منذ أن ظهرت خدمة UBER لسيارات الأجرة المخفضةِ ، تراجع سوق سائقي سيارات الأجرة؛ ما يتطلب تدخل القائمين على الأمر بالسماح لـUBER بالعمل بموجِب لوائحَ أكثر صرامة؛ لضمان ألا تؤثر بالسلب على عمل سائقي الأجرة؛ وذلك بإيجاد فرص متكافئة للطرفين.
ولعل المصطلح الحديث؛ وهو “المنصات التشاركية” والتي تربِط الراغبينَ في تقاسم الأصول عبر الإنترنت، وفرت كثيرًا من التكلفة على العملاء، لكنها أثرت من ناحية أخرى بالسلب على الاقتصاد ككل. فعلى سبيل المثال ، بدلاً من شرائي مثقبًا كهربائيًا أحتاجه لمدة 15 دقيقة فقط ، يمكنني استئجار واحد من شخص آخر يملكه وقد لا يستعمله؛ وهو مايوفر كثيرًا من أموالك، لكنه يؤثر بالسلب على الاقتصاد التقليدي؛ لأن الشركات المصنّعة للمثاقب ستنخفض أرباحها بسبب تراجع الطلب، بل وربما تخرج من السوق.
ويمكن القول إن التكاليف والفوائد المرتبطة بـ “المنصات التشاركية” تعتمد على نماذج الأعمال في تلك المنطقة، فـ UBER واحدة من الشركات الناشئة الأسرع نموًا في العالم، لكن نجاحها أدى إلى مظاهرات حاشدة من قبل سائقي سيارات الأجرة؛ الأمر الذي جعل المحاكمُ تحظر أو تقيّد خدماتِ UBER تحت ذريعة المنافسة ٍغير العادلة مع سيارات الأجرة العادية، بينما هناك منصاتٍ إلكترونية أخرى مثلLyft وٍSidecar توفر خدمات تشارك سيارات الأجرة عبر نماذج تجارية مشابهة، لكن UBER صارت محور النقاش نظرًا لحجمها، ومعدلات النمو السريع التي تحققها في جميع أنحاء العالم.
في شهر ديسمبر 2015، بلغت قيمة UBER 68 مليار دولار؛ وذلك بعد ستّ سنواتٍ فقط من بدء عملها؛ لتتجاوز شركاتٍ عمرها 100 عام مثل جنرال موتورز وفورد، فضلًا عن تلك “التقليدية” في مجال النقل مثل Hertzو Avis .
فماذا فعلت UBER لكي تصل إلى هذا النجاح؟:
- تربط السائقين( أصحاب سيارات الأجرة) مع الركاب عبر الإنترنت؛ فيقوم الركاب المحتملون بتنصيبِ تطبيق UBER على هواتفهم الذكية؛ حيث يتيح لهم طلب أقرب سيارة متاحة في المنطقة.
- لا تمتلك سياراتٍ خاصة، بل تسجل السائقين الراغبين في توفير خدمة خاصة للركاب؛ حيث تمرّر لهم طلباتِ الركوب مباشرة.
- تحدد تسعيرة الركوب للنقلة الواحدة، وتَحدّث المعاملات المالية من خلالِ منصةٍ على الإنترنت: 70-80٪ من كل أجرة يذهب إلى السائق فيما تحتفظ UBER بالباقي لنفسها.
- منصة UBERعلى الإنترنت سهلة الاستخدام، وتسعيراتها أقل من تسعيرة سيارات الأجرة العادية.
- UBER أرخص دائمًا، حتى مع استبعاد مبلغ إكرامية سائق سيارة الأجرة، كما هو مبين في الجداول رقم 1 و 2.
* ملاحظة: يقوم نظام جهاز Silverstein/ 2014 بحساب تسعيرة رحلة طولها 5 أميال ومدتها 10 دقائق بسرعةِ مَركبةٍ تُحدد بـ 30ميلًا في الساعة، مع عدم وجود وقتٍ للانتظار. الجدوَلان 1 و 2 يمثلان تقديراتِ خط الأساس، دون “التسعير الزائد” في الولايات المتحدة الأمريكية:
- نموذج تسعير UBER متغير باستمرار؛ وذلك لإحداث توازن بين العرض والطلب، فإذا كان هناك ارتفاعٌ في الطلبِ على التوصيلات في مقابل عددٍ قليل من السائقين ( كما هو شائع في عطَلة نهاية الأسبوع أو العطلات الوطنية)، تم رفع التسعيرة؛ الأمر الذي يحفّز مزيدًا من السائقين على العمل، ويقلّل من عدد من الركاب؛ لأن البعض يفضّل استعمال وسائط نقل أخرى؛ مثل سيارات الأجرة العادية، إذا كانت تسعيرة UBER مرتفعة.
- يقوم التطبيقُ بإعلام الزبائنِ عند تنفيذ “التسعير الزائد” ، وقيمة الزيادة في الأجرة.
ومع ذلك، فإن خوارزمية تسعير UBER أثارت مخاوف البعض، بشأن ما إذا كانت تسهّل التواطؤ الضِمني بين السائقين؛ حيث يشير البعض إلى أنه عندما يتفق المتنافسون (السائقون) على هيكلية تسعير معينة- بدلاً من التنافس ضد بعضهم البعض- فقد يوصف هذا بأنه تحديدٌ للأسعار.
علاوة على ذلك، فإن نظام تسعير UBER يعتمد في بعض المدن، على سرعة القيادة، فسيارات الأجرة العادية تحتسب الأجرة بالمِيل الواحد عند السير، وبالدقيقة عند الوقوف والانتظار، بينما تحتسب UBER الأجرة بالمِيل، وبالدقيقة بغض النظر عما إذا كانت المركبة تسير أو في حالة تسكّع؛ وبهذا تنخفض تسعيرة UBER مع ازدياد السرعة؛ لأنها تحتسب الأجرة في وقتٍ واحدٍ للمسافة بالميل ولمدة الرحلة. وبناء عليه، قد تصبح سيارات الأجرة خيارًا أكثر جاذبية في أوقات الذُروة؛ لأنها متوفرة و سهلة المنال.
وبالمقارنة مع سيارات الأجرة العادية، تتميزUBER بمزايا أبعد من الأسعار المخفضة:
- يمكن للركاب طلب السيارة من خلال تطبيق UBER على الإنترنت، ومشاهدة السيارة قادمة نحو مكان تواجدهم، عِوضًا عن الانتظار في الشوارع، أو استدعاء خدمة سيارات الأجرة.
- إجراء المعاملات إلكترونيًا؛ ما يتيح للركاب السفر بدون حمل نقود أو بطاقات ائتمان.
- تحقق الركاب من ملف شخصية السائق قبل اختيارهم له، وإمكانية تقييمه بعد انتهاء الرحلة؛ ما يشعر الركاب بأنهم أكثر أمانًا من دخول سيارة سائقٍ غريبٍ عنهم، فإذا كان متوسط تصنيف السائق منخفضًا ، فيَتمّ الاستغناء عنه.
تأثير UBERعلى مهنة النقل بسيارات الأجرة
تسبب نجاحُ UBER في الإضرار بصناعة النقل فيما يتعلق بسيارات الأجرة التقليدية؛ حيث تُحدد الأسعار، مع وجوب شراء تراخيص السيارات الأجرة لمزاولة العمل؛ إذ لا يتم إصدار هذه التراخيص إلا نادرًا. وقد أصبحت أكثر قيمة مع تزايد النمو السكاني في المناطق المتحضرة، ففي المدن الأمريكية الكبرى كان سعر الترخيص (قبل دخول UBER) يتراوح ما بين 350 ألف دولار و مليون دولار، بينما في باريس، كانت تكلفة الترخيص تبلغ نحو 240 ألف يورو.
وقد أدى ظهور UBER إلى انخفاضٍ حادٍ في قيمة تلك التراخيص؛ لأن سائقي UBER لا يحتاجون إلى تراخيص للعمل في السوق، في الوقت الذي عجز فيه سائقو سيارات الأجرة عن بيع تراخيصهم كما هو متوقع. وعلى ذلك،انخفض سعر التراخيص الفردية في نيويورك من مليون دولار في عام 2013 إلى 800 ألف دولار في عام 2015، كما انخفضت في شيكاغو بنسبة 33.3٪.
وتختلف القيود على عدد تراخيص سيارات الأجرة المتاحة بين جميع أنحاء العالم، ففي نيويورك هناك 13.5 سيارة أجرة ( بما في ذلك مركبات التأجير الخاصة) لكل 1000 نسمة، مقابل 10.8 سيارة أجرة في لندن ، و 7.8 سيارة أجرة في ستوكهولم ،و 3.4 في باريس. كذلك، قد يتأثر عدد التراخيص الصادرة بسبب جماعات الضغط القوية ( Lobbies ) العاملة في هذا المجال أو المستفيدة منه، والتي تستهدف حواجز الدخول العالية، كما هو الحال في باريس وبروكسل.
إن دخول UBER في السوق قلّل تدريجيًا من الطلب على سيارات الأجرة التقليدية، فانخفض عدد رحلات سيارات الأجرة التقليدية في نيويورك بنسبة 8٪ بين عامي 2012 و 2014 ( بِحسبِ Wallsten2015). و كان الاتجاه أكثر حِدّة بكثير في سان فرانسيسكو؛ حيث تم الإحجام عن استخدام سيارات الأجرة بنسبة 65٪ في غضون سنتين فقط من دخول UBER.
وفي المقابل، انخفض عدد الشكاوى المقدّمة المتعلّقة بركوب سيارات الأجرة في نيويورك بعد دخول UBER في السوق (Wallsten، عام 2015؛ ما يشير إلى أن سيارات الأجرة غير القادرة على الاستجابة لدخول UBERعن طريق تخفيض نُظُم تسعيرها، قد رَدّت عبر تحسين خدماتها).