رؤية 2030 تحمل فرصًا واعدة للاستثمار في السياحة والعقارات
نقص العمالة الماهرة معضلة تتطلب حلولًا عبقرية
أسست مكتبين للعقارات والسيارات ثم تخصصت في المقاولات
أرفع شعار”الاستثمار الآمن” في كل عمل أقوم به
افتتحت أربع ورش للجبس والرخام والخشب والحديد
حاوره: حسين الناظر
بعد حصوله على بكالوريوس الإدارة من جامعة الملك سعود، ثم ماجستير الإدارة من جامعة “كامبردج “، عمل محمد الشهري موظفًا بالقوات الجوية، لكن بالرغم من أن آلاف الشباب يحلمون بمثل هذه الوظيفة، لكن ظل العمل الحر يراوده ويشغل فكره، فاتخذ قرارًا جريئًا بالمغامرة بوظيفته المرموقة؛ ليبدأ رحلته مع ريادة الأعمال، فجرَّب أكثر من عمل ومشروع صغير؛ حتى استقر على تأسيس شركة “الثابتي” للمقاولات والتجارة .. فكيف كانت تجربة الشهري؟..
ــ كيف بدأت العمل الحر ؟
بدأت في سن مبكرة كنت أهوى العمل والاعتماد على النفس، فبدأت بالتجارة بافتتاح متجر بسيط لبيع الخضروات ، ثم أسست محلًا لتجارة السيارات ، وآخر لبيع العقارات، قبل أن أعمل بوظيفة حكومية مرموقة.
ــ ولمَ قرارك بترك الوظيفة الحكومية ؟
الحمد لله، وفقت في خدمة وطني طوال المدة التي عملت بها بالقوات الجوية إلى أن تقاعدت، فالوظيفة أيًّا كانت فهي قيْد وأسْر، وهذا ضد طبيعتي، فكان تفكيري في العمل خارج الإطار الوظيفي يشغل حيزًا كبيرًا من وقتي. كنت أتابع الأصدقاء الذين كانوا يحققون النجاح تلو الآخر في ميادين التجارة والصناعة والزراعة والتكنولوجيا وغيرها ، وكنت أشعر بأنني واحد منهم ، وأن مكاني الطبيعي حيث يقفون .
ــ وكيف كانت الانطلاقة ؟
كانت البداية بتأسيس مكتب للعقارات، ثم جرَّبت فتح مكتب لبيع السيارات، ثم فطنت إلى أن التركيز في مجال واحد، والتخصص فيه، بعد دراسته دراسة وافية و متخصصة من خلال دراسة جدوى ودراسة سوقية، وإتقانه تمامًا، هو الأجدى؛ لذا تخصصت في مجال المقاولات؛ حيث وجدت أن هناك فرصًا كبيرة واحتياجًا في مجال المقاولات، خاصة في أعمال الهدم والترميم والسكراب؛ لذلك قررت الاستثمار والعمل فيها ، فضلًا عن أعمال التشطيبات وفنون الديكور. وبفضل الله عز وجل ، وفقت إلى حد كبير، وحققت مؤسسة “الثابتي للمقاولات” نجاحًا، دفعني إلى مزيد من العمل والإصرار على تحقيق المزيد .
ــ ولماذا صناعة الديكور ؟
فن الديكور هوايتي المحببة، وهو مرتبط بقيم جميلة، وله قواعد وأسس شديدة الخصوصية، كما ينمي الذوق الرفيع والحس المرهف، وقد قادني هذا إلى افتتاح أربع ورش لصناعة الديكورات من فرم الجبس والرخام والخشب والحديد وغيرها .
وما الصعوبات التي واجهتك ؟
كانت ولاتزال أكبر العقبات في الحصول على عمالة مدربة ، فضلًا عن صعوبة استقدام عمالة متخصصة جديدة في أغلب مجالات المقاولات؛ لذا استعنت بالعمالة ذات الخبرة بالمملكة وقمت بنقل كفالات البعض لهذا الغرض.
ــ ولماذا اتجهت للتجارة ؟
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن تسعة أعشار الرزق في التجارة”، وبالرغم من أن الحديث ضعيف، لكنها حقيقة مجربة فاللتجارة فوائد كثيرة، أهمها سرعة تدوير رأس المال، وزيادة الطلب؛ لذا اتجهت للتجارة، فبدأت ببعض المتاجر الصغيرة، ثم اتجهت لتجارة العقارات، ثم الاستثمار العقاري والمقاولات.
ــ هل استفدت من دراستك للإدارة ؟ وكيف انعكس هذا على العمل ؟
بالطبع الإدارة الناجحة والذكية من أهم ركائز النجاح، خاصة وأنها أصبحت علمًا واسعًا واحترافًا. وأنت كصاحب عمل ينبغي أن تكون متسلحًا بهذا العلم لتحقيق النجاح والتغلب على المشكلات التي قد تواجهك. وقد انعكسا دراستي لهذا العلم بالفعل على الأداء، من إدارة فريق العمل وتحفيزه والحصول منه على أكبر إنتاجية ، والتسويق والعلاقات العامة وغيرها.
ــ ولماذا اتجهت لدراسة القانون ؟
القانون مرتبط ارتباطًا وثيقًا بمجال الاستثمار العقاري ، فلا تتم عملية بيع وشراء لأرض أو عقار أو شقة سكنية أو متاجر إلا بتحرير عقود قانونية سليمة وموثقة. ومعظم المشكلات التي تواجهنا في مجالنا، ناتجة عن جهل قانوني أو الوقوع في براثن منعدمي الضمائر وعمليات النصب، فدراسة القانون والوعي به تجعلك آمنًا وبعيدًا عن المشكلات. وأنا في كل عمل أرفع شعار” الاستثمار الآمن ” ولا أدخل في أي عملية إلا في إطار تام من الصحة، وذلك حتى نؤمن عملاءنا ونحفظ لهم حقوقهم كاملة، ونجنبهم الأخطار، ونحافظ على الأموال والجهد والوقت المستنزف نتيجة الوقوع في مشكلات مثل هذه.
كيف ترى الاستثمار في قطاع العقارات والمقاولات بالمملكة ؟
حجم العمل في السوق العقاري والمقاولات في المملكة مبشر جدًا، و كبير جدًا، أكبر من أن تغطيه العمالة الموجودة في المملكة، بل يمكن أن يستوعب عددًا كبيرًا من العمالة العربية، وله مستقبل واعد. وأدعو الشباب السعودي للاستثمار في مجال التجارة، وتأسيس شركات مقاولات وتجارة، سواء في مجال البناء، أو تطوير وإزالة المباني القديمة وإعادة تطويرها وبنائها.
ـ الشباب السعودي لا يزال حلمه الأول الوظيفة المكتبية والراتب الأكبر.. كيف ترى هذه المشكلة ؟ وإلى أي مدى تغيرت ؟
لعل هذا كان موجودًا من قبل، لكن الأمور تغيرت الآن؛ إذ أصبح الشباب يركز على العمل الحر الذي يحقق طموحه من حيث المكاسب الكبيرة والمكانة المميزة. وهناك كثير من الموظفين أسسوا مؤسسات صغيرة ، وتقاعدوا مبكرًا من وظائفهم لإدارة مشروعاتهم، وهذا ما أهمس به في أذن الشباب بأن يحاولوا ويجربوا مرة وأخرى، وسيكون النجاح حليفهم .
ـ وبم تفسر عدم إقبال الشباب على المشروعات والوظائف الحرفية والمهنية ؟
هذه مشكلة موجودة لأسباب كثيرة أهمها المجتمع الذي لايقبل العمل بهذه المهن، التي ينظر إليها الكثيرون نظرة دونية رغم أنها عمل شريف ، كما أن الإعلام لايزال يكرس لهذا الأمر.
ـ وكيف نتغلب على هذه المعضلات ؟
يجب أن يكون هناك دعم من الدولة لأصحاب المهن، مع تشجيع الشباب على العمل بهذه المهن ، وليكن بتخصيص راتب للشاب الذي يمتهن مهنة حرة من باب التشجيع؛ بالإضافة إلى ما يجنيه من عمله. وبالطبع هناك مجهودات مشكورة كثيرة تبذلها المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وغيرها، لكن يجب التوسع في توفير التدريب التحويلي والمهني.
وأتمنى عودة و استمرار الأنشطة المدرسية التي تركز على إكساب النشء مهارات مهنية وحرفية، وتقرب العمل المهني للأطفال وتحببهم فيه، كما يجب على الإعلام أن يقوم بدوره في التوعية وتغيير نظرة المجتمع لأصحاب المهن ، فالعمل اليدوي مهنة الرسل والأنبياء، كما أن جدودنا الأوائل امتهنوا حرف الحدادة والنجارة والرعي والزراعة. وأتعجب من كون السوق السعودي كبيرًا، ويحفل بفرص كثيرة ورغم ذلك نعاني من البطالة.
ــ كيف ترى” رؤية 2030 ” ؟
أرى أن المستقبل من الآن يحمل فرصًا هائلة للمستثمرين ورواد الأعمال، خاصة في المجال الصناعي والتعدين والتكنولوجيا والسياحة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهي فرصة جيدة للجميع للاستثمار وإنشاء مشاريع جديدة وشركات ناشئة. وعلى رواد الأعمال والمستثمرين تهيئة أنفسهم من الآن لاستغلال الفرص المتاحة، والمساهمة في حركة التنمية وإنجاح الرؤية التي تحمل في طياتها عوامل نجاحها.
ما أهم ما لفت نظركم في “رؤية 2030” ؟
أرى أنها ستحدث تغييرًا جذريًا في المملكة، وسيستفيد منها كافة القطاعات؛ حيث تشهد المملكة طفرات كبيرة في المجال العقاري وإنشاء مدن جديدة وتوسعات كثيرة تحمل عددًا لا محدود من الفرص الاستثمارية للشباب والكبار، كما أن التركيز على القطاع السياحي مهم جدًا، ويحمل فرصًا واعدة لاستغلال الأماكن والمواقع السياحية التي تحفل بها المملكة، خاصة في المنطقة الجنوبية في جيزان وأبها والساحل الغربي للمملكة. كذلك، فإن المناطق بداية من الطائف وظهران بطول 500 كم تمتلئ بالمناطق الجبلية الممطرة والمخضرة والمناظر الطبيعية الخلابة والسواحل الممتدة على البحر الأحمر بطول 2000 كم ، و هي فرص للاستثمار في إنشاء القرى السياحية والفنادق والمطاعم والكافيهات والمشاريع السياحية المتنوعة.
ما نصيحتك لشباب رواد الأعمال ؟
التحلي بأدوات النجاح من الإصرار والعزيمة والصبر مع العلم والتخطيط السليم، و مصاحبة أهل الخبرة والتجربة والاستعانة بهم، خاصة من ذاق منهم مرارة الفشل؛ لأنه سيدلهم على أسباب الفشل ليتجنبوها ، فليس من الصائب مصاحبة الناجحين فقط.