خطت المملكة خطوات راسخة في عالم الفرنشايز؛ إذ يعج سوق العمل السعودي بنحو قصص 140 مشروع فرنشايز، أوجدت بدورها فرص أعمال كبيرة للشباب السعودي؛ وهو ما أكده محمد المعجل؛ رئيس لجنة الفرنشايز بغرفة الرياض، والذي سلط الضوء على هذا المجال، ومايواجهه من عوائق تؤثر على مستقبل صناعة الفرنشايز من خلال هذا الحوار..
حوار: محمد فتحي
من هو محمد المعجل في سطور؟
محمد إبراهيم المعجل، خريج اقتصاد من أمريكا، لي اهتمامات قوية بالفرنشايز منذ عام 1988م، وعضو في المنظمة الدولية للفرنشايز (IFA)، ومنذ ذلك الحين، أشكل حضورًا دائمًا لمؤتمر الفرنشايز في أمريكا.
كيف ترى أهمية الفرنشايز في خريطة الاقتصاد ؟
الفرنشايز( الامتياز التجاري) هو أحد أنماط البيزنس (الأعمال) الذي يمكن أن يعتمد عليه الاقتصاد الوطني؛ فهو عبارة عن منشآت صغيرة ومتوسطة؛ فالأصل في مشروع الفرنشايز أنه امتياز لشركة ذات سمعة جيدة، تتمتع بوضع مالي وإداري قوي، تمنح علامتها التجارية للآخرين بنظام الفرنشايز. وأي رائد أعمال يريد البدء في مشروعه خاص، أمامه خياران؛ إما أن يؤسس مشروعًا بنفسه، أو عبر نظام الفرنشايز.
وأكدت الدراسات العالمية أن من يبدأ مشروعه بنفسه يواجه فشلًا بنسبة 67% خلال السنوات الثلاث الأولى، مقابل نجاح بنسبة 94% لمن يبدأ بنظام الفرنشايز. ويكمن سبب النجاح، في الدعم الذي تقدمه الشركة المانحة للفرنشايز للممنوح؛ لأن الشركة الأم قوية ومتمكنة، بينما يواجه رائد الأعمال- الذي يبدأ مشروعه بنفسه- عدة معضلات؛ منها التسويق والإدارة، والتدريب.
لذلك، نرى أهمية الاهتمام بالفرنشايز كنمط من أنماط الاستثمار، خاصة وأنه يَلقى اهتمامًا أكبر من الجهات الممولة كالبنوك وصناديق التمويل؛ لأن المخاطرة في القرض متدنية جدًا لارتفاع نسبة النجاح؛ ما يساعد على انتشار ثقافة الفرنشايز، بينما تكون نسبة الفشل في المشاريع الريادية الأخرى عالية.
ويخضع تحت نظام الفرنشايز أكثر من 116 نشاطًا تجاريًا من مطاعم وفنادق ومقاولات واستشارات وغيرها.
فهل تنصح بالفرنشايز لرائد الأعمال؟
نعم، أنصح رائد الأعمال بأن يكون مانحًا للفرنشايز أو ممنوحًا، فحتى وإن بدأ مشروعه بنفسه، فإنه يجب أن يهييء نفسه لأن يكون مانحًا للفرنشايز، فمن مزايا مشاريع الفرنشايز تقليل عبء المتابعة والرقابة للجهات الحكومية؛ لأن الجهة المانحة تهتم بجودة منتجها وتراقب معايير جودتها بنفسها، كما تعمل مشاريع الفرنشايز على توسيع قاعدة الطبقة الوسطى؛ ما يمثل أمانًا للمجتمع.
تاريخ الفرنشايز في المملكة
ماذا عن تجربة الفرنشايز في المملكة؟
مر تاريخ الفرنشايز في المملكة بأربع مراحل حتى الآن:
– الأولى: في نهاية السبعينيات، عندما حصلت شركة “بن زقر” على حقوق الفرنشايز من شركتين عالميتين، هما “مطاعم ويمبي” و “مارتين ايزنغ” لغسيل الملابس، لتأتي مرحلة أكثر ازدهارًا لهذه التجربة، وهي مرحلة ما بعد حرب الخليج لتحرير الكويت عام 1991 م؛ إذ ارتفعت نسبة الحصول على الفرنشايز من الخارج حتى بلغ أكثر من 250 فرنشايز في السوق السعودي.
– الثانية: تمثلت في انطلاق الشركات السعودية بمنح امتيازاتها؛ إذ أطلقت “مجموعة فقيه” عام 1994م من مكة المكرمة مطاعم الطازج كأول شركة سعودية تمنح فرنشايز؛ حيث وصلت الى جاكرتا (إندونيسيا) شرقًا وشيكاغو ( أمريكا ) غربًا، ثم تلتها شركات سعودية أخرى بلغ عددها اليوم 22 شركة منها “كوب الذرة” التي وصل عدد امتيازاتها إلى 700 ممنوح امتياز في العديد من بلدان العالم، منها السويد شمال أوروبا.
– الثالثة: وهي مرحلة أكثر أهمية؛ حيث بدت الجهات المعنية تنظيم نشاط الفرنشايز على أسس علمية من خلال سن القوانين والتشريعات والإجراءات اللازمة.
– الرابعة: التعليم والتدريب على نظم وتطبيقات الفرنشايز، وأهمها عقود الفرنشايز وأدلة التشغيل، وأفضل التطبيقات.
لذلك أرى أن المملكة مرشحة لتصدير الفرنشايز بتوسع كبير، كما كان لها السبق في بداية التسعينيات من خلال “الطازج/ البيك”.
التطوير المستمر
برأيك.. ما سبب فشل بعض مشاريع الفرنشايز بالمملكة؟
فشل بعض مشاريع الفرنشايز يرجع إلى عدم وضوح الرؤية والتحضير الجيد ودراسة الجدوى، وهي عناصر أساسية في نجاح أي مشروع. فالتطوير المستمر لا غنى عنه لاسيما في حالة مشاريع التشغيل الناجحة؛ وذلك لمواكبة التغير المستمر الذي يطرأ على ظروف الأسواق العالمية، ومتطلبات الأسواق المحلية.
يشتكي بعض رواد الأعمال من تعنت بعض الجهات الممولة في تمويل مشاريع الفرنشايز ، فما السبيل لحل معضلة التمويل؟
القروض المالية “للفرنشايز” من أقل القروض مخاطرة لارتباطه بعلامة تجارية قائمة ومضمونة؛ لذا أطالب الجهات المُمولة للمنشآت الصغيرة -وعلى رأسها بنك التسليف- بإعطاء نظام الفرنشايز ما يستحقه من دعم وتمويل مالي وإداري.
غياب التشريعات
هناك سلبيات للتجربة في سوق العمل، فهل غياب التشريعات هو السبب ؟
نعم، فقد أفرز غياب النظام لدى الشارع التجاري خلطًا بين الوكالة التجارية والامتياز التجاري(الفرنشايز)، فالأخير سوف يصدر له تشريع خلال الفترة القليلة القادمة؛ إذ تعمل وزارة التجارة والاستثمار جاهدة على إعداده ، كما أن هناك اهتمامًا رسميًا به بصورة تختلف عن ذي قبل.
وبحسب مشاوراتنا مع بعض مسؤولي وزارة التجارة والاستثمار، فقد تم وضع خمس مواد في نظام الوكالات التجارية خاصة بنظام الفرنشايز، رغم أنه من المفترض أن تكون بنظام مستقل، لوجود اختلافات في جوهر النظام بين الفرنشايز والوكالة التجارية.
وأحذر من عدم قدرة تنظيم الفرنشايز على مواجهة أية عوائق متوقعة؛ فذلك يهدد نظام الفرنشايز ككل.
ثقافة الفرنشايز
هل ترى أن ثقافة الفرنشايز منتشرة في سوق العمل بالمملكة؟
جهل البعض بالفرنشايز أدى إلى وجود خلط بين الفرنشايز والوكالة التجارية، فهناك مثلًا تجار أعطوا ما كانوا يظنون أنه فرنشايز لأكثر من ممنوح وبضوابط تخالف شروط “الفرنشايز”. لهذا أتخوف من أن تستمر هذه الضبابية إلى ما بعد اعتماد النظام المرتقب؛ وهو ما قد يخلق ثغرات تعيق العمل بالأسلوب الصحيح، فهناك فمثلًا شروط وضوابط لعقود الفرنشايز في الولايات المتحدة الأمريكية لا تقل عن 70 صفحة ويصل بعضها إلى 400 صفحة، بينما لا تزيد هذه الضوابط لدينا عن 4 صفحات فقط.
قروض وتسهيلات
ما التحديات التي تواجه الفرنشايز بالمملكة ؟ وما الحلول؟
تتمثل التحديات في قلة الوعي بجدوى مشاريع الفرنشايز، سواء على مستوى المانح أو الممنوح، علاوة على أن الشركات التي يمكنها منح فرنشايز بالمملكة، لا تزال بعيدة عن جدوى وأهمية هذا النظام ودوره في تعزيز حضور اسمها التجاري. أضف إلى ذلك، أهمية الوعي بجدوى “الفرنشايز” سواء على مستوى المانح أو الممنوح أو صناديق التمويل وجهات الارتباط.
وأطالب الجهات الداعمة للمنشآت الصغيرة، بتوفير قروض وتسهيلات لمشاريع الفرنشايز، بمنحها امتيازات تشجيعية باعتبارها أقل خطورة عند تسديد القروض.
وأتمنى أن يكون في كل غرفة تجارية لجنة للفرنشايز تتولى نشر الوعي والثقافة بالفرنشايز في المجتمع المحلي حول الغرفة التجارية المعنية عن طريق المحاضرات، والندوات، والمؤتمرات، والملتقيات، والمعارض، مع عقد لقاءات مع الجامعات، وخاصة كليات إدارة الأعمال، وأن يكون هناك مسار للتخرج في تخصص الفرنشايز؛ لأنني أتوقع رواجًا كبيرًا لشركات الفرنشايز؛ وهو ما يتطلب شبابًا على دراية بهذا النمط الاقتصادي القوي.
دعامة للاقتصاد الوطني
إلى أي مدى يمكن أن تشكل مشاريع الفرنشايز دعامة للاقتصاد الوطني؟
للفرنشايز خصائص وطنية تستدعي تحفيز وتشجيع الدخول فيه، خاصة وأن غالب المشاريع التي تقوم على الفرنشايز تكون منشآت صغيرة، وتلك تمثل دعامة لا يستهان بها في الاقتصاد، باعتبار أن أكثر من 80% من الاقتصاد يتركز في المنشآت الصغيرة. ونحن لا نطلب أن تتحول كل المنشآت لنظام الفرنشايز، لكن يمكن اعتبار النظام داعمًا لمسيرة هذه الشريحة العريضة من المنشآت.
وأرى أهمية الفرنشايز للطبقة الوسطى التي تتلاشى أمام الطبقة العليا أو الدنيا، فالولايات المتحدة الأمريكية تعطي الفرنشايز اهتمامًا استثنائيًا من خلال هيئة خاصة داخل الكونجرس تتولى شؤونه؛ لعلمها بأهمية هذا النظام في تعزيز حضور الطبقة الوسطى والتقليل من البطالة ورفع مستوى المعيشة. ولذلك لا تهتز الطبقة الوسطى لديهم حتى عند حدوث أعتى الهزات الاقتصادية.
ما آخر إحصائية لمشاريع الفرنشايز بالمملكة، وكيف ترى مستقبل هذا النمط الاقتصادي بالمملكة؟
تشير آخر الأرقام إلى أن عدد الشركات المانحة بالمملكة يبلغ حوالي 140شركة. مشاريع “الفرنشايز” لا زالت تسجل في كثير من الأحيان باسم “المانح”، والمفترض أن يسجل كنشاط مستقل باسم “الممنوح”، وفي بعض الأحيان يكون المشروع باسم الشركة المانحة؛ لعدم سهولة التسجيل، كما أن بعض المكاتب الرسمية تتعامل معك كمانح وليس كممنوح، لكن بعض فروع البلديات بدأت تتفهم طبيعة هذا النشاط.