لقد حققت المملكة خطوات كبيرة وملموسة في الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها، خاصةً الهادفة إلى تحسين بيئة الأعمال، وتلك الهيكلية المتعلقة بتحقيق توازن في ميزانية المملكة، وتحسن النمو الكلي الإجمالي للناتج المحلي في الأجل المتوسط؛ ما دفع مؤسسة موديز للتصنيف الإئتماني إلى تصنيف السعودية عند A1″ “، مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وكذلك، رفعت “موديز” توقعاتها لحجم نمو إجمالي الناتج المحلي السعودي للعام المالي (2018 / 2019) ليصبح (2.5– 2.7 %) بدلًا من التوقعات السابقة (1.3– 1.5 %) عن الفترة نفسها التي تم تسجيلها في أبريل الماضي؛ لتتجاوز توقعاتها الإيجابية توقعات حكومة المملكة التي أعلنتها في البيان التمهيدي لإعلان الميزانية لعام 2019.
وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسة موديز ( Moody’s Corporation) هي شركة قابضة، أسسها جون مودي في عام 1909، تقدم خدمات للمستثمرين، وتقوم بعمل دراسات وأبحاث اقتصادية وتحليلات مالية، وتقييم للمؤسسات الخاصة والحكومية، من حيث القوة المالية والائتمانية، كما تسيطر على نحو 40% من سوق تقييم القدرة الائتمانية على مستوى العالم.
وهناك سؤال يطرح نفسه: ماذا يعني تصنيف مؤسسة موديز للمملكة السعودية عند A1″”؟.
تصنف موديز الالتزامات ذات التصنيف A-سواء (A1, A2،A3)- بأنها ذات مستوى ائتماني متوسط، وصولًا إلى المستوى المرتفع؛ أي إنها تكون معرضة لدرجة منخفضة من المخاطر، ولكن مع مرور الوقت- في ظل ظروف معينة- قد تتعرض لدرجة من الضعف على المدى الطويل.
مبررات موديز في رفع توقعاتها
توقعت مؤسسة “موديز” -في مراجعتها الأخيرة للاقتصاد السعودي- تعزيز ارتفاع أسعار النفط الحالية لنمو الاقتصاد السعودي، بالإضافة إلى تطور نمو القطاعات الأخرى غير النفطية، بما يُسهم في رفع النمو لإجمالي الناتج المحلي، وخطط التنوع في الاقتصاد، دون الاعتماد على النفط الذي يُسهِم في رفع النمو على الأجلين المتوسط والطويل، كما ستشهد توقعات خفض الدين تحسنًا ملحوظًا خلال الفترة المقبلة؛ حيث ستظل مستويات الدين أقل من 25 % من إجمالي الناتج المحلي على المدى المتوسط.
التخطيط الحكومي
ويُعَد نشر البيان التمهيدي لإعلان ميزانية المملكة السعودية لعام 2019، دافعًا لمؤسسة موديز إلى مراجعة وتعديل توقعاتها المالية بشأن عجز الميزانية؛ إذ غيرت توقعاتها لحجم العجز الحكومي من إجمالي الناتج المحلي (2018 / 2019) إلى( 3.5 %- 3.6 %)، بعد أن كانت توقعاتها السابقة عن الفترة نفسها ( 5.2 %– 5.8 %)؛ ما يعد دليلًا على حسن التخطيط الحكومي، ونجاح الإدارة في المملكة؛ لأن حجم النفقات هذا العام يتماشى مع ما خُطِّط له سابقًا في الميزانية.
أسباب النجاح
ولعل من أهم أسباب هذا النجاح مايلي :
1. ضبط مستويات الإنفاق طوال العام عن طريق التخطيط السليم والرقابة والضبط.
2. تحصيل الإيرادات غير النفطية؛ إذ شهدت الإيرادات غير النفطية خلال النصف الأول من هذا العام ارتفاعًا غير مسبوق بنحو 43 %، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي؛ نتيجة زيادة متوسط أسعار النفط بنحو 37 %، وتضاعف إيرادات الضرائب على السلع والخدمات بنحو ثلاثة أضعاف.
أعلى نسبة نمو
لقد بات من الواضح أن برامج الإصلاح الاقتصادي في المملكة تلعب دورًا كبيرًا في تحقيق أعلى نسبة نمو، خاصةً وأن النظرة المستقرة تشير إلى أن المخاطر على التصنيف الائتماني متوازنة بشكل عام، بحيث يمكن حدوث تحسن مع مرور الوقت، والوصول إلى مستوى تصنيفي أعلى، من جانب.
ومن جانب آخر، لن تواجه الحكومة عجزًا ماليًا، ولاسيَّما في ظل إمكانية اللجوء إلى الحصول على مصادر تمويل من أسواق المال، سواء المحلية أو الدولية، علاوة على وجود مؤشرات تؤكد على أن الإصلاحات في بيئة الأعمال التجارية، تتيح تحقيق مسار نمو مستدام وشامل، يمكنه تحسين القدرة التنافسية للسعودية.