصر رقم 2، وينظر لها نظرة فوقية؛ وليس باعتبارها عنصرًا متكافئًا مع الرجل، وهذه النظرة لها أبعاد اجتماعية و قبلية ودينية. ما نحتاجه هو أن تعزز المرأة من دور المرأة؛ فلاتكون هي من يطلق سهام تقليل الثقة في بنات جنسها. وما يبعث على الأمل، مانراه من تجارب حقيقية للمرأة العربية التي تخلصت من عقدتي المجتمع و الرجل، ووجدت لها مسارًا جديدًا وجميلًا ؛ لأن للمرأة العربية خصوصيتها التي تؤهلها لخوض غمار ريادة الأعمال.
ــ ما طموحاتكم المستقبلية ؟
طموحي في المستقبل بناء “مركز وسم لتحليل البيانات”؛ وهو مركز متكامل لتقنية المعلومات متخصص في تحليل البيانات وإعطاء تخصصية في رصد انطباعات الجمهور وتحليلها وإعطاء تخصصية احترافية في الحلول الإعلامية والذكاء العاطفي؛ حيث طورنا بإمكاناتنا المحدودة بعض البرامج التي نعتز بها.